صحّة
27 كانون الثاني 2023, 10:45

التعامل مع الغضب

تيلي لوميار/ نورسات
الغضب هو عاطفة إنسانيّة مجرّدة من أيّ طبيعة أخلاقيّة، وهو كالمشاعر الأخرى: الحزن والفرح والخوف لا تصنّف الإنسان في خانة الصّالحين أو السّيّئين". هذا ما أكّدته" المعالجة والإختصاصية في علم النفس بولين الكلاسي منصور.

وأضافت: "ومع ذلك فإنّ المجتمع لا يتقبّل بسهولة أيّ تعبير عن الغضب، فيعيّر الآخر الّذي تغلّبت عليه مشاعره هذه ويطلق عليه صفة “السّيّء”. ولكن بمجرّد أن تكتسب هذه المشاعر طبيعة أخلاقيّة فهذا يعني أنّ الإنسان لا يجب أن يشعر بالغضب على الإطلاق، علمًا أنّ الأخير هو ردّ فعل طبيعيّ وصحّيّ تمامًا تجاه أيّ تهديد حقيقيّ أو موقف غير عادل، وهو ردّ فعل غريزيّ إزاء التّهديد الجسديّ فيكون في هذه الحالة دفاعًا عن النّفس. كما يُعدّ الغضب ضرورة لأنّه يعكس آليّة البقاء على قيد الحياة.

 

من هنا، يجب على الأفراد اعتبار الغضب حالة عاطفيّة طبيعيّة، وهو لا يجعل من أصحابها أفرادًا صالحين أو سيّئين، ولكن طريقة التّعبير عنه تحدّد مدى قبوله أم لا.

 

ما هي أنواع الغضب؟

وللتّوسّع أكثر، واستنادًا إلى تحليلي الشّخصيّ، أرى أنّ هناك 4 أنواع للغضب: الغضب العدوانيّ، الغضب المكبوت، الغضب الموجّه نحو مصدر مختلف عن مصدره الحقيقيّ والغضب البنّاء.

 

الغضب العدوانيّ والّذي يعبَّر عنه بطريقة شرسة، يعمي صاحبه ويجعل أفعاله غير عقلانيّة. وأكثر إنّه يتحكّم به وبتصرّفاته فيفجّر غضبه إمّا بنفسه وإمّا بالآخرين، ويفقد الصّبر بخاصّة عندما تسير الأمور بعكس ما يشتهيه، فلا يستطيع بالتّالي تأخير تلبية احتياجاته ورغباته، ولا يتحمّل أيّ إحباط أو انزعاج، الأمر الّذي يدفعه إلى الغضب العدوانيّ والمتهوّر، غضب يعبّر عنه بالصّراخ، بالضّرب، بالشّتم… مؤذيًا نفسه أو الآخر.

 

كما أنّ هناك أنواع من النّاس يحسّون بأنّهم مهدّدون نفسيًّا طوال الوقت وبحاجة إلى الدّفاع عن أنفسهم من أيّ تهديد مقبل، فيكون في هذه الحالة غضبهم آليّة دفاعيّة يستخدمونها بلا وعي لحماية أنفسهم من أيّ أذى محتمل.

 

وغالبًا ما نصادف أناسًا يتجنّبون الغضب فلا يعبّرون عنه لا بل ينكرون وجوده، فيقمعون حنقهم ويكبتونه ويوجّهونه إلى داخلهم، ويقنعون أنفسهم والآخرين بأنّهم ليسوا غاضبين. ولكن أن يكبح المرء غضبه ويتجاهله هو أمر غير صحّيّ إطلاقًا، إذ يؤدّي ذلك إلى تراكم هذا الشّعور داخل الفرد وينتج عنه بالتّالي مشاكل صحّيّة ويدخله في دوّامة من الكآبة.

 

وهناك أيضًا ذاك الشّخص الّذي يوجّه غضبه نحو مصدر مختلف عن مصدره الحقيقيّ، فيفجّر غضبه بأحد المحيطين به أو بشيء ما من حوله، فيركل الباب مثلاً أو يلطم الجدار، أو يصرخ على أحدهم كالأمّ الّتي تنفّس غضبها بأطفالها بسبب العمل مثلاً، فتتواصل معهم بالصّراخ علمًا أنّهم ليسوا سببب غضبها ولا علاقة لهم به.

 

والنّوع الأخير هو الغضب البنّاء وهو غضب صحّيّ ينمّ عن شخص يتواصل مع شعوره هذا ويعرف الأسباب الكامنة وراءه. هو لا يُعبّر عنه بالقوّة وإنّما يهدّئ نفسه وينتظر الوقت المناسب للتّعبير بصوت عال عمّا يظنّه خطأ أو غير عادل. هذه الفئة من النّاس تدرك كيف تضبط مشاعرها وتفهم ما الّذي يشعل غضبها. وأكثر إنّها تعبّر بصوت عالٍ عمّا يزعجها وتطالب بتحصيح الأمور.

 

في الختام، لا يضرّ التّعبير عن الغضب طبعًا، ولكن لا ضير أيضًا بتهدئة النّفس قبل التّصرّف، واختيار الوقت المناسب، ومعالجة الوضع بوعي وبعيدًا عن العدوانيّة. بإختصار كن أنتَ الحكم على مشاعركَ!"

 

 

المصدر: المعالجة والإختصاصيّة في علم النّفس بولين الكلاسي منصور