البابا يتلو صلاة "افرحي يا ملكة السماء" ويوكل إلى مريم ملكة السلام مصائر شعوب الشرق الأوسط
لفت البابا في كلمته إلى أنّه عاد مساء أمس إلى روما في أعقاب زيارة الحج التي قادته إلى فاطيما بالبرتغال، وقال:"دعونا نحيي عذراء فاطيما". ولفت إلى أنّ الصلاة المريمية هذا الأحد تكتسب معنى خاصاً مفعماً بالذاكرة والنبوة بالنسبة لمن ينظر إلى التاريخ بأعين الإيمان. وأضاف فرنسيس أنّه في فاطيما غاص في صلاة شعب الله القدوس والأمين، هذه الصّلاة التي تتدفق هناك كنهر منذ مائة عام من أجل ابتهال حماية مريم الوالدية للعالم كلّه. وقال البابا إنّه يرفع الشكر للرب لأنّه أتاح له فرصة التوجه إلى قدمَي الوالدة العذراء كحاج رجاء وسلام. وتوجّه أيضاً بالشكر النابع من القلب إلى جميع الأساقفة، وسلطات الدولة ورئيس الجمهورية وكل من ساهموا في إتمام هذه الزيارة الرسولية التاسعة عشرة للبابا فرنسيس خارج إيطاليا.
بعدها ذكّر البابا بأنّه توقف لفترة طويلة من الصمت داخل "كابلة الظهورات" وقد أحاط به صمت الحجاج المصلّين، مشيراً إلى أجواء الخشوع والتأمل التي رافقت هذه الصلوات. وأكّد أنّ الرب القائم من الموت كان في المحور وما يزال، لأنّه حاضر وسط شبعه في الكلمة والأفخارستيا. كما أنّه حاضر أيضاً وسط العديد من المرضى الذين يوجّهون الحياة الليتورجية والرعوية في فاطيما، كما هي الحال في المزارات المريمية الأخرى.
هذا، ثم لفت البابا فرنسيس إلى أنّ العذراء اختارت ـ في فاطيما ـ القلوب البريئة للصغار فرنشسكو وجاشينتا ولوتشيا وبساطتهم لتُسند إليهم رسالتها. وقد قبل هؤلاء الأطفال هذه الرسالة بجدارة وصاروا شهوداً ذوي مصداقية لهذه الظهورات كما أصبحوا أيضاً نموذجاً للحياة المسيحية. وأكّد البابا أنّه من خلال إعلانه قداسة فرنشسكو وجاشينتا شاء أن يقترح على الكنيسة كلها مثالهَما في الانتماء إلى المسيح والشهادة الإنجيلية، كما شاء أن يطلب من الكنيسة كلها الاعتناء بالأطفال! وأوضح فرنسيس أنّ قداستهما ليست نتيجة لتلك الظهورات، بل للأمانة والحرارة اللتين تجاوبا من خلالهما مع هذا الامتياز الذي نالاه، ألا وهو فرصة مشاهدة العذراء مريم. وذكّر البابا أنّه بعد لقائهما بـ"السيدة الجميلة" ـ كما كانا يسميانها ـ راحا يصليان السبحة الوردية بشكل متكرّر، كما قاما بأعمال التوبة وقدّما التضحيات اللازمة، من أجل إنهاء الحرب وعلى نية النفوس التي تحتاج أكثر من غيرها إلى الرحمة الإلهية.
وتابع البابا كلمته مؤكّداً أنّه في أيامنا هذه ثمة حاجة كبيرة للصلاة والتوبة من أجل ابتهال نعمة الارتداد، وابتهال نهاية العديد من الحروب حول العالم والآخذة بالتمدد، وكذلك على نيّة نهاية الصراعات العبثية الكبيرة والصغيرة التي تشوّه وجه البشرية. هذا، ثمّ دعا فرنسيس المؤمنين والحجاج إلى ترك النور المنبعث من فاطيما يقودهم، آملاً أن يبقى قلبُ مريم الطاهر على الدوام ملجأَ المؤمنين وعزاءهم والدرب التي تقود إلى المسيح.
بعد تلاوة صلاة "افرحي يا ملكة السماء" قال البابا إنه يوكل إلى مريم، ملكة السلام، مصائر الشعوب التي تعاني من الحروب والنزاعات، لاسيّما في الشرق الأوسط. وقال إنّ العديد من الأشخاص الأبرياء يُمتحنون اليوم بشدة، أكانوا مسيحيين، أم مسلمين أم منتمين إلى الأقليات كالأيزيديين، والذين يعانون من أعمال العنف المأساوية والتمييز. وعبّر البابا فرنسيس عن تضامنه مع هؤلاء الأشخاص، مؤكّداً أنّه يذكرهم في صلواته، وتوجّه بالشكر في هذا السياق إلى الأشخاص الملتزمين في سدّ الاحتياجات الإنسانية. وشجّع البابا مختلف الجماعات على سلوك درب الحوار والصداقة الاجتماعية من أجل بناء مستقبل يتّسم بالاحترام والأمن والسلام، بعيداً عن كل شكل من أشكال الحرب.
هذا، ثمّ ذكّر البابا باحتفال تطويب الكاهن اليسوعي جون سوليفان والذي جرى يوم أمس السبت في دبلين. وقال إنّ هذا الرجل عاش في أيرلندا بين القرنين التاسع عشر والعشرين، وقد كرّس حياته لتعليم الشبان ولتنشئتهم الروحية وكان محبوباً جدّاً ويُعتبر بمثابة أب للفقراء والمتألمين. ودعا البابا جميع المؤمنين إلى رفع الشكر لله على الشهادة التي قدمها هذا الطوباوي الجديد.
في الختام، وجّه البابا تحياته الحارة إلى وفود الحجاج والمؤمنين القادمين من إيطاليا وبلدان أخرى وحيّا مجموعة من الأمهات القادمات من مدينة بورديغيرا بإيطاليا وقال لهنّ إنّ مستقبل المجتمع يتطلب من قبل الجميع ـ لاسيّما من المؤسسات ـ اهتماماً ملموساً بالحياة والأمومة. وقال إنّ هذا النّداء يكتسب ميزة خاصة هذا الأحد الذي تحتفل فيه بلدان عدة بعيد الأم، ودعا فرنسيس المؤمنين في الختام إلى تذكار جميع الأمهات بامتنان وعطف، بما في ذلك أمهاتنا في السماء، وإيكالهن إلى مريم، أم يسوع، وطلب البابا من المؤمنين الوقوف دقيقة صمت ليصلّي كل واحد منهم على نيّة أمّه. بعدها تمنى فرنسيس للجميع أحداً سعيداً وغداءً شهيّاً وسألهم أن يصلّوا من أجله!