الفاتيكان
17 تشرين الثاني 2025, 11:20

البابا: نحن مدعوّون لكي نقدّم شهادة للحقّ الّذي يخلّص العالم

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا لاون الرّابع عشر ظهر الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين والحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس.

وقبل الصّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "بينما يقترب العام اللّيتورجيّ من نهايته، يجعلنا إنجيل اليوم نتأمّل حول مخاض التّاريخ ونهاية الأشياء. وبما أنَّه يعرف قلوبنا، يدعونا يسوع، إذ ينظر إلى هذه الأحداث، أوّلًا إلى عدم الاستسلام للخوف: "وإِذا سَمِعتُم بِالحُروبِ والفِتَن، فلا تَفزَعوا".

إنّ نداءه آنيٌّ جدًّا؛ للأسف في الواقع نحن نتلقّى يوميًّا أنباء صراعات وكوارث واضطهادات تُعذِّب ملايين الرّجال والنّساء. ولكن، سواء أمام هذه الآلام أو أمام اللّامبالاة الّتي تريد تجاهلها، تُعلِن كلمات يسوع أنّ اعتداء الشّرّ لا يمكنه أن يقضي على رجاء الّذين يضعون ثقتهم فيه. فكلّما ازداد الظّلام كاللَّيل، كلّما أشرق الإيمان كالشّمس.

لمرّتين في الواقع أكّد المسيح أنّه "من أجل اسمه" سيتعرّض الكثيرون للعنف والخيانة، ولكن عندئذٍ بالتّحديد ستُتاح لهم فرصة تقديم الشّهادة. وعلى مثال المعلّم، الّذي كشف على الصّليب عظمة محبّته، فإنّ هذا التّشجيع يَعنينا جميعًا. إنَّ اضطهاد المسيحيّين في الواقع لا يحدث بالأسلحة وسوء المعاملة فحسب، بل بالكلمات أيضًا، أيّ عبر الكذب والتّلاعب الأيديولوجيّ. وعندما نُضغَط بهذه الآلام، الجسديّة والمعنويّة، بشكل خاصّ، نحن مدعوّون لكي نقدّم شهادة للحقّ الّذي يخلّص العالم، وللعدالة الّتي تُحرّر الشّعوب من الظّلم، وللرّجاء الّذي يدلّ الجميع على درب السّلام.

إنّ كلمات يسوع، بأسلوبها النّبويّ، تشهد بأنّ كوارث التّاريخ وآلامه لها نهاية، بينما قدرُ فرح الّذين يعترفون به مخلّصًا أن يدوم إلى الأبد. "بِثَباتِكُم تكتَسِبونَ أَنفُسَكم": إنّ وعد الرّبّ هذا يغرس فينا القوّة لمقاومة الأحداث التّاريخيّة المُهدِّدة وكلّ إساءة؛ فلا نبقينَّ عاجزين أمام الألم، لأنّه هو نفسه يعطينا "الكَلام والحِكمَة"، لنعمل دائمًا الخير بقلب مُتَّقِد.

أيّها الأعزّاء، على مرّ تاريخ الكنيسة، يُذكِّرنا الشّهداء بشكل خاصّ بأنّ نعمة الله قادرة على أن تُحوِّل العنف نفسه إلى علامة فداء. لذلك، وإذ نتّحد بإخوتنا وأخواتنا الّذين يتألّمون من أجل اسم يسوع، فلنلتمس بثقة شفاعة العذراء مريم، معونة المسيحيّين. لتُعزِّينا وتعضدنا العذراء القدّيسة في كلّ محنة وصعوبة."

في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، كما ذكرتُ قبل قليل في تعليقي على الإنجيل، لا يزال المسيحيّون اليوم أيضًا، يتعرّضون للتّمييز والاضطهاد في أنحاء مختلفة من العالم. أفكّر، بشكل خاصّ، في بنغلاديش ونيجيريا وموزمبيق والسّودان وبلدان أخرى، الّتي ترد منها باستمرار أنباء عن هجمات على الجماعات وأماكن العبادة. إنّ الله هو أبٌ رحيم ويريد السّلام بين جميع أبنائه!

أرافق بالصّلاة العائلات في كيفو، في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، حيث وقعت في هذه الأيّام مذبحة للمدنيّين، راح ضحيّتها ما لا يقلّ عن ٢٠ ضحيّة إثر هجوم إرهابيّ. لنصلِّ لكي يتوقّف كلّ عنف ويتعاون المؤمنون من أجل الخير العامّ.

أتابع بألم الأنباء عن الهجمات الّتي لا تزال تستهدف العديد من المدن الأوكرانيّة، بما في ذلك كييف. إنّها تسبّب خسائر في الأرواح وجرحى، بينهم أطفال أيضًا، وأضرارًا جسيمة بالبنى التّحتيّة المدنيّة، وتترك العائلات بلا مأوى مع تزايد وطأة البرد. أؤكّد قربي من هذا الشّعب الّذي يعاني بشدّة. لا يمكننا أن نعتاد على الحرب والدّمار! لنصلِّ معًا من أجل سلام عادل ومستقرّ في أوكرانيا المعذّبة. أودّ أن أؤكّد أيضًا صلاتي من أجل ضحايا حادث السّير الخطير الّذي وقع يوم الأربعاء الماضي في جنوب البيرو. ليقبل الرّبُّ الموتى، ويعضد الجرحى، ويعزّي العائلات المفجوعة.

لقد تمَّ أمس، في باري، إعلان تطويب كارميلو دي بالما، الكاهن الأبرشيّ الّذي توفّي عام ١٩٦١ بعد حياة قضاها بسخاء في خدمة سرّ الاعتراف والمرافقة الرّوحيّة. لتُلهم شهادته الكهنة لكي يبذلوا ذواتهم بدون تحفّظ في خدمة شعب الله المقدّس.

نحتفل اليوم باليوم العالميّ للفقراء. أشكر جميع الّذين قاموا، في الأبرشيّات والرّعايا، بتعزيز مبادرات التّضامن مع الأشدَّ فقرًا. وبهذه المناسبة، وأعيد في هذا اليوم تسليمكم بشكل رمزيّ الإرشاد الرّسوليّ، "Dilexi te"، "لقد أحببتك"، حول المحبّة تجاه الفقراء، وثيقة كان البابا فرنسيس يعدها في الأشهر الأخيرة من حياته، وقد أكملتُها بفرح عظيم.

في هذا اليوم، نتذكّر أيضًا جميع الّذين لقوا حتفهم في حوادث السّير، الّتي غالبًا ما تسبّبها تصرّفات غير مسؤولة. ليقم كلّ واحد منّا بفحص ضمير حول هذا الأمر. كما أنضمّ إلى الكنيسة في إيطاليا الّتي تعيد اليوم إحياء يوم الصّلاة من أجل الضّحايا والنّاجين من الانتهاكات، لكي تنمو ثقافة الاحترام كضمانة لحماية كرامة كلّ شخص، ولاسيّما القاصرين والأكثر هشاشة."