الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة أحيت ذكرى البابا فرنسيس
وفي تفاصيل المداخلة، وبحسب ما نشر موقع "فاتيكان نيوز"، "استهلّ الدّبلوماسيّ الفاتيكانيّ مداخلته معربًا عن امتنانه للجمعيّة العامّة على عقد هذا اللّقاء الاستثنائيّ، وتوجّه بالشّكر إلى جميع الشّخصيّات، الّتي توجّهت إلى الفاتيكان للمشاركة في مراسم تشييع الحبر الأعظم يوم السّبت الفائت، ممثّلةً منظّمة الأمم المتّحدة. كما شكر كاتشا المشاركين في اللّقاء لأنّهم وجدوا الوقت لإحياء ذكرى البابا فرنسيس والتّفكير في الإرث الّذي تركه، على الرّغم من انشغالاتهم الكثيرة، خاصًّا بالذّكر أيضًا من تابعوا وقائع اللّقاء عن بُعد. وعبّر عن امتنانه على قرار المنظّمة المتعلّق بتنكيس الأعلام حدادًا على البابا الرّاحل، وذلك في جميع المقارّ التّابعة لها في عواصم العالم كلّه.
بعدها قال سيادته إنّ البابا فرنسيس اعترف بالأهمّيّة الجوهريّة لمبدأ تعدّديّة الأطراف، كشرط أساسيّ من أجل ضمان مستقبل آمن وسعيد للأجيال القادمة. وقد أكّد في أكثر من مناسبة أنّ المنظّمة الأمميّة تبقى ضرورة، على الرّغم من الحاجة إلى الإصلاح والتّأقلم مع الواقع الرّاهن، وأشار كاتشا إلى أنّ كلمات البابا وأعماله كانت شاهدة على هذه القناعة.
هذا ثمّ عاد الدّبلوماسيّ الفاتيكانيّ بالذّاكرة إلى الخامس والعشرين من أيلول سبتمبر ٢٠١٥ عندما زار البابا برغوليو مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك وخاطب الجمعيّة العامّة، موضحًا أنّ حضور الحبر الأعظم في ذلك المكان جاء كعلامة واضحة لتقديره لهذه المنظّمة، خصوصًا في وقت تبنت فيه الجمعيّة برنامج العمل للسّنوات الخمس عشرة المقبلة. ورأى فرنسيس في هذه الخطّة علامةً للأمل، مشجّعًا قادة العالم على السّهر كي يحصل جميع البشر على الحدّ الأدنى من المتطلّبات الرّوحيّة والمادّيّة ليعيشوا بكرامة. وسلّط الضّوء أيضًا على أهمّيّة الإقرار بركيزة التّنمية البشريّة المتكاملة، لاسيّما الحقّ في الحياة.
تابع رئيس الأساقفة كاتشا مداخلته متوقّفًا عند اللّقاء الّذي جمع البابا مع الأمين العامّ للأمم المتّحدة أنتونيو غيتيريش في الفاتيكان، تزامنًا مع الاحتفال بالذّكرى السّنويّة الخامسة والسّبعين لنشأة المنظّمة. وقد صدر عن الرّجلين بيان مشترك، حذّرا فيه العالم من مغبّة السّكوت عن أوضاع الظّلم وانعدام المساواة، خصوصًا إزاء فضيحة الجوع والقفر والأطفال الّذين يموتون بسبب النّقص في المياه والغذاء والرّعاية اللّازمة. كما توقّف الحبر الأعظم والمسؤول الأمميّ عند آفة الأشخاص المهجّرين، ومن يغادرون بلدانهم بحثًا عن حياة أفضل، وغالبًا ما يلقون مصيرًا مأساويًّا. كما حذّرا من ظاهرة سباق التّسلّح وإعادة التّسلّح النّوويّ، مشدّدَين على أهمّيّة الحوار بين الأفراد والأمم في إطار تعدّديّة الأطراف، من أجل بناء عالم مسالم.
لم تخل كلمة سيادته من الحديث عن الصّلاة الّتي تلاها البابا فرنسيس في السّابع والعشرين من آذار مارس ٢٠٢٠ في السّاحة الفاتيكانيّة، خلال جائحة كوفيد، وقال إنّ الحبر الأعظم شاء في تلك المناسبة أن يضع أمام الله مخاوف البشريّة وآلامها، مصلّيًا من أجل العون الإلهيّ وشاهدًا للأمل في أن نتمكّن جميعًا من تخطّي تلك اللّحظات المأساويّة. وأضاف كاتشا أنه في تلك اللّحظات أدرك العالم أنّ جميع الشّعوب مترابطة مع بعضها البعض، خصوصًا وأنّ الجائحة أصابت الأغنياء والفقراء والبلدان المتقدّمة والنّامية على حدّ سواء. كما أنّ البابا حذّر منذ بداية حبريّته من عولمة اللّامبالاة الّتي تخدّر الإنسان وتجعله يبتعد عن كلّ شخص فقير ومحتاج.
بعدها توقّف المسؤول الفاتيكانيّ عند الزّيارة التّاريخيّة الّتي قام بها البابا فرنسيس إلى الإمارات العربيّة المتّحدة عام ٢٠١٩ ووقّع خلالها على وثيقة الأخوّة الإنسانيّة مع إمام الأزهر أحمد الطّيّب، ولفت إلى أنّ المفاهيم الّتي عبّرت عنها الوثيقة، تبلورت في رسالته العامّة Fratelli Tutti بشأن الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة، والّتي تمحورت حول مثل السّامريّ الصّالح في الإنجيل، الّذي يعتني برجل تعرّض له اللّصوص وتركوه جريحًا على قارعة الطّريق.
في ختام مداخلته ذكر مراقب الكرسيّ الرّسوليّ الدّائم لدى الأمم المتّحدة بأنّ السّنة اليوبيليّة الّتي تعيشها اليوم الكنيسة الكاثوليكيّة شاء البابا أن يُحتفل بها تحت شعار الرّجاء، مضيفًا أنّ أفضل طريقة نُحيي فيها ذكرى البابا الرّاحل هي أن نحمل شعلة الرّجاء ونعيد اكتشاف الرّوح الّذي كان سببًا لتأسيس منظّمة الأمم المتّحدة لثمانين سنة خلت، وهكذا يمكن أن نعمل معًا، يدًا بيد، من أجل عالم أفضل تنعم فيه الأجيال الّتي ستأتي من بعدنا."