البطريرك الرّاعي كرّس درب الصّليب في محميّة مار جرجس- ترتج
بعد قصّ شريط الافتتاح وصلاة التّكريس، جال البطريرك الرّاعي والحضور في أرجاء المشروع على أنغام التّراتيل الدّينيّة، ثمّ ألقت القائمقام الخوري كلمة اعتبرت فيها أنّ زيارة البطريرك لهذه البلدة هي شهادة على الثّوابت المستمدّة من أسس الوطن اللّبنانيّ، أرضًا وشعبًا وتفاعلاً وانفتاحًا فيما بينهم، مشيرة إلى أنّ ترتج كانت وما تزال مشروع تطوير علميّ واجتماعيّ يصبّ في خدمة الجميع بكلّ نقاوة وصفاء.
ولفتت ميريلا صليبا في كلمة بإسم لجنة الوقف إلى أنّ وجود البطريرك المارونيّ وجميع الحاضرين "هو دعم وتشجيع لنا لأنّ لجنة الوقف الفتيّة الطّموحة سوف تكمل المشاريع بمساعدة أبناء البلدة إن شاء الله وسمحت الظّروف"، معلنة أنّه يدًا بيد تقوى علينا التّجربة فنثمر خيرًا وعطاء، فالعطاء جميل ونحن نعطي لنحيا لأنّ الامتناع عن العطاء سبيل الفناء.
وإعتبر منفّذ المشروع جوزف اسطفان أنّ تلبية البطريرك الرّاعي لزيارته البلدة وتكريسه للمشروع في ظلّ هذه الظّروف الصّعبة، ورغم انشغاله بأوضاع البلد، ورغم تمدّد كورونا، تأكيد لنا مجدّدًا أنّه مهما كثرت الصّعاب، نحن أبناء الرّجاء، سنبقى مؤمنين بديمومة هذا الوطن، طالما بقي إيماننا بالله ثابتًا، محافظين على تراث أجدادنا.
ووجّه رسالة إلى الشّباب داعيًا إيّاهم إلى عدم اليأس، وقراءة التّاريخ، عندها ستجدون فيه ما يريحكم.
وبدوره تحدّث المطران ميشال عون في كلمته عن العلاقة الوطيدة الّتي تربط أهالي البلدة بالبطريرك الرّاعي منذ أن كان راعيًا للأبرشيّة مثنيًا على روح التّضامن والتّعاون بين أبناء البلدة وسخائهم ولجان أوقافها وصولاً إلى مرحلة تتويج هذا المشروع على همّة ابن البلدة المهندس جوزف اسطفان وعقيلته، وقال: "درب الصّليب الّذي نكرّسه اليوم هو مفخرة ليس فقط لبلدة ترتج بل لكلّ الأبرشيّة ولكلّ لبنان لأنّنا نطمح أن يكون حيّ مار جرجس ودرب الصّليب محجًّا لكلّ مؤمن يريد أن يتأمّل بآلام الرّبّ يسوع الخلاصيّة ".
وتمنّى أن تبقى المحبّة شيمة أبناء البلدة لكي يتابعوا بناء الكاتدرائيّة الّتي نفخر بها مشيرًا إلى أنّ درب الصّليب تأمّل في آلام الرّبّ يسوع الخلاصيّة وهذا الدّرب لا ينتهي بالموت فقط بل بالقيامة .
وإختتم كلمته قائلاً: "إنّ لبنان اليوم لا يزال في درب الصّليب وكم نطمح بصلوات رأس كنيستنا وكلّ مؤمن في لبنان أن تنتهي درب الآلام الّتي يعيشها وطننا وشعبنا ونصل إلى قيامة هذا الوطن من كبوته".
وختامًا كانت كلمة للبطريرك الرّاعي قال فيها: "سيادة المطران ميشال عون راعي أبرشيّة جبيل المارونيّة، سيادة المطران جوزف نفّاع، سيادة المطران حنّا رحمة، معكم أحيّي كلّ الجمهور الحاضر وسعادة النّوّاب وقائمقام جبيل وكلّ المقامات الموجودة، والأخ والصّديق الأستاذ جوزف مع زوجته السّيّدة ظريفة، أحيّيهما على هذا الإنجاز الجبّار الّذي قاما به بعد أن أعدّته لجنة الوقف وأكملتما الطّريق في هذا المشروع الرّائع والمكلف، والّذي ردّد على مسمعي الأخ جوزف فيما كنّا نسير على درب الصّليب، بأنّ المؤمن يستطيع أن يفعل أيّ شيء."
وأضاف: "في الحقيقة هذه اللّيلة هي ليلة مقدّسة، فالمسيرة الّتي سلكناها لأعلى درب الصّليب كانت وقفة تأمّل ورجاء وصمود، بينما كنّا نرى مراحل درب الصّليب، كنت أتأمّل كيف أنّ الرّبّ شارك آلامه مع كلّ النّاس، وكلّنا اختبرنا ألمًا عاشه المسيح جسديًّا كان أم معنويًّا، وهذا العمل الّذي أنجزتموه، أيّ درب الصّليب، سيبقى لأجيال وأجيال، جميعنا راحلون عن هذه الدّنيا، وهذه الدّرب باقية ليس فقط لترتج وبلاد جبيل، بل لكلّ لبنان، وربّما للعالم، فلا أحد يعلم كم سيستقطب هذا المكان من مؤمنين. أخانا جوزف لقد قلت لنا إنّ المرحلة الأخيرة ما زالت ناقصة، وهي مرحلة القيامة، وهذا صحيح فدرب الصّليب تنتهي بالقيامة، فنحن قياميّون، وهنا نتذكّر كلمة البابا فرنسيس الّتي قالها وردّدها للشّعب اللّبنانيّ الّذي يعيش اليوم أكبر محنة في حياته، مع غياب الأمل والاصطدام بأفق مسدود، فقال إنّ بعد ليل درب الصّليب سيشرق فجر القيامة، فالقيامة ليست حدثًا تاريخيًّا انتهى مع الرّبّ يسوع، بل هو حدث يتجدّد كلّ يوم، فالمسيح يتألّم معنا ويقوم معنا فهذا سرّ الرّجاء المسيحيّ، الموت والقيامة."
وتابع: "أريد أن أتحدّث عن الصّمود، فقد رأينا كيف بنيتم بهذه الصّخور هذه الدّرب لتقولوا إنّكم صامدون في الأرض اللّبنانيّة وفي هذه الجبال، ولنقول بأنّنا هنا وما من قوّة تزيحنا من هنا لأنّنا أصحاب قوّة وأصحاب صمود، على الرّغم من الأزمات والصّعوبات الكثيرة الّتي نمرّ بها في لبنان والّتي يشعر بها الجميع وخاصّة من يجوع ومن لا يملك ثمن الخبز، ومن لا يجد الدّواء، ولا يجد وظيفة، نحن نقول للمتألّمين لا تخافوا فيسوع معكم، هو قوّتكم وأملكم، هو يعلم ما في قلب كلّ واحد منكم، فقولوا في وقت الصّعاب "مع آلامك يا يسوع".
وإختتم قائلاً: "مرّة جديدة أكرّر شكري لأخينا جوزف وزوجته السّيّدة ظريفة على هذه الفكرة السّبّاقة والخلّاقة، والرّبّ يعلم كيف يكافيكم ويكافي كلّ من تعب في هذا المشروع، وأشكر سيادة المطران ميشال عون الّذي كان معكم وشجّعكم للمضيّ والاستمرار حاملاً كلّ الطّاقة الرّوحيّة والإنمائيّة، وأعود للأخ جوزف وزوجته وأذكّرهم عندما زاراني للدّعوة في المشاركة لم أتردّد لحظة في الموافقة والسّبب كان حبّي الكبير لترتج والّذي يعود لبداياتي في الرّهبنة اللّبنانيّة المارونيّة حيث تعرّفت على ترتج من خلال الكاهن الّذي كنّا نسمّيه بطرس التّرتجاني، وقد اختبرت بطولة أبناء ترتج عندما أصبحت مطرانًا على جبيل. أكرّر شكري لكلّ من تعاون معنا لإنجاز هذا العمل، ولكلّ من ألقى كلمات في هذا اللّقاء الجميل، وللفنانة جمانة مدوّر على صوتها الجميل، وأقول من قلبي، عاشت ترتج، عشتم، وعاش لبنان."
كما جرى عرض فيلم وثائقيّ قصير عن مراحل تصميم وتنفيذ المشروع وتخلّل الحفل وقفة ترانيم مع المرنّمة جومانا مدوّر.