الفاتيكان
24 آذار 2021, 07:30

البابا في اليوم العالميّ للمياه: علينا أن نسرع لنعطي المياه للعطاش

تيلي لوميار/ نورسات
في اليوم العالميّ للمياه، أكّد البابا فرنسيس على قيمة هذا المورد والحاجة الملحّة لتغيير أنماط الحياة واللّغة لحمايته، وبالتّالي لتعاون عالميّ يسمح بتوزيعه العادل.

هذه الأمور رسّختها رسالة حملت توقيع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، وجّهها للمناسبة بإسم البابا إلى قادة منظّمة الأغذية والزّراعة واليونيسكو، محورها المسؤوليّة والعناية بالماء. وفي مداخلة مصوّرة خلال قمّة منظّمة الفاو حول التّغذية، قال فيها بارولين بحسب "فاتيكان نيوز":

"في اليوم الّذي يرى فيه العالم يتحرّك لإعطاء الأهمّيّة الواجبة لمصدر الحياة الّذي لا غنى عنه، تمامًا كما يحدّثنا العنوان الّذي تمَّ اختياره لهذا العام "تثمين المياه". ومع ذلك، لم يتمّ التّعامل مع هذا المورد بالعناية والاهتمام اللّذين يستحقّهما، وأنَّ إهداره أو إهماله أو تلويثه هو خطأ يتكرّر اليوم أيضًا.

هناك العديد من المشاكل المرتبطة بالمياه في القرن الحادي والعشرين، "عصر التّطوّر والتّقدّم التّكنولوجيّ". والمشكلة الأولى الّتي تولّد دينًا تجاه البلدان الفقيرة، هي الحصول على المياه الآمنة والصّالحة للشّرب والّتي لا تزال اليوم أيضًا بعيدة عن متناول الجميع. إنَّ المياه- كما ذكَّر البابا فرنسيس في الرّسالة العامّة "كن مسبّحًا"- هي حقّ بشريّ أساسيّ وعالميّ، وشرط لممارسة حقوق الإنسان الأخرى؛ إنّها خير لجميع البشر دون استثناء ولديهم الحقّ في الحصول عليه بالطّريقة الملائمة من أجل عيش حياة كريمة. ويضاف إلى ذلك اليوم الآثار المضرّة لتغيّر المناخيّ من الفيضانات إلى الجفاف إلى ذوبان الجليد وإفقار المياه الجوفيّة؛ جميع الظّواهر الّتي تأثّر على جودة المياه وتمنع حياة سليمة وخصبة. كذلك يساهم هذا الأمر أيضًا في انتشار ثقافة الإقصاء وعولمة للّامبالاة الّتي تحمل الإنسان على الشّعور بأنّه مخوَّلٌ لنهب الخليقة واستنفادها.  ناهيك عن الوباء الّذي أدّى إلى تفاقم التّفاوتات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وأبرز الضّرر النّاجم عن غياب أو عدم كفاءة خدمات المياه بين الفئات الأشدّ عوزًا.

كفى إذًا لأشكال تلوّث الموارد المائيّة والبحار والأنهار. كفى لأساليب حياة لا تهدف إلى الخير العامّ."  

وطالب بارولين وبالنّظر إلى المستقبل وحياة الأجيال القادمة "البدء بعمليّة تربويّة تعدّل النّقاط في البحث عن الخير، والحقيقة والجمال ليكونوا المحرّكات لخيارات الاستهلاك والتّوفير والاستثمار. ومع تغيّر نمط الحياة تتغيّر أيضًا اللّغة من حيث الاحترام من أجل الاستمرار أيضًا في هذا المجال في "تثمين المياه" كما يطلب موضوع هذا العام".  

وأشار أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان إلى أنّه "بدلاً من الحديث عن استهلاكها يجب أن نشير إلى استخدامها المعقول، وفقًا لاحتياجاتنا الحقيقيّة واحترام احتياجات الآخرين. وبالتّالي فإذا عشنا برصانة ووضعنا التّضامن في صميم معاييرنا سنستخدم المياه بأسلوب عادل من دون إهدارها بشكل غير مبال وسنكون قادرين على مشاركتها مع من هم في أمسّ الحاجة إليها. على سبيل المثال، إذا قمنا بحماية الأراضي الرّطبة، وقلّلنا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ، وسمحنا بالرّيّ لأصحاب الحيازات الصّغيرة، وحسّنا القدرة على الصّمود في المناطق الرّيفيّة، فإنّ الجماعات ذات الدّخل المنخفض والّتي تعتبر الأكثر ضعفًا في إمدادات المياه، ستستفيد وستنهض من إحباطها وعزلتها.

أخيرًا، فإنّ إعطاء قيمة لمورد المياه الثّمين يعني أيضًا الاعتراف بالصّلة بين جودته وسلامة الغذاء سواء من حيث التّخزين أو من حيث النّظافة والصّحّة. فهي في الواقع في أساس جميع جوانب النّظم الغذائيّة: في إنتاج الغذاء ومعالجته وإعداده واستهلاكه، وكذلك في توزيعه جزئيًّا. والحصول على المياه الآمنة والمرافق الصّحّيّة الملائمة يقلّل من خطر تلوّث الأغذيّة وانتشار الأمراض المعدية.

لذلك فإنّ التّحذير هو "العمل بسرعة" لكي يحصل الجميع على المياه بشكل عادل، ويتوقّف إهدارها وتسليعها وتلويثها. نحن بحاجة إلى التّعاون بين الدّول والقطاعين العامّ والخاصّ، فضلاً عن مساهمة المنظّمات الحكوميّة الدّوليّة، ونحتاج إلى تغطية قانونيّة ملزمة ودعم منهجيّ وفعّال من أجل ضمان المياه بجودة وكمّيّة متساوية في العالم. لذلك علينا أن نسرع لنعطي المياه للعطاش، ولكي نصحّح أنماط حياتنا لكي لا نهدر المياه أو نلوّثها، ولكي نصبح روّاد ذلك الصّلاح الّذي دفع القدّيس فرنسيس الأسيزيّ إلى وصف المياه بأنّها أخت "متواضعة جدًّا وثمينة وعفيفة"".