الفاتيكان
28 آب 2016, 10:47

البابا يتلو التّبشير الملائكي ويعلن عن نيّته في زيارة المناطق الإيطاليّة المنكوبة جرّاء الزّلزال الأخير

تلا البابا فرنسيس، ظهر اليوم الأحد، صلاة التّبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين، في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان.

وتوقّف البابا في كلمته عند إنجيل هذا اليوم، والذي يحدّثنا عن يسوع فيما كان داخل منزل أحد رؤساء الفرّيسيين، وكان ينظر إلى المدعوّين إلى مائدة الطعام والسّاعين بجهد إلى اتّخاذ أماكن الصّدارة. وعندما رأى هذا المشهد ـ تابع البابا يقول ـ روى يسوع مثلين اثنين قدّم من خلالهما توجيهين: أحدهما يتعلّق بأماكن الصّدارة والآخر بالمكافأة.

وأكّد البابا أنّ المثل الأول الذي ضربه يسوع يتعلّق بالدّعوة إلى العرس، وقال فيه:"إِذا دُعيتَ إلى وَليمةِ عُرْسٍ فلا تَتَّكِئْ في المحَلِّ الأَوَّلِ، فقد يكونُ قد دُعيَ اليه مَنْ هُوَ أَكرَمُ منكَ مَنْزِلَة. فَيَأْتي الذي دَعاكَ وإِيَّاهُ، ويَقولُ لكَ: أَخْلِ المَوضِعَ لهذا؛ فتُضطَرُّ عِندَئذٍ أَنْ تَأْخُذَ لكَ المَحلَّ الأَخيرَ، وأَنتَ خجِل. (لوقا 14: 8-9). ومضى البابا إلى القول إنّ يسوع لم يشأ من خلال هذه التّوصية أن يقدّم قواعد للتّصرّف بل أن يقدّم درساً بشأن قيمة التّواضع. ويعلّمنا هذا المثل أنّ الغرور والوصوليّة وما هو باطل، كلّها أمور تسبّب شروراً كثيرةً. ومن هذا المنطلق، يحدّثنا يسوع عن أهميّة البحث عن المقاعد الأخيرة، وعندما نضع أنفسنا في هذا الموضع المتواضع أمام الله، قال البابا، يرفعنا الله، ينحني علينا ليرفعنا إليه، لأنّه "كُلَّ مَنْ رَفعَ نَفسَهُ يُوضَعُ، ومَنْ وَضعَ نفسَهُ يُرفَع" (لوقا 14، 11).

هذا، ثمّ لفت البابا فرنسيس إلى أنّ الثّمن الذي يدفعه الله يفوق ذلك الذي يدفعه البشر، لأنّه يعطينا مكاناً أجمل من المكان الذي يعطينا إيّاه البشر! إنّ المكان الذي يعطينا إياه الله قريب جداً من قلبه، ومكافأته هي الحياة الأبديّة، إذ يقول "فطوبى لَكَ .... فتُكافَأُ في قِيامَةِ الأَبرار" (لوقا 14: 14). وفي المثل الثاني يقول الرب يسوع " ولَكِن إِذا أَقَمتَ مَأَدُبَة فادعُ الفُقَراءَ والكُسْحانَ والعُرْجانَ والعُمْيان. فطوبى لَكَ إِذ ذاكَ لأَنَّهم لَيسَ بِإِمكانِهِم أَن يُكافِئوكَ" (لوقا 14: 13-14). وشدّد البابا على ضرورة البحث عن الخدمة المجّانيّة، لا عن المكافأة؛ لأنّ الفقراء لا يسعهم أن يردّوا لنا الدّعوة إلى مائدة الطّعام، مؤكّداً أنّ يسوع يعبّر من خلال هذا المثل عن تفضيله للفقراء والمهمّشين، المفضّلين لدى ملكوت الله، ويطلق الرّسالة الأساسيّة للإنجيل، وخدمة القريب محبّةً بالله.

وأكّد البابا فرنسيس في كلمته إلى المؤمنين أنّ يسوع هو اليوم صوت من لا صوت لهم، ويوجّه لكل واحد منّا نداءً قلبيّاً، كي نفتح قلبنا ونتبنى معاناة ومخاوف الفقراء والجياع والمهمّشين واللاجئين ومن هزمتهم الحياة، ومن أقصاهم المجتمع وتسلّط الجبابرة. وقال البابا إنّ فكره يتّجه بامتنان إلى العديد من المتطوّعين الذين يسعون إلى إطعام الأشخاص المتروكين والمعوزين والعاطلين عن العمل والمشرّدين. وأشار إلى أنّ قاعات الطعام هذه تُمارس فيها المحبّة وتنشر ثقافة المجّانيّة، لأنّ العاملين فيها تُحرّكهم محبّة الله وتُنيرهم حكمة الإنجيل. هكذا تتحوّل خدمة الأخوة إلى شهادة للمحبّة التي تجعل محبّة المسيح مرئيّة وذات مصداقيّة.

في الختام، وبعد تلاوته صلاة التّبشير الملائكي عبّر البابا مجدّداً عن قربه الرّوحي من سكّان أقاليم لاتسيو، أومبريا وماريكيه بإيطاليا التي ضربها زلزال مدمّر لأيّام خلت، وأكّد لهم أنّ الكنيسة تتقاسم آلامهم ومخاوفهم، وتصلّي على نيّة الموتى والمفقودين. وأكّد أنّ العمل الدّؤوب الذي تقوم به السّلطات بمؤازرة القوى الأمنيّة والدّفاع المدني والمتطوّعين، يعكس أهميّة التّضامن من أجل تخطّي هذه المحنة الصّعبة.

ولفت في الختام، إلى أنّه يأمل بأن يزور المناطق المنكوبة في أقرب فرصة ممكنة، ليحمل للسكّان شخصيّاً عزاء الإيمان ومعانقة أب وأخ وعضد الرّجاء المسيحي. وبعد أن أشار إلى احتفال تطويب الأخت ماريا أنتونيا دي سان خوسيه، يوم أمس في الأرجنتين، ذكّر البابا المؤمنين بأنّه يوم الخميس المقبل الأول من أيلول سبتمبر سيُحتفل باليوم العالمي للصّلاة من أجل حماية الخليقة مع الأخوة الأرثوذكس وكنائس أخرى. وقال إنّ هذا اليوم سيشكّل مناسبةً لتعزيز الالتزام المشترك في حماية الحياة واحترام البيئة والطّبيعة.