متفرّقات
04 حزيران 2021, 05:27

الحرية للجميع على دراجات هوائية

الأمم المتّحدة
غالبًا ما يضطر كبار السن إلى العدول عن فكرة ركوب الدراجات الهوائية، وذلك بسبب الخوف من التّعرّض للإصابة، إلا أنّ منظّمة ’ركوب الدراجات بخلاف العمر‘ -وهي مبادرة بدأتها الدانمرك- تسمح لكبار السن باستعادة القدرة على الحركة، والتمتع بركوب الدراجات الهوائية بأمان.

وتدعم الأمم المتحدة استخدام الدراجة الهوائية، التي تعتبر وسيلة نقل بسيطة ونظيفة وأسعارها معقولة، كل عام من خلال الاحتفال باليوم العالمي للدراجات الهوائية في 3 حزيران/يونيه.

ولكن، مع التقدم بالسن، تبدأ أعيننا وأرجلنا وحالتنا البدنية العامة في الحد من قدرتنا على قيادة الدراجة الهوائية. ويتوقف كبار السن، على مضض في كثير من الأحيان، عن ركوب الدراجات خوفًا من التّعرّض للإصابة، والتّخلّي عن فكرة التّمتّع بالحرّيّة والفرح اللذين يجلبهما ركوب الدراجات الهوائية. فكيف يمكننا تشجيع كبار السن على ركوب دراجاتهم الهوائية مرة أخرى، بالرغم من محدودية حركتهم؟

 

ركوب الدراجة يغير الحياة

يذهب أولي كاسو إلى عمله بواسطة الدراجة الهوائية، كغيره من الكثيرين من الدانمركيين. وعند مروره بجانب دار لرعاية المسنين، لاحظ وجود رجل مسن برفقة مساعده، وهما ينظران إلى المارّة. اسمه ثوركيلد. وتساءل السيد كاسو في نفسه عن مدى افتقاد هؤلاء الأشخاص من ذوي القدرة المحدودة على الحركة، للحرية التي يجلبها ركوب الدراجات؟

قرّر السيد كاسو استئجار عربة يد وتوجه بها إلى دار المسنين على أمل أن يركب معه أحد المقيمين. جيرترود كانت أول راكب معه، وطلبت منه الذهاب إلى منطقة لانجليني في كوبنهاغن. فقد كان مكانًا خاصًّا لها؛ لقد هاجرت إلى غرينلاند بعد الحرب العالمية الثانية وكان ذلك المكان هو الذي اعتادت السفن القادمة من غرينلاند أن ترسو به. وسردت له كل التفاصيل وما حدث معها على مدار ساعة. فقد كانت التجربة مثيرة لكل من السائق والراكب. في اليوم التالي، اتصل مدير دار رعاية المسنين بالسيد كاسو وسأله عما قام به، وأضاف سريعًا أن جميع المقيمين الآخرين يرغبون بجولة في العربة أيضًا.

تواصل السيد كاسو مع دورثي بيدرسن، الذي يعمل كمستشار للمجتمع المدني من مدينة كوبنهاغن، وأثار اهتمامه بالفكرة وقاما بشراء خمس عربات هوائية للركوب.  

تمّ تجهيز العربات الجديدة، كما تمّت دعوة عدد من السائقين المتطوعين حيث قاموا بأخذ عشرة أشخاص من دور رعاية المسنين بجولة. وتسجل 30 متطوعًا جديدًا بحلول اليوم التالي. وسرعان ما أبدت مدن أخرى في الدانمرك رغبتها بالمشاركة واستمرّت الفكرة في النمو منذ ذلك الحين. واليوم، انتشرت منظّمة ’ركوب الدراجات بخلاف العمر‘ عبر 50 دولة حول العالم، وأصبح لها أكثر من 2500 فرع.

 

محاربة التفرقة العمرية

"الدراجة الهوائية هي عامل توازن، عبر الأجيال، وتتجاوز الحدود الاجتماعية، والبلدان، كما أنها أداة رائعة لخلق علاقات بين الأجيال"، هذا ما قاله السيد كاسو.

من بين أهداف منظمة ركوب الدراجات الهوائية بدون تحديد للعمر هو الحرص على تحدّي التمييز على أساس كبار السن، والتمييز على أساس عمر الشخص. كما أنها تقوم بذلك من خلال خلق علاقات بين الأجيال، وبين السائقين والركاب، وموظفي دور الرعاية وأفراد الأسرة.

"فالعلاقات مهمة جدًّا بحيث يجب تكريسها كحق من حقوق الإنسان، والحق في الارتباط. وعندئذ، لن نبني المدن والمجتمعات بطرق تمنع الناس من تكوين علاقات".

وتساعد العلاقات في بناء الثقة وخلق السعادة وتحسين نوعية الحياة. إنها أساسية للحفاظ على قصص الأجيال الأكبر سنًّا التي لولا ذلك ستنسى. ويتفاعل السائقون المتطوعون مع ركابهم، ويستمعون إلى قصصهم وبدورهم يشاركون تلك القصص مع أصدقائهم وعائلاتهم، مما يضمن بقاءها عبر الزمن.

أظهرت هذه المنظمة كيف يمكن لركوب الدراجة الهوائية البسيط أن يكون له تأثيرات عميقة على حياة كبار السن ذوي القدرة المحدودة على الحركة. وكانت هناك ردود فعل وتعليقات وردت من دور رعاية المسنين، فمن بين هؤلاء المسنين من لم يتحدث منذ سنوات، وتمكنوا الآن من التحدث إلى جيرانهم ومشاركتهم بمغامرات ركوب الدراجات الهوائية، كما أن المعنويات في دور الرعاية ارتفعت نتيجة ركوب الدراجات الهوائية. وأما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من إعاقات بصرية، فكان الشعور بالرياح وهي تتخلّل شعرهم ممتعًا، إلى جانب شم الروائح وسماع الأصوات المختلفة.

يعتقد أعضاء منظمة ’ركوب الدراجات بخلاف العمر‘ أن الحياة في دار رعاية المسنين يجب أن تكون مكانًا للفرح والانتقال المستمر، ويشجعون الجميع على دعوة جار مسن، أو أي شخص غريب، في رحلة حول المدينة لرؤية المناظر الطبيعية، فمن خلال ذلك سيساعدون في خلق حياة أفضل لهم.

يتمحور هدف منظمة ’ركوب الدراجات بخلاف العمر‘ حول تحسين رفاهية كبار السن من خلال إعادتهم إلى ركوب الدراجات الهوائية.

وتلعب هذه المنظمة دورًا نشطًا في تعزيز أهداف التنمية المستدامة، مع إيلاء اهتمام خاص بالأهداف 3 و 10 و 11 بشأن الصحة الجيدة والرفاهية، والحد من عدم المساواة، والمدن والمجتمعات المستدامة.