البابا يعبّر عن امتنانه للعائلات التّي تقبل طواعيّة عطيّة الحياة
كلام البابا جاء بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر أمس الأحد، وقد أشار في كلمته كذلك إلى القمّة الدّوليّة الّتي تُعقد اليوم في الفاتيكان حول حقوق الأطفال تحت عنوان "لنحبّهم ونحميهم"، والّتي يشارك بها، قائلًا: "إنّها فرصة فريدة للفت انتباه العالم إلى القضايا الأكثر إلحاحًا الّتي تؤثّر على حياة الصّغار. أدعوكم للانضمام إليّ في الصّلاة من أجل نجاحها. وفيما يتعلّق بموضوع القيمة الأساسيّة للحياة البشريّة أكرّر "لا" للحرب الّتي تدمّر كلّ شيء وتدمّر الحياة وتحثّ على احتقارها. ولا ننسينَّ أنّ الحرب هي هزيمة على الدّوام. في سنة اليوبيل هذه، أجدّد ندائي، ولاسيّما للحكّام المسيحيّين، لكي يبذلوا كلّ جهد في المفاوضات لإنهاء جميع الصّراعات الجارية. لنصلِّ من أجل السّلام في أوكرانيا المعذّبة وفلسطين وإسرائيل ولبنان وميانمار والسّودان وشمال كيفو. أتمنّى للجميع أحدًا طيّبًا. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي!".
وكان البابا قبل الصّلاة قد توجّه إلى المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس بكلمة روحيّة لمناسبة عيد دخول المسيح إلى الهيكل، فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "يخبرنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجية اليوم عن مريم ويوسف اللّذَين صعدا بالطّفل يسوع إلى الهيكل في أورشليم. وقدّماه بحسب الشّريعة في مسكن الله، كتذكير بأنَّ الحياة تأتي من الرّبّ. وبينما كانت العائلة المقدّسة تقوم بما كان يتمّ دائمًا في شعب إسرائيل، من جيل إلى جيل، حدث شيء لم يحدث أبدًا من قبل.
لقد تنبّأ شيخان، سمعان وحنّة عن يسوع: سبّحا الله وتحدّثا عن الطّفل إلى "كلِّ من كان ينتظر افتداء أورشليم". لقد تردّد صدى صوتهما بين حجارة الهيكل القديمة، معلنًا تحقيق انتظارات إسرائيل. إنّ الله حاضر حقًّا في وسط شعبه: لا لأنّه يسكن بين أربعة جدران، وإنّما لأنّه يعيش كإنسان بين البشر. وفي شيخوخة سمعان وحنّة تمّت الحداثة الّتي تغيّر تاريخ العالم.
أمّا مريم ويوسف، من جهتهما، فقد كانا "يعجبان ممّا يقال" في يسوع. في الواقع، عندما حمل سمعان الطّفل على ذراعيه، ناداه بثلاث طرق جميلة تستحقّ أن نتأمّل بها. يسوع هو الخلاص، يسوع هو النّور، يسوع هو آية معرّضة للرّفض. أوّلًا، يسوع هو الخلاص. هكذا يقول سمعان متضرّعًا إلى الله: "لقد رأت عيناي خلاصك الّذي أعددته في سبيل الشّعوب كلّها". هذا الأمر يتركنا مندهشين على الدّوام: الخلاص الشّامل مُركَّز في شخص واحد! أجل، لأنّ في يسوع يسكن ملء الله كلّه، وملء محبّته.
الجانب الثّاني: يسوع هو "نُورٌ يتجلّى للوثنيّين". كالشّمس المشرقة على العالم، هذا الطّفل سيخلّصه من ظلمة الشّرّ والألم والموت. وما أحوجنا اليوم أيضًا إلى النّور، إلى هذا النّور! وأخيرًا، الطّفل الّذي يحتضنه سمعان هو آية معرّضة للرّفض "لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة". يكشف يسوع عن معيار الحكم على التّاريخ بأسره ومأساته، وعلى حياة كلّ واحد منّا. هذا المعيار هو المحبّة: إنَّ الّذي يحبّ يحيا والّذي يُبغض يموت.
إذ نستنير بهذا اللّقاء مع يسوع، يمكننا إذن أن نسأل أنفسنا: أنا، ما الّذي أتطلّع إليه في حياتي؟ ما هو رجائي الكبير؟ هل يتوق قلبي إلى رؤية وجه الرّبّ؟ هل أنتظر تجلّي مخطّطه الخلاصيّ للبشريّة؟ لنصلِّ معًا إلى العذراء مريم، الأمّ الطّاهرة لكي ترافقنا عبر أنوار التّاريخ وظلاله ولكي ترافقنا على الدّوام للقاء الرّبّ".