الفاتيكان
25 تشرين الثاني 2018, 06:02

البطريرك الرّاعي يترأّس قدّاس اختتام زيارة الأعتاب الرّسوليّة في كنيسة مار مارون - روما

ترأّس البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الذّبيحة الإلهيّة مساء السّبت في كنيسة مار مارون في المعهد الحبريّ المارونيّ في روما وذلك اختتامًا لزيارة الأعتاب الرّسوليّة إلى قبر الرّسولين بطرس وبولس في حاضرة الفاتيكان. عاونه في القدّاس أساقفة مجمع الكنيسة المارونيّة والرّؤساء العامّين والسّفير البابويّ الجديد المطران كريستوف قسّيس ولفيف من الكهنة والرّهبان. بعد الإنجيل المقدّس ألقى الرّاعي عظة تأمّل فيها بآية ادإنجيل اليوم: "في الشّهر السّادس أرسل الملاك جبرائيل إلى عذراء في النّاصرة اسمها مريم مخطوبة لرجل اسمه يوسف" وقال:


"بهذه الكلمات من الإنجيل ندرك أنّ تاريخ الخلاص يتحقّق عبر تاريخ البشر ويندمج فيه ويتماهى معه. يسعدنا أن نحتفل بهذه اللّيتورجية الإلهيّة إحياء لبشارة الملاك جبرائيل لمريم. وإختتامًا لزيارة الأعتاب الرّسوليّة التي قمنا بها وذبيحة شكر على ست سنوات من خدمتي الكرديناليّة. وأتى فرح آخر وهو أنّ قداسة البابا رفع لرتبة الأسقفية المونسنيور كريستوف قسّيس وعيّنه سفيرًا باباويًّا في باكستان وهكذا تكتمل فرحتنا ونشكر قداسة البابا على الالتفاتة ونهنّئ السّفير البابويّ الجديد ابن الكنيسة المارونيّة حاملًا تراثها وهذه الخدمة لقداسة البابا وللكنيسة وللكرّسيّ الرّسوليّ.

 

أجل في البشارة لمريم ندرك أنّ تاريخ الخلاص يتحقّق عبر تاريخ البشر ويكتمل في تاريخ البشر ويندمج فيه اندماجًا كاملًا حتّى أنّه يتماهى معه. ويتبيّن أن الله هو سيّد التّاريخين تاريخ الخلاص وتاريخ البشر. ثلاث أفكار أساسيّة نتأمّل فيها: أوّلًا أنّ البشارة لمريم تبيّن أنّ فيها نقطة وصول ونقطة انطلاق. فالبشارة لزكريّا في الأحد الماضي ختمت مسيرة طويلة من العهد القديم مسيرة انتظار ومع بشارة مريم ميلاد مخلّص العالم وفادي الإنسان كنّا في نقطة الوصول بعد كلّ هذه الدّهور ونقطة انطلاق للعهد الجديد ولسرّ المسيح في الكنيسة ولسرّ الكنيسة نقطة وصول ونقطة انطلاق جعلت الرّبّ يسوع نقطة وسط الدّائرة وقال عن نفسه في رؤيا يوحنّا: أنا البداية والنّهاية أنا الأوّل والآخر" فأصبحت حياتنا كلّها ترتكز على هاتين النّقطتين الوصول والانطلاق.

نقطة الوصول في حياتنا هي اللّقاء بالمسيح ونقطة الانطلاق هي الحياة الجديدة التي تبدأ بعد اللّقاء بالمسيح. وندرك أننا التقيناه حقًا وأننا وصلنا إلى المسيح عندما يتغيّر مجرى حياتنا وتفكيرنا وتصرّفنا ونظرتنا إلى الأمور.

 

أمّا النّقطة الثّانية فهي أنّ مريم ويوسف زوجان شرعيّان والزّواج يسمّى الخطبة وقبل أن تنتقل مريم العروس إلى بيت عريسها كما هي العادة في الشّرع القديم تدّخل الله ما يعني أنه يرافق حياة البشر خطوة خطوة ولحظة بلحظة. تدخّل الله لدعوة جديدة الزّواج الشّرعي ضروري ليولد المسيح من أم شرعيّة ومن زواج شرعيّ فيكون له أم بالطّبيعة الإنسانيّة وأب بالتّبنيّ فعرف يسوع أنّه ابن يوسف ومريم وسجّل في سجّل إحصاءات أغسطس قيصر يسوع ابن يوسف ومريم من النّاصرة فتحققت كلّ أقوال الأنبياء.

 

والفكرة الثّالثة هي أنّ الله لا يغيّر الطّبيعة، النّعمة لا تغيّر الطّبيعة إنّما ترفعها. يتدخّل في حياتنا ليرفعها. لقد رفع الزّواج الشّرعيّ إلى رسالة، هكذا في حياتنا إنّه يغيّر مجرى حياتي وليس حياتي لذلك على كلّ منّا أن يبقى منفتحًا لتصميم الله الخلاصيّ. كلّ منّا له مخططه وتفكيره ومشاريعه ولكن يجب أن أبقي مكانًا لتدخّل الله وهذا يعني أن أصلّي أتأمّل استلهم الرّوح القدس وأصغي إلى نداءات الله لأعرف ماذا يريد مني. والسّؤال الأجمل هو ما قاله شاوول "ماذا تريد أن أصنع؟". كلّ يوم يجب أن أطرح هذا السّؤال وهو يلهمني بما يريد هو أن أصنع هو سيّد حياتي وهو دعاني لذلك أنا بحاجة إلى سماعه. نقطة الانطلاق ونقطة الوصول تعني أنّ الله يتدخّل في حياتي لذلك يجب أن أبقى منفتحا على هذا التّدخّل. وبتجسّده في عائلة رفع المؤسّسة الطّبيعية العائلة إلى رتبة سرّ وجعل حضور الله في الزّواج والعائلة حضورًا مقدّسًا يساعد ويقوّي.

 

ّلقد اجتمعنا يا ربّ لنشكرك على نعمتك وحضورك في تاريخ البشر ولأنّك أشركت كل واحد منّا في بناء تاريخ الخلاص عبر تاريخنا البشريّ. نشكرك على أسبوع زيارة الأعتاب الرّسوليّة وما حملته من غنى وخير وفرح ولاسيّما وقفتنا الإيمانيّة على ضريح القدّيس بطرس حيث جددنا إيماننا. ونشكرك يا ربّ لأنّك في مسيرة حياتنا تدخّلت وأنت توجهها باستمرار. نسألك النّعمة أن نبقى منفتحين إلى ما تريده في حياتنا."

 

ومن روما يعود غبطة البطريرك الرّاعي اليوم إلى بيروت، يرافقه عدد من الأساقفة السّبعة والثّلاثين الذين شاركوا في زيارة الأعتاب الرّسوليّة.