العراق
05 آب 2019, 11:57

البطريرك ساكو: الأرض أمّنا والوطن هويّتنا

تحدّث بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو، في موضوع السّبت، عن الأرض والوطن، فكتب تحت عنوان "الأرض أمُّنا، والوطن هويّتنا"، نقلاً عن موقع البطريركيّة الرّسميّ، النّصّ التّالي:

 

"1. الأرض أمُّنا، وجزءٌ جوهريّ من كياننا. من دونها ما كنّا نكون، وأنّنا إليها عائدون لا محالة. ولأنّ الأرض مهمّة فعليها صراعات. الأرض لا تعود إلى الإنسان بل الإنسان يعود إليها "أَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تكوين 3: 19). الأرضُ اُمٌّ تجمعنا كلّنا. أنا ابن العراق ولست وافدًا إليه، اأحبُّه وأحترمه، وأعمل لإدامة جمال طبيعته، كالنّظافة والتّشجير والحفاظ على تراثها، وثرواتها من مياه ومعادن وكائنات حيّة. من المؤسف أنّ ثمّة أناس لا يشعرون بعلاقتهم بالأرض وبأهمّيّة حماية البيئة. إنّنا بحاجة إلى توعية شاملة.

2. الأرض فضاءٌ مفتوحٌ، تُذكِّرنا بأشياء مهمّة في حياتنا. فعلاقتنا مع الأرض هي علاقةٌ مع كلّ ما يوجد عليها. والبقعة الجغرافيّة الصّغيرة كالضّيعة، والبلدة والمدينة تتحوّل إلى أرض أكبر، هي الوطن، الّذي يجمع كلّ أبنائه من خلال روابط اللّغة والتّاريخ والمصير المشترك. الشّركة مع الأرض لا يلغيها الموت، بل يغيّر حالتنا.

3. الهجرة اقتلاعُ الجذورِ "من الوطن" وخصوصًا عندما نكون فيه أهل الأرض. في غير أرضنا، نحن غرباء. أرضنا أمٌّنا، وعندما نغادرها نفقد الصّلة بها. التّمسّك بالأرض– الوطن من الإيمان. "وإذا ُترِكَت الأرض راحت". أزمات الوطن عديدة، لكن الظّلم لابدّ أن يَعبُر. إنّي لا اُريد أن أتستَّر على الظّلم الّذي تعرّض له العراقيّون عامّة، والمسيحيّون والأقلّيّات الأخرى خاصّة، من عمليّات ترهيب وتهجير وقتل وتمييز وإقصاء واستيلاء على ممتلكاتهم أو إجبارهم على بيعها بأسعار بخسة، لكن الأمل باقٍ، ينبغي أن نتمسّك به ونغذّيه ليكبر وينتشر. إنّ عافية كنيستنا الكلدانيّة والسّريانيّة والآشوريّة هي قبل كلّ شيء في أرض آبائنا وأجدادنا. وبصمودنا وتمسّكنا بها، نحافظ على تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا ولغتنا وهويّتنا. فعائلة النّاصرة (يوسف ومريم ويسوع) هاجرت إلى مصر بسبب الظّروف، لكنّها عادت واستقرّت في النّاصرة!

4. عندما نتلو صلاة "أبانا الّذي في السّماوات… لتكن مشيئتك كما في السّماء كذلك على الأرض"، نَقرُّ بأنّ إلهنا هو اله كلّ الخليقة وأنّه "رأَى ذلك حَسَنٌ" (تكوين 1: 4). لذا نحن مدعوّون للشّهادة بجمال الحياة والكون، ورفع الشكرلله من أجل ذلك، وان نُسهم بفعّالية في تقدم البلاد. يجب أن نجعل العراق أرض المحبّة والإخاء والعيش المشترك. ونحن المسيحيّين ينبغي أن نبقى متجذّرين في أرضنا ونتواصل بشجاعة مع إخواننا المسلمين في حمل شعلة الأخوّة والمحبّة والتّسامح والحرّيّة والكرامة، كما جاء في وثيقة "الأخوَّة البشريّة" الّتي وقَّعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر د. أحمد الطّيّب".