البابا لعلماء اللاهوت: 'الأيديولوجيا تقتل الواقع وتتلاعب بالناس'
ُلدةُلدة
دعا البابا فرنسيس، في حديثه أمام المشاركين في مؤتمر دوليّ استمرّ يوميْن عقد في جامعة لاتيران البابوية حول مستقبل اللاهوت، إلى اتّباع نهج لاهوتيّ ديناميكيّ ومتعدّد التخصّصات وشامل يعالج تعقيدات المجتمع المعاصر مع الحفاظ على جذوره العميقة في الإيمان.
نظّمت المؤتمر الذي حمل عنوان "مستقبل اللاهوت: الإرث والخيال" دائرة الثقافة والتعليم في الفاتيكان وهو جمع حوالى 500 من اللاهوتيّين من القارّات الخمس للتفكير في كيفيّة جعل اللاهوت ذا صلة بعالم اليوم كما دعا البابا فرنسيس.
كان الغرض من المؤتمر تمكين اللاهوتيّين من خلفيّات ثقافيّة مختلفة من مشاركة تجاربهم وتأمّلاتهم من خلال نهج سينودسيّ حول كيفيّة تحويل إرث الأجيال السابقة اللاهوتيّ إلى زخم إبداعيّ للحاضر.
أعاد المشاركون تأكيد المساهمة الأساسيّة للاهوت في نظام البحث العلميّ والأكّاديميّ الأوسع، وعالجوا التهميش الثقافيّ للاهوت من خلال تسليط الضوء على مساهمته الفريدة في خلق نماذج جديدة للعقلانيّة وأعادوا التفكير في شبكة المؤسّسات الأكّاديميّة اللاهوتيّة.
في كلمته، أكّد البابا فرنسيس مجدّدًا الدور الحاسم للاهوتيّين في الكنيسة والمجتمع ككلّ، مشبّهًا اللاهوت بنور يضيء العالم ويكشفه بينما يظلّ غير مرئيّ. قال: "اللاهوت هكذا، إنّه يعمل بهدوء وتواضع حتّى يظهر نور المسيح وإنجيله".
لذلك، حثّ اللاهوتيّين على أن يظلّوا متجذّرين في الصداقة مع المسيح، ومحبّة البشريّة، والانخراط في جمال العالم ومعاناته.
سلّط البابا فرنسيس الضوء على ضرورة التعاون بين اللاهوتيّين من ذكور وإناث مستشهدًا بالمثال الكتابيّ لخُلدة (نبيّة)، في كتاب الملوك الثاني، وبالتالي الحاجة إلى وجهات نظر لاهوتيّة شاملة. "هناك أشياء لا تفهمها سوى النساء واللاهوت يحتاج إلى مساهمتهنّ"، أصرّ البابا. "اللاهوت الذكوريّ بالكامل هو لاهوت غير مكتمل."
ثمّ شارك البابا فرنسيس رغبته في أنّ اللاهوت قد "يساعد في إعادة التفكير في كيفيّة التفكير"، وعلى وجه التحديد، للتحرّك "إلى ما هو أبعد من التبسيط" وبدلًا من ذلك احتضان تعقيد الواقع.
وحذّر من أنّ "التبسيط يشوّه الواقع. إنّه يؤدّي إلى تفكير فارغ وأحاديّ الجانب ويولّد الاستقطاب والتجزئة"، وهو "بالضبط ما تفعله الأيديولوجيّات: إنّها تسطّح الواقع إلى فكرة واحدة، ثمّ تكرّر هذه الفكرة بهوس وتتلاعب بالناس".
كترياق مضادّ للتبسيط، استشهد البابا بالمناهج "متعدّدة التخصّصات" كما اقترحها الدستور الرسوليّ "تألّق الحقيقة"، وحثّ اللاهوتيّين على الانخراط في مجالات أخرى مثل الفلسفة والعلوم والفنون. وشدّد على أنّ دمج وجهات النظر المتنوّعة، بالإشارة إلى القدّيس توما الأكوينيّ والقدّيس بونافنتورا، أمر ضروريّ لفهم تعقيد الواقع.
أخيرًا ، دعا البابا فرنسيس اللاهوتيّين إلى جعل تخصّصهم في متناول الجميع، مشيرًا إلى الاهتمام المتزايد، لا سيّما بين البالغين في منتصف العمر بتعميق إيمانهم وتعليمهم. وقال إنّ اللاهوت يمكن أن يكون بمثابة دليل لأولئك الذين يبحثون عن الهدف والتجديد في مرحلة حرجة من حياتهم. لذلك حثّ المعاهد اللاهوتيّة على إجراء "تعديلات على برامجها الدراسيّة حتّى يكون اللاهوت في متناول الجميع".