الجامعة الأنطونية افتتحت معرضًا عن الحرب اللبنانية
في كلمته، قال جلخ: "نستذكر الحرب الهمجية، في صورها ووقائعها ووثائقها ومآسيها لا لننكأ الجراح، بل لتكون في الذكرى عبر. والجامعات اللبنانية تؤدي في هذا الإطار دورا بارزا، وهي المؤسسات التي تحمل رسالة خدمة التعليم العامة، والبحث العلمي المعمق عن الحقيقة في المجالات كافة، فكيف عن حرب دمرت البشر والحجر، وشوهت التاريخ، وقوضت الأخوة بين أبناء الوطن الواحد، ولا تزال مترسخة في وجدان كل لبناني، كما لا تزال تداعياتها تتحكم بمفاصل مستقبلهم ودقائق حياتهم اليومية".
ورأى أن "الأولى بالجامعات اللبنانية أن تطلق هذا التحدي الجدي، وهي التي تحتضن في حرمها طلابا من مختلف الأطياف والمشارب والطوائف والمذاهب، لم يعيشوا الحرب ويخبروا أسبابها الحقيقية وأسرارها، بل نقلت إليهم، بالتواتر وبشهادة السماع، عبر وجهات نظر أهاليهم أو أقاربهم أو معارفهم، المتضاربة والمتناقضة، وهي، وإن كانت تتضمن جزءا من الحقيقة، إلا أنها تبقى بالتأكيد غريبة كل الغرابة عن الحقيقة الكاملة". وأشار إلى أن "على الطلاب، أن ينخرطوا هم أيضا بالعمق في هذا النقاش الجدي، بعد أن خبروا بالفعل وبالتجربة، إمكانية العيش المشترك وأهميته وغناه مع أقرانهم في الحرم الجامعي الواحد، حيث يجمعهم حق التعليم والمعرفة، مع احترام حق الاختلاف وحرية الرأي والتفكير، وتوحدهم الكثير من القضايا الجوهرية والأساسية التي تؤثر في مستقبل كل واحد منهم، بعد أن تيقنوا وتلمسوا أن تداعيات هذه الحرب لا تزال ماثلة بقوة في نظام الحكم الذي تلاها، وسببا للفساد المستشري وانعدام المحاسبة في وطنهم الجريح الذي أوصلهم وأوصل أهاليهم إلى حال الانهيار المزرية التي يعيشها جميعهم بغض النظر عن اختلافاتهم".
عدره
من جهته رأى عدره أن "لبنان اليوم على شفير الهاوية، ولكن هذا ليس بجديد عليه. فهو يمر منذ استقلاله بأزمات وحروب. ورأى أن المشكلة الأساس تكمن في النظام الذي ارتضيناه رغبة، أو قهرا، أو عجزا، أو كل هذه الحالات معا، هذا النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يولد أزمات من دون حلول". ورأى أن "المسألة عند اندلاع الحرب في العام 1975، لم تكن مسألة «توطين الفلسطينيين» ولا «الخوف من سلاحهم»، ولم تكن «خيانة» لمصالح إسرائيل، وهي اليوم ليست بين «14 آذار» و«8 آذار»، أي ليست بين «حرية وسيادة واستقلال» و«سلاح المقاومة». إنما المسألة تعود إلى عمق النظام الذي نستخدم نحن وقودا له. ومن يسمون «زعماء الطوائف» أو «أمراؤها» هم ضحايا هذه الحلقة المفرغة من العنف كما هم من صانعيها، كأتباعهم ومواطنيهم. ولا خروج لنا من هذه الحلقة الجهنمية ما لم نتوافق على التشخيص ونتشارك في وضع الحلول. ولتحقيق ذلك لا بد من خطوتين وهما: الحقيقة والمصالحة".
وشدّد على أن "الأوان قد آن لنتعلّم أن الجميع خاسر في النهاية، آملا في أن تساهم الدولية للمعلومات ومتحف نابو عبر كتاب حروب لبنان، لماذا؟ ومعرض "يأس وأمل"، في إنعاش ذاكرة اللبنانيين علّهم لا يكرّرون الماضي".
المرتضى
وفي كلمته أكد وزير الثقافة على أنه "لا يمكن لأي فئة من اللبنانيين ان تحتكر لبنان أو تستأثر به والسبب الموجب لوجود الكيان هو ان يكون وطنا لعيش التنوع. من هنا وجب على كل فئة ان تحفظ الأخرى لكي تضمن مصلحتها التي تفرض عليها السعي للحفاظ على بقاء الوطن". وأضاف: "علينا كلبنانيين أن نسعى إلى عهد جديد بيننا يحفظ بموجبه كل منا الآخر في وجوده وإيمانه ومقدساته وحضوره الفاعل، ويفرح به ويتكامل معه ويبني وإيّاه وطنا نستحقه جميعا".
وتابع: "الحرب ليست مفردة عزلاء، بل خطاب مسلّح يهجم على المجتمع بكامل عتاده اللفظي والمعنوي والنفسي، فينصب الحواجز أولا بين القلوب والوجوه، ويزرع في الجماعة خوفا من الأخرى، وفي الواحد خشية من أخيه، ويزلزل الثقة بينهما بإمكانيات اللقاء، حتى تصير المعارك العسكرية والمتاريس بين الأحياء مظهرا مستساغا".
وهبة
وكانت مداخلة للإعلامي يزبك وهبة أضاء فيها على أسباب الحرب الأهلية وظروفها ونتائجها على الرغم من الإختلاف الكبير في النظرة بين القوى السياسية حول هذا الشأن. والعبرة المستخلصة منها وما إذا الشعب اللبناني قد تعلّم مدى الكوارث الإنسانية التي سببتها هذه الحرب.
وفي ختام الإحتفال قدمت الجامعة الأنطونية نسخة نادرة من أول إنجيل طبع باللغة العربية في روما سنة 1590 ، وأعاد طبعه الرهبان الأنطونيون.
إشارة إلى أن معرض "يأس وأمل" يستمر في حرم الجامعة في بعبدا حتى 12 ايار المقبل، وستكون أبواب المعرض مفتوحة أمام الجميع من الساعة 11 صباحا حتى الخامسة بعد الظهر. وسيترافق مع ندوات ومحاضرات للطلاب عن الحرب وما رافقها.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام