البابا يستقبل أعضاء الجمعيّة الإيطاليّة لمكافحة اللّوكيميا وورم الغدد اللّمفويّة والورم النّخاعيّ
"بدايةً، أُرحّبُ بكم حميعًا ويسعدني أن أُعبّرُ لكم عن مدى سروري للقائكم في الفاتيكان؛ وأخصُّ بالتّحيّة المرضى الحاضرين، ومن لم تتسنَّ لهم فرصة المجيء إلى روما. كما أوجّه كلمة شكر إلى رئيس الجمعيّة البروفسور سيرجو أمادوري، والأطبّاء والعاملين الصّحيّين، والملتزمين في مجال البحوث والمتطوّعين، وجميع من يتقاسمون أهداف هذه المؤسّسة. وإنّ العلم، كما سبق أن أشرتُ في مناسبات عدّة، يشكّل أداةً قويّةً لنفهم، بصورة أفضل، الطّبيعة المحيطة بنا؛ فضلًا عن الصّحّة البشريّة. وإنّ معرفتنا تتطوّر وتنمو، ومعها تتطوّر الوسائل والتّكنولوجيّات التي تسمح بالتّدخُّل في الكائنات الحيّة، بما في ذلك الإنسان، وصولًا إلى إمكانيّة تعديل الحامض النّوويّ.
والكنيسة الكاثوليكيّة تُحيّي وتُشجّع كلّ جهد في مجال البحث والتّطبيق الذي يرمي إلى الاعتناء بالأشخاص المتألّمين. ومن هذا المنطلق، أنا أكنّ كلّ التّقدير للجهود التي بذلتها هذه الجمعيّة الطّبيّة في إيطاليا، على مدى العقود الخمسة الغابرة. وإنّه بفضل نشاطها الثّمين، صارت الجمعيّة واقعًا هامًّا على التّراب الوطنيّ، واضعةً نفسها في خدمة المرضى، وهي تتعاون مع العديد من المراكز المتخصّصة.
وإنّ نمط عمل الجمعيّة الإيطاليّة لمكافحة اللّوكيميا وورم الغدد اللّمفويّة والورم النخاعيّ، يعود بالفائدة الكبيرة أكان على صعيد البحث العلميّ، أم الرّعاية الصّحيّة أو تدريب العاملين الصّحيّين، لاسيّما في المجالات الثّلاثة التي تعمل فيها الجمعيّة.
وإنّه وبفضل البحوث العلميّة يغوص أعضاء الجمعيّة في البعد البيولوجيّ للإنسان، بهدف التّخفيف من معاناته في أوضاع المرض، فضلًا عن الجهود الحثيثة في مجال الوقاية والعلاج. كما، وبفضل الرّعاية الصّحيّة، تمكث الجمعيّة إلى جانب الأشخاص المتألّمين وترافقهم في مراحل المرض والألم، كي لا يشعر أيّ شخص بأنّه مقصيّ أو مهمّش داخل الإطار الاجتماعيّ. كما توفّر الجمعيّة الرّعاية الكاملة للشّخص المريض.
ويجدر الإشارة إلى العمل التّطوّعيّ السّخيّ الذي يرافق الجمعيّة الطّبيّة، إذ إنّ العديد من الرّجال والنّساء يكرّسون وقتهم من أجل المكوث إلى جانب المرضى. وعلى غرار مريم التي مكثت أمام الصّليب، يبقى هؤلاء إلى جانب أسرة المرضى والمتألّمين، ويقدّمون لهم التّعزية المطلوبة. وهذا الموقف يكتسب أهميّة كبرى عندما يكون المريض مصابًا بداء في الدّم، لأنّ وضعه الصّحّيّ يكون معقّدًا، كما أنّ الفترة الطّويلة التي يمضيها هؤلاء المرضى في عزلة عن العالم الخارجي تجعلهم يشعرون بأنّهم منفصلون عن العالم وعن العلاقات ما بين الأشخاص وعن الحياة اليوميّة.
أمّا المرضى الذين يعيشون وضعًا مشابهًا، أؤكّدُ لكم أنّكم لستم لوحدكم لأنّ اللّه يرافقهم، وإنّ حضور أشخاص كثيرين يشاطرونكم هذه المراحل الصّعبة من حياتكم، يشكّل علامة ملموسة لحضور مريم إلى جانب ابنها المتألّم.
وإنّ فكري يتّجه أيضًا إلى رجال الكنيسة الذين يرافقون المرضى. وإنّه من خلال الشّهادة الرّوحيّة والأخويّة التي يقدّمها هؤلاء، تعبّر جماعة المؤمنين بأسرها عن تضامنها مع المرضى والأشخاص الضّعفاء. ومن هنا تأتي أهميّة الدّور الذي يلعبه الأطبّاء والممرّضون وعلماء الأحياء والعاملون الصّحيّون في هذا المجال. وإنّ هذا الدّور يحمل أيضًا بعدًا روحيًّا، لأنّ العاملين الصّحيّين مدعوّون إلى الاهتمام بالمريض بكليّته، جسدًا وروحًا، لأنّ العلاج لا يقتصر على عضو ما في الجسم أو على الأنسجة والخلايا، بل يتعلّق بالإنسان كلّه.
في الختام، أشكركم على النّشاط السّخي الذي تقومون به منذ خمسين عامًا، وآمل أن تُشكّل الإنجازات التي تحقّقت على صعيد البحوث والتّقدّم العلمي حافزًا لانطلاقة متجدّدة، بغية الاهتمام بالمريض بصورةٍ أفضل، وتحسين أوضاعه الحياتيّة."
هذا وتمنّى البابا فرنسيس أيضًا أن يستشعر جميع الأشخاص أكثر وأكثر بثقافة العطاء والاهتمام بالآخرين، لأنّ هذا الأمر يشكل عنصرًا أساسيًّا في حياة كلّ جماعة بشريّة.