الفاتيكان
28 أيلول 2017, 05:39

البطريرك ساكو يدعو مسيحيّي الشّرق إلى التّسلّح بالرّجاء في صلاة مشتركة في روما

قدّم بطريرك بابل للكلدان تأمّلاً أثناء مشاركته بصلاة مشتركة أقامتها مؤسّسة إغاثة الكنيسة المتألّمة العالميّة على نيّة مسيحيّي الشّرق، في كاتدرائيّة مار مرقس في روما، وترأّسها رئيس المؤسّسة العامّ الكاردينال ماورو بياسينزا.

 

ونشر موقع البطريركيّة الرّسميّ التّأمّل كاملاً الّذي استوحاه من نشيد فيلبّي 2/ 4-11 "يسوع المسيح بموته وقيامته طريق الرّجاء لنا"، وقال: 

"خلال رحلته الرّسوليّة الثّانية، بشَّر القدّيس بولس أهالي مدينة فيلِبّي اليونانيّة بإنجيل يسوع المسيح، وكتب لهم هذه الرّسالة الجميلة أثناء سجنه في روما حوالي سنة 61-63 م (أعمال 16 / 19-21). وكسجين إيمان بيسوع المسيح، وجّه بولس هذه الرّسالة إلى الجماعات المسيحيّة المضطهدة في أماكن عديدة، مشجّعًا إيّاها على اتّباع يسوع المسيح القائم من بين الأموات، والّذي هو لها حياةً و "أرض ميعاد" حقيقيّة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يجب أن يدرك المسيحيّون أنّ مشوارهم قد يمرّ عبر صحراء طويلة من المعاناة كما هي حال العراقيّين والسوريّين، وأن يكونوا مجهّزين بالرّجاء، ومحافظين على إيمانهم بيسوع المسيح حيًّا في أذهانهم وقلوبهم كمثال وحيد سامٍ للاقتداء به.
يعدّ هذا النصّ واحدًا من أقدم الكتابات الّتي تتحدّث عن موت المسيح وقيامته. إنّه أنشودة الإِيمان الظّافر بالمجد والحياة والفرح. وكانت العديد من الكنائس ترتّلها ولا تزال حتّى اليوم.
تنقسم هذا الأنشودة إلى جزأين:
 
الجزء الأوّل أطاع حتّى الموت: آية 8 ب
يعرض بولس للمؤمن المسيحيّ أنموذج يسوع المسيح بألمه وموته للاقتداء به. فالمسيح قد رفض بكامل حرّيّته السّلطة والمجد وألّا يُخدَم لكي يُقاسم الإنسان عمقَ الألم الّذي يعيشه. إنّه كان في هيئة الله، أيّ هيئة المجد والقدرة والكمال، واخلى ذاته وصار في هيئة العبد، أيّ هيئة الضّعف والألم والموت. والمصطلح المستعمل هو أخلى نفسه من أجلنا Kenosis لكي يعلّمنا ان نخلي ذاتنا على غراره لنمتلئ منه.
 
 
الجزء الثّاني: لذلك تعالى الله تعالى آية 9 أ
يعدّ هذ الجزء مكمّلاً للجزء الأوّل، أيّ أنّ يسوع أخلى ذاته، وقدّمها قربانًا لله حتّى الموت، لذا أقامه الله ورفعه فوق كلّ شيء. ولهذا السّبب، يدعو بولس كلّ مسيحيّ حتّى تكون لهم الحياة وبوفرة أن يسيروا على خطى يسوع نحو طريق القيامة والحياة برجاء، فحياة المسيحيّ محكومة بالرّجاء.
للرّجاء: حركة مزدوجة فيها يقين بأنّ الأمر سيحصل لا محالة. وإنّه لا يوجد باب مسدود أمام المؤمن، وإن وجدت ثمّة إنفاق ففي عمقها يوجد نور. وعلى المسيحيّ أن يبرهن أنّه علامة الرّجاء لذاته وللآخرين.


أخواتي، إخوتي،
لقد كنتم بمحبّتكم كالسّامري الحنون، علامة رجاء لكم وأيضًا لهؤلاء المهجّرين العديدين في العراق وسوريا وأماكن أخرى، الّذين ساعدتموهم وأسكنتموهم وأطعمتموهم ومكّنتموهم على تكميل دراستهم.
إنّ القيامة والحياة الأبدية، الّتي يتوق إليها الإنسان ونحوها يوجّه وجوده ليست مفردات مبهمة، بل اختيار واختبار واقعيّ – وجدانيّ، ومشروع حياة للوصول إلى كمال مشابهة المسيح من خلال الاندماج فيهincorporation، " فإِنَّكم جَميعًا، وقَدِ اعتَمَدتُم في المسيح، قد لَبِستُمُ المسيح"(غلاطية 3/27). إنّه برنامج تنشئة مسيحيّة مستدامة يقوم على التّفكير المستمرّ في سرّ المسيح، من أجل اتّخاذ شيء منه، ووضعه علينا حتّى نتمكّن من الاتّحاد به. ومن هذا المنظور تضع اللّيتورجيا الكلدانيّة قنديلاً مشتعلاً في وسط الهيكل ليسلّط الضّوء على مائدتيّ الإفخارستيّا والكتاب المقدّس، أيّ على المسيح لنكرّمه ونقتدي به.

هذه الرّوحانيّة هي الّتي سندت المسيحيّين العراقيّين خلال طردهم من قبل تنظيم داعش الإرهابيّ وخلال مأساتهم كمشرّدين في مخيّمات، بعيداً عن منازلهم مع قلقهم بشأن مستقبلهم".