البطريرك الرّاعي: شربل القدّيس حبّة حنطة وسط زؤان الخطيئة وشرّ الأشرار
"في أرض لبنان زرعه الله حبّة حنطة عرف كيف يحافظ عليها بالصّلاة والنّعمة، وسط زؤان الخطيئة والشّرّ والأشرار، فأثمرت الحبّة مئة. لقد نما، كما تنمو حبّة الزّرع، في خطّ تصاعديّ، بدءًا من بقاع كفرا بتربية بيتيّة وبيئيّة متأصّلة في الصّلاة والإيمان والممارسة الدّينيّة حتّى عمر ثلاثة وعشرين سنة؛ وصولاً إلى رحاب الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة، حيث نال تربيته الرّوحيّة واللّاهوتيّة، في دير مار قبريانوس ويوستينا كفيفان، على يد معلّم نقل إليه اللّاهوت وعلّمه القداسة، وتبعه فيها، وهو الأب القدّيس نعة الله الحرديني؛ ثمّ في دير مار مارون عنّايا، حيث راح ينمو ويرتقي سلّم فضائل الإيمان والرّجاء والمحبّة وما يتّصل بها، ويختمر بعيش المشورات الإنجيليّة الطّاعة والعفّة والفقر نذورًا حافظ عليها بدقّة بطوليّة، حتّى مسحت وجهه ببهاء الجمال الإلهيّ. وأخيرًا بعمر سبعة وأربعين سنة صعد إلى المحبسة، صعود الرّبّ يسوع إلى جبل الجلجلة، حيث تماهى معه ذبيحةَ ذات بالتّقشّف والصّوم والتّأمّل والصّلاة والانتصار على تجارب الشّيطان ومحنه، حتّى الممات. فتجلّى، بذاك النّور المشعّ من قبره، تجلّي الرّبّ على جبل طابور. لقد عاش، في اتّحاده الكامل بالله، بين صليب الجلجلة وبهجة طابور، فوق تلك القمّة، بعيدًا عن أنظار جميع النّاس".