لبنان
09 أيلول 2024, 06:20

البطريرك الراعي يشرح سرّ أمومة مريم

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المارونيّ بالقدّاس الإلهيّ في جورة الترمس في إطار زيارته الراعويّة، وفي مناسبة وضع الحجر الأساس للقصر البلديّ، وقبيل عيد ولادة مريم العذراء.

 

إحتفل البطريرك المارونيّ بالليتورجيا الإلهيّة في جورة الترمس لأكثر من مناسبة، أوّلًا في إطار الزيارة الراعويّة التي تحمله إلى رعيّة البلدة وثانيًا لوضع الحجر الأساس للقصر البلديّ الذي يتضمّن صالة باسم الخورأسقف بطرس قرقماز، وقبيل عيد ولادة مريم العذراء، وكانت له كلمة تعليميّة استهلّها بالآية التالية من إنجيل يوحنّا: "إنّ أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو 8: 21).

ذكر البطريرك الراعي أوّلًا هذه الآية من إنجيل يوحنّا وقال عن أمومة مريم، والدة الإله، التي تحتفل الكنيسة بذكرى مولدها في الثامن من أيلول/سبتمبر من كلّ سنة: "بيّن القدّيس يوحنّا أنّ أمومة مريم هي، في الأساس أمومة روحيّة، قبل حتّى أن تكون أمومة جسديّة، فقد سمعت كلمة الله على الدوام. ما يعني أنّ الربّ يدعونا إلى أن نكون نحن أيضًا مشاركين في "الأمومة والأخوّة"، روحيًّا، بسماع كلام الله، مثل مريم بالعمل بها".

قال البطريرك: "لقد أعطت مريم كلمة الله جسدًا بشريًّا، أمّا نحن فمدعوّون لنعطي كلمة الله حياة فينا، حسب قول بولس الرسول: "أنا أحيا، لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ" (غلا 2: 20). بل نستطيع القول إنّ يسوع يريد منّا، لا أن نعطيه جسدًا، بل أن نكون نحن جسده، بحيث يفكّر في عقولنا، ويقول الحقيقة في ألسنتنا، ويحبّ بقلوبنا، ويعمل الخير بإرادتنا، ويبارك بأيدينا. وفي كلّ حال نحن أصبحنا بالمعموديّة والميرون أعضاء في جسده".

تابع البطريرك كلمته قال: "كلمة الله التي نسمعها ونعمل بها، هي كلمة نعلنها في قانون الإيمان؛ ونحتفل بها كسرّ مسيحيّ في الليتورجيا؛ ونعيشها بحياة جديدة بالمسيح، بالفضائل والوصايا العشر، وسط الجماعة البشريّة، وتصبح صلاة تنعش حياتنا.  

كلمة الله التي نسمع ونعمل بها هي ثقافتنا المعاشة، بل حضارتنا التي نجسّد في الوطن اللبنانيّ المتميّز كبلد الوحدة في التعدّديّة الثقافيّة والدينيّة.

هذه الوحدة في التنّوع تستوجب الولاء الجامع للوطن اللبنانيّ. غريب حقًّا كيف يوالي لبنانيّون غير لبنان. فمجرّد أن يفكّر اللبنانيّ بعظمة الفكرة اللبنانيّة، من المفترض أن يصبح لبنانيًّا بالإعجاب قبل الولاء، وبالمحبّة قبل الشراكة، وبالافتخار قبل الوطنيّة. لا يوجد مبرّر لأيّ لبنانيّ ليخون لبنان، فيما لديه المبرّرات كلّها ليُخلصَ له".

ثمّ انتقل الراعي إلى المشروع العمرانيّ في جورة الترمس والذي من ضمنه صالة باسم الخورأسقف بطرس قرقماز، الكاهن المارونيّ الأوّل المُرسل إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة من المثلّث الرحمة البطريرك يوحنّا الحاج برسالة مؤرّخة في 22 أيّار/مايو 1890. وفي غضون أقلّ من سنة، تحديدًا في 18 كانون الثاني/يناير 1891، تجسّدت، للموارنة الرعيّة الأولى في الولايات المتّحدة، في مانهاتن - نيويورك بالقرب من مركزي التجارة اللذين تهدّما في هجوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 وتهدّمت الكنيسة معهما وقد وجدت آثارها عند عمليّات إزالة الأنقاض من المنطقة.

ونوّه البطريرك بوجود مكتبةٍ ومركزٍ للخدمات الاجتماعيّة ومكتب سياحة ومركزٍ رياضيّ ضمن القصر البلدي العتيد، كما عدّد سلسلةً من الأنشطة والأعمال التي هنّأ رئيس البلديّة وأعضاء مجلسها جميعهم، عليها.  

ثمّ تطرّق الراعي إلى موضوع الوطن لبنان المحبَّب إليه قال: "إنّ صيغة لبنان النموذجيّة التي كانت نقطة قوّته تحوّلت، بعد مئة سنة، نقطة ضعفه. لكنّ الإجماع على فشل الصيغة اللبنانيّة أو إفشالها، يوازيه تعثّر شامل في إيجاد بديل منها يُجمع عليه اللبنانيّون.  

إعلان حياد لبنان هو نظام ملازم وجود لبنان. فهو لا يحمي لبنان من الدول الأجنبيّة فحسب، بل يقيم السلام بين المكوّنات اللبنانيّة. علاوة على الحياد، إنقاذ لبنان يستلزم دورات تثقيفيّة مكثّفة.  وليس صدفة أنّ نسبة الانهيار الوطنيّ توازي نسبة الانهيار الثقافيّ".  

ختم البطريرك المارونيّ كلمته قال: "فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل أن يمنّ علينا الله بنعمة سماع كلامه بإيمان ورجاء، ونحفظه ثقافة في عقولنا، ونعيشه حضارة في حياتنا اليوميّة. للثالوث القدّوس الآب والابن والروح القدس كلّ مجد وشكران الآن وإلى الأبد."