الفاتيكان
10 أيار 2018, 14:00

الثّرثارون كالإرهابيّين.. يقتلون بدون قنابل!

زار البابا فرنسيس اليوم جماعة الفوكولاري في نوماديلفيا الّتي أسّسها الأب زينو سالتيني عام 1947 في مقاطعة غروسيتو، بحسب ما نشرته "إذاعة الفاتيكان".

 

وبعد الاستقبال، صلّى البابا أمام قبر الأب زينو سالتيني، ثمّ التقى أعضاء الجماعة وشارك في عيد الشّباب في جوٍّ من الموسيقى والأناشيد واللّوحات الراقصة. وكانت منه لهم في ختام اللّقاء كلمة قال فيها: "لقد جئت بينكم في ذكرى الأب زينو سالتيني ولأُعبّر عن تشجيعي لجماعتكم الّتي أسَّسها. نوماديلفيا هي واقع نبويّ يسعى لتحقيق حضارة جديدة من خلال تجسيد الإنجيل كأسلوب حياة صالح وجميل.

إنَّ مؤسِّسكم قد تكرّس بحماس رسوليّ ليُعدَّ أرضًا لزرع الإنجيل لكي تحمل ثمار حياة جديدة. إذ نما وسط حقول سهول الإميليا الخصبة كان يعرف أنّه عندما يحلّ المفصل المناسب يكون الوقت قد حان لكي يضع يده على المحراث ويعدَّ الأرض للزّرع. لقد بقيت مطبوعة في ذهنه جملة يسوع: "ما مِن أَحَدٍ يَضَعُ يَدَه على المِحراث، ثُمَّ يَلتَفِتُ إِلى الوَراء، يَصلُحُ لِمَلَكوتِ الله". وكان يكرّرها غالبًا متنبّئًا ربّما الصّعوبات الّتي قد تواجهه لكي يجسِّد في الحياة اليوميّة الملموسة قوّة الإنجيل المُجدِّدة.

لقد كانت شريعة الأخوّة الّتي تميّز حياتكم حلم وهدف حياة الأب زينو الّذي كان يرغب في جماعة حياة تستلهم من النّموذج الّذي يقدّمه كتاب أعمال الرّسل: "وكانَ جَماعَةُ الَّذينَ آمَنوا قَلبًا واحِدًا ونَفْسًا واحِدة، لا يَقولُ أَحدٌ مِنهم إِنَّه يَملِكُ شَيئًا مِن أَموالِه، بل كانَ كُلُّ شَيءٍ مُشتَرَكًا بَينَهم". أحثُّكم على الاستمرار في أسلوب الحياة هذا واثقين بقوّة الإنجيل والرّوح القدس من خلال شهادتكم المسيحيّة الشّفّافة.

إزاء آلام الأطفال الأيتام أو الفقراء فهم الأب زينو أنَّ اللّغة الوحيدة الّتي يفهموها هي لغة المحبّة. وبالتّالي عرف أن يحقِّق مجتمعًا مميّزًا حيث لا مكان للعزلة أو الوحدة بل يسود مبدأ التّعاون بين عائلات مختلفة يعترف أعضاؤها ببعضهم البعض كإخوة في الإيمان. هكذا في نوماديلفيا وكجواب على دعوة خاصّة من الرّبّ، تتأسّس روابط أكثر ثباتًا من روابط القُربى؛ تتحقّق قرابة مع يسوع يتميّز بها من يولد مجدّدًا من الماء والرّوح القدس وبحسب كلمات المعلِّم الإلهيّ: "مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله هو أخي وأُخْتي وأُمِّي".

أريد أن أشدّد أيضًا على علامة نبويّة أخرى وإنسانيّة خاصّة بنوماديلفيا وهي الاهتمام المحبّ بالمسنّين الّذين، وحتّى عندما لا يتمتّعون بصحّة جيّدة يبقون في العائلة ويعضدهم الإخوة والأخوات في الجماعة. استمرّوا على هذه الدّرب مجسِّدين نموذج المحبّة الأخويّة حتّى من خلال أعمال وعلامات مرئيّة في الإطارات المتعدّدة الّتي تدعوكم المحبّة الإنجيليّة إليها محافظين على الدّوام على روح الأب زينو الّذي أراد نوماديلفيا بسيطة وجوهريّة في هيكليّاتها. إزاء عالم غالبًا ما يكون معاديًا للمثل الّتي بشّر بها المسيح لا تتردّدوا في الإجابة بشهادة حياتكم الفرحة المستوحاة من الإنجيل.

أشكركم جدًّا على الدّفء والجوّ العائليّ اللّذين استقبلتموني بهما. لقد كان لقاء قصيرًا ولكنّه مفعم بالمعاني والأحاسيس وسأحمله معي دائمًا ولاسيّما في الصّلاة. سأحمل وجوهكم: وجوه عائلة كبيرة تفوح منها رائحة الإنجيل الصّادقة".

ثمّ توجّه البابا فرنسيس إلى لوبيانو حيث توقّف للصّلاة في المزار المريميّ قبل أن يلتقي أعضاء حركة فوكولاري، فأجاب على أسئلتهم مشجّعًا إيّاهم على عيش المحبّة والشّجاعة والصّدق، محذّرًا من مغبّة النّميمة الّتي تقضي على الكنيسة والجماعات وحياة الأشخاص، "فمن يكثرون الثّرثرة على الآخرين هم كالإرهابيّين، إنهم يقتلون بدون استخدام القنابل".

كما ركّز الأب الأقدس على أهمّيّة التّنشئة وسط الجماعات، وبخاصّة التّنشئة على الحوار بمختلف تعابيره المسكونيّة وما بين الأديان، فضلاً عن التنشئة الكنسيّة والثّقافيّة، مشدّدًا على ضرورة أن تقترن بالاقتراب من الآخرين، كما فعل الله عندما اقترب من شعبه.