الفاتيكان
29 تشرين الأول 2018, 10:22

البطريرك ساكو: "إذا فرغ الشّرق من مسيحيّيه، ستفقد المسيحيّة جذورها"

بصفته الرّئيس المفوّض لسينودس الأساقفة، ألقى بطريرك بابل للكلدان مار لويس روفائيل ساكو الكلمة الختاميّة للسّينودس، وقال فيها بحسب موقع البطريركيّة الكلدانيّة الرّسميّ:

 

"بإسمي وبإسم كلّ المشاركين في هذا السّينودس، أودّ أن أعبّر عن امتناننا لقداستكم بابا فرنسيس، لدعوتكم لانعقاد هذا السّينودس حول موضوع "الشّباب، الإيمان وتمييز الدّعوات"، والّذي كان لكلّ واحد منّا فرصةً مميّزةً كُرّستْ بأكملها للصّلاة والتّأمّل والحوار المسؤول والشّجاع والحرّ. كان العمل فعلاً وفق السّينودسيّة الكنسيّة، وكان بنّاءً للغاية. نحن الشّرقيّون مُعتادون على السّينودس والسّينودسيّة، إلّا أنّ اختبار السّينودسيّة مع الكنيسة بأسرها له طعم خاصّ. نشكر الرّوح القدس على هذه النّعمة. إنّ هذا الأمر لا يتواجد سوى في الكنيسة الكاثوليكيّة. كنّا متّحدون بالرّغم من اختلاف أوطاننا ولغاتنا وثقافاتنا، لأنّ المسيح يُوحّدُنا دومًا ويَبعثنا للرّسالة ذاتها، ألا وهي إعلان إنجيله، وخدمة إخوتنا واخواتنا بفرحٍ وحماسٍ.

كانت الكنيسة الكاثوليكيّة برمّتها حاضرة في السّينودس من خلال ممثّليها، وبشكل خاصّ بحضور قداسة البابا فرنسيس، خليفة مار بطرس الرّسول، ورئيس الكنيسة وأبيها. إنّ من ثمار حضور قداسته الشّبه اليوميّ واستماعه المستمرّ ومرافقته الأبويّة وكلماته النّبويّة هي هذه "الوثيقة الختاميّة" الّتي ستكون بالتّأكيد مرجعًا لراعويّة جديدة في أبرشيّاتنا. وهكذا سنعود لديارنا ونحن حاملون الكثير من الأفكار والمشاريع للمستقبل.

كان السّينودس نعمة لنا ولكلّ الكنيسة. وما اتّخذناه كخطٍّ أساسيّ، عشناه بعمقٍ وبضميرٍ واعٍ وبأخوّةٍ وديناميّةٍ وبهجةٍ. وكلّ ذلك كان له أثرهُ الإيجابيّ في نفوسنا، وساهمَ في تغييرنا نحو الأفضل، وخاصّة في بنائنا الرّوحيّ. عشنا نحن وشبيبتنا ومؤمنينا خبرة مميّزة من الإصغاء والتّمييز والمرافقة. وقد قُمّنا بهذه الخبرة بحبٍّ كبيرٍ وشراكةٍ بقيادتكم.

قداسة البابا

يقينًا لستم وحدكم. إنّنا معكم من خلال كلّ أساقفتنا الكاثوليك الّذين يمثّلونكم في أرجاء المعمورة. إنّنا متّحدون معكم بشراكةٍ كاملةٍ. إنّنا مُتّحدون معكم بالصّلاةِ والرّجاءِ. تذكّروا بأنّ الملايين من المؤمنين يصلّون من أجلكم في كلّ يومٍ. وإنّ الكثير من الرّجالِ والنّساءِ ذوي الإرادة الصّالحة مُنبهرون بكلماتكم وأعمالكم من أجل عالمٍ مملوءٍ بالأخوّة الشّاملة والعدالة والسّلام. وعليه لا يوجد ما نخشاه. هنالك مثل عربيّ يقول: "لا تُرْمَى بالحَجَرِ إِلّا الشّجرةُ المُثمرةُ". إمضوا قُدمًا بشجاعةٍ وثقةٍ. إنّ سفينة مار بطرس ليست كأيّة سفينةٍ. تبقى سفينة مار بطرس ثابتةً لا تتزعزعُ مهما كانت الأمواجُ عاتيةً، لأنّ الرّبّ يسوع المسيح فيها، ولنْ يتركها أبدًا. بمرافقته لنا نجتاز التّحدّيات والآلام بالإيمان والصّلاة والرّحمة والصّدق والثّبات والاستقامة والشّفافيّة. كلّ شيء جليٌّ وواضح، ولا شيء مخفيّ. كما ينبغي علينا التّذكير بأمانة الآلاف من الأساقفة والكهنة والرّهبان والرّاهبات، وتكريس ذواتهم بإخلاصٍ لرسالتهم.

إنّنا نختتم اليوم سينودسنا هذا بتجديد محبّتنا للرّبّ يسوع ولكنيسته حتّى آخر رمقٍ من حياتنا. كما ندعو كلّ الشّبيبة في العالم برمّته لرفع أصواتهم واستثمار مواهبهم لبناء مجتمعٍ أكثر أخوّةٍ وأكثر عدالةٍ وأكثر سلامٍ.

نودّ أن ننهي كلمتنا هذه بإطلاقِ نداءٍ لقداستكم ولكلّ آباء السّينودس ولكلّ الشّباب والشّابّات بأن لا تنسوا مسيحيّي الشّرق. فإذا فرغ الشّرقُ من مسيحيّيه، ستفقد المسيحيّةُ جذورها. إنّنا بحاجة لدعمكم الإنسانيّ والروّحيّ ولتضامنكم وصداقتكم وقربكم إلى أن تعبر العاصفة (مزمور57/ 2).

شكرنا الجزيل للسّكرتير العامّ لسينودس الأساقفة نيافة الكاردينال لورنتسو بالديسّيري ولنائبه ولكلّ معاونيه وكلّ الّذين عملوا لهذا السيّنودس. كلّ شيءٍ جرى بشكلٍ ممتازٍ.

ليُبارككم ربُّنا يسوع المسيح ويُبارك الكنيسة بأسرها بصلوات أُمّنا مريم العذراء".