الفاتيكان
24 تشرين الثاني 2017, 06:00

البابا للعائلة الفرنسيسكانيّة: ليحفظ الله صغركم وليجعله ينمو!

في لقاء جمعه بأعضاء العائلة الفرنسيسكانيّة في الفاتيكان، خطب البابا فرنسيس متوجّهًا إلى ضيوفه مستوحيًا كلامه من القانون الأوّل غير المثبّت والقائل "ليُدعوا جميعًا أصاغر"، مشيرًا إلى أنّه بهذه العبارة لا يتحدّث القدّيس فرنسيس عن أمر اختياريّ لإخوته بل يظهر عنصرًا مؤسِّسًا لحياتهم ورسالتهم.

 

وتابع البابا فرنسيس يقول، بحسب "إذاعة الفاتيكان": "من أين جاء الوحي للقدّيس فرنسيس ليضع الصّغر كعنصر أساسيّ لأخوَّتِكم؟ بما أنّ المسيح والإنجيل كانا الخيار الأساسيّ لحياته يمكننا أن نقول بثقة إنّ الصّغر يولد من التّأمُّل بتجسُّد ابن الله ويُلخّصه بصورة التّصاغر على مثال البذرة، إنّه المنطق عينه للـ "افتَقَرَ لأَجلِكُم وهو الغَنِيُّ لِتَغتَنوا بِفَقرِه". إنَّ حياة القدّيس فرنسيس قد طُبِعت باللّقاء مع الله الفقير الحاضر في وسطنا بيسوع النّاصريّ: حضور متواضع وخفيّ يعبده فقير أسيزيّ ويتأمّله في التّجسّد والصّليب والإفخارستيّا. وبالتّالي يُقدّم لكم الصّغر الفرنسيسكانيّ كمكان لقاء وشركة مع الله وكمكان لقاء وشركة مع الإخوة وجميع الرّجال والنّساء، وكمكان لقاء وشركة مع الخليقة. 

إنَّ الصّغر يميّز بشكل خاصّ علاقتكم مع الله. إنَّ الإنسان بالنّسبة للقدّيس فرنسيس لا يملك إلّا خطيئته وقيمته هي قيمته أمام الله، ولذلك ينبغي على علاقتكم به أن تكون علاقة طفل متواضع وواثق ومدرك لخطيئته. يُعاش الصّغر أوّلاً في العلاقة مع الإخوة الّذين أعطانا الرّبّ إيّاهم. كيف؟ من خلال تحاشي تصرّفات التّعالي والكبرياء. وهذا يعني اقتلاع الأحكام السّهلة على الآخرين واغتياب الإخوة. يُعاش الصّغر كتعبير عن الفقر الّذي نذرتموه عندما يُعزَّز روح عدم التّملُّك في العلاقات ويقيَّم ما هو إيجابيّ لدى الآخر كعطيّة تأتي من الرّبّ.

إنَّ ضرورة التّعبير عن أخوَّتكم في المسيح تجعل علاقاتكم الشّخصيّة تتبع ديناميكيّة المحبّة، لذلك وفيما تحملكم العدالة على الاعتراف بحقوق كلِّ فرد تتفوّق المحبّة على هذه الحقوق وتدعوكم إلى الشّركة الأخويّة. يُعاش الصّغر أيضًا مع جميع الرّجال والنّساء الّذين تلتقون بهم خلال ذهابكم في العالم مُتحاشين بانتباه كبير مواقف الكبرياء الّتي يمكنها أن تبعدكم عن الآخرين.

تدفعنا كلمات القدّيس فرنسيس لنسأل أنفسنا كأخوَّة: أين نحن؟ مع من نحن؟ مع من نبني علاقاتنا؟ من هم المفضَّلون بالنّسبة لنا؟ وبما أنَّ الصّغر لا يُسائل الأخوّة فقط بل كلّ فرد من مكوِّناتها لذلك من الأهمّيّة بمكان أن يقوم كلٌّ منّا بفحص ضمير حول أسلوب حياته وحول المصاريف واللّبس وحول ما يعتبره ضروريّ. إصنعوا فسحة استقبال وجهوزيّة لكي يدخل إلى حياتكم جميع صغار زمننا: المهمّشون والرّجال والنّساء الّذين يعيشون على طرقاتنا وفي المنتزهات والمحطّات؛ آلاف العاطلين عن العمل الشّباب والبالغين، والعديد من المرضى الّذين لا يمكنهم الحصول على العلاجات المناسبة. إفتحوا قلوبكم وعانقوا بُرص زمننا وإذ تدركون الرّحمة الّتي عاملكم الله بها عاملوهم برحمة كما عاملكم أيضًا أبوكم القدّيس فرنسيس".

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول "لقد كانت الخليقة بالنّسبة لقدّيس أسيزي ككتاب رائع يحدّثنا فيه الله وينقل إلينا من خلالها شيئًا من جماله. الخليقة هي كأخت لنا نتقاسم معها الحياة وكأُمٍّ جميلة تقبلنا بين ذراعيها. واليوم هذه الأخت وهذه الأمّ تثور لأنّها تشعر بسوء المعاملة، أمام الانحلال الشّامل للبيئة أسألكم كأبناء لفقير أسيزي أن تدخلوا في حوار مع الخليقة بأسرها إذ تعطوها صوتكم لتمجّد الخالق. أيّها الإخوة الأعزّاء أجدّد لكم طلب القدّيس فرنسيس: "ليُدعوا جميعًا أصاغر". ليحفظ الله صغركم وليجعله ينمو".