البطريرك يوحنّا العاشر في أحد الفرّيسيّ والعشّار: لعدم التّعالي والتّكبّر
بعد القدّاس، ألقى البطريرك يوحنّا العاشر كلمة من وحي الإنجيل، قال فيها: "اليوم أيّها الأحبّاء هو أحد الفرّيسيّ والعشّار، وقد رتّب آباؤنا القدّيسون في الكنيسة المقدّسة أن يسبق الصّيام الأربعينيّ المقدّس، الصّيام الكبير، أربعة آحاد، أحد الفرّيسيّ والعشّار، أحد الابن الشّاطر، أحد الدّينونة أو مرفع الجبن وأحد الغفران أو مرفع اللّحم، ويوم الاثنين يبدأ الصّيام الأربعينيّ المقدّس الّذي نجاهد به ونصوم لنصل إلى الفصح المجيد المبارك".
وأوضح أنّ "الآباء القدّيسين أرادوا ذلك التّرتيب ليشرحوا لنا المعاني الحقيقيّة لهذه المسيرة الرّوحانيّة المقبلين عليها لنصل ليوم الفصح المجيد، حيث أنّ أحد الفرّيسيّ والعشّار هو الأحد الأوّل في التّهيئة للصّوم الأربعينيّ. وقد سمعنا مقطعًا من إنجيل لوقا يتحدّث عن إنسانين دخلا الكنيسة ليصلّيا أحدهما فرّيسيّ والآخر عشّار، إذ رفع الفرّيسيّ عينيه إلى السّماء، وكان يصلّي ويقول أشكرك يا ربّ لأنّي لست مثل هؤلاء النّاس الخطأة والظّالمين، أنا أصلّي مرّتين في الأسبوع واعشّر أموالي، أمّا العشّار فبقي بعيدًا ولم يجرؤ أن يرفع رأسه بل يركع ويقول اللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ. فخرج العشّار مبرّرًا دون ذاك لأنّ من رفع نفسه اتّضع ومن وضع نفسه ارتفع.
أن نصلّي ونصوم ونعشّر أموالنا ونقوم بأعمال الفضيلة والرّحمة هذه أمور جيّدة وعلينا جميعًا أن نقوم بها والكتاب المقدّس يعلّمنا ذلك، إنّما كانت خطيئة الفرّيسيّ أن استكبر واحتقر الآخرين واستهزأ بهم، وهو يصلّي، ما يدفعنا للبحث في المعنى الحقيقيّ للإيمان، بجرأة، حيث يستخدم في بعض الأحيان خطأ للتّفرقة والقتل والأعمال البشعة، فخطيئة الفرّيسيّ أنّه استكبر وتعالى واستهزأ بالآخرين ورفضهم وزلّهم بقوله إنّه يصوم ويعشّر ويشكر الله أنّه ليس مثل العشّار والخطأة الظّالمين".
ودعا إلى "أن نتذكّر كلّنا أنّ العشّار خرج مبرّرًا وليس كذاك الفرّيسيّ الّذي تعالى واستكبر واعتبر نفسه أنّه على صواب وغيره خاطئ وكافر. هذا غير مقبول، فليست هذه تعاليم السّيّد المسيح ولا الإنجيل ولا التّربية العائليّة، إذ أنّه في العائلة الواحدة لكلّ خصوصيّته وتميّزه عن الآخر إنّما هذا لا يعطي أحدًا منهم الحقّ بقتل الآخر وذبحه وتكفيره، علينا أن نعي أيّ إله عظيم مثل إلهنا، تجسّد وافتدانا واحتضن العالم بأسره وبعد ذلك كلّه اضطهدوه وجلدوه وصلبوه وقتلوه".
وفي ختام كلمته، دعا أبناءه إلى الابتعاد عن الأمور الطّائفيّة والكنسيّة وعدم جعل قضايا الكنيسة أمرًا للمضايقات والمبايعات والتّحالفات قبيل الانتخابات النّيبابيّة، حاثًّا إيّاهم على أن يكونوا دائمًا رجالاً عظيمين يرى النّاس أعمالهم الصّالحة ويمجّدوا الرّبّ في السّموات.