الفاتيكان
29 أيلول 2021, 11:50

البابا فرنسيس يوجّه نداءً من أجل نيجيريا

تيلي لوميار/ نورسات
"بلغني بألم نبأ الاعتداءات المسلّحة الّتي وقعت يوم الأحد الماضي ضدّ بعض القرى في شمال نيجيريا. أصلّي من أجل الّذين لقوا حتفهم ومن أجل الّذين جُرحوا ومن أجل جميع الشّعب النّيجيريّ. وأتمنّى أن تُضمن على الدّوام سلامة جميع المواطنين دائمًا في البلاد". بهذه الكلمات توجّه البابا فرنسيس في ختام المقابلة العامّة إلى المؤمنين مطلقًا نداء من أجل نيجيريا.

وكان البابا فرنسيس قد ألقى تعليمه الأسبوعيّ في قاعة بولس السّادس في الفاتيكان، أكّد فيها أنّ "نعمة الله الّتي ننالها في المسيح هي أساسيّة، نحن ننال منه تلك المحبّة المجّانيّة الّتي تسمح لنا أن نحبّ بدورنا بشكل ملموس". وفي تفاصيل الكلمة قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز":

"في مسيرتنا لفهم تعليم القدّيس بولس بشكل أفضل، نلتقي اليوم حول موضوع صعب ولكنّه مهم، ألا وهو التّبرير. كان هناك الكثير من النّقاش حول هذا الموضوع، للعثور على التّفسير الأكثر تماسكًا مع فكر بولس الرّسول، وكما يحدث غالبًا، فقد وصلنا أيضًا إلى تناقض مع المواقف. في رسالته إلى أهل غلاطية، وكما في الرّسالة إلى أهل روما، يصرّ بولس على واقع أنّ التّبرير يأتي من الإيمان بالمسيح.

ماذا يختبئ وراء كلمة "تبرير"، وهو أمر حاسم جدًّا بالنّسبة للإيمان؟ ليس من السّهل أن نصل إلى تعريف شامل، ولكن في مجمل فكر القدّيس بولس، يمكننا أن نقول ببساطة إنّ التّبرير هو نتيجة "رحمة الله الّذي يقدّم الغفران". في الواقع، بموت يسوع، دمر الله الخطيئة وأعطانا الغفران والخلاص بطريقة نهائيّة. وإذ تبرّروا، يقبل الله الخطأة ويصالحهم، وهذا أشبه بالعودة إلى العلاقة الأصليّة بين الخالق والخليقة، قبل أن يتدخّل عصيان الخطيئة. وبالتّالي، فإنّ التّبرير الّذي يحقّقه الله، يسمح لنا باستعادة البراءة الّتي فقدناها بسبب الخطيئة. كيف يحدث التّبرير؟ إنَّ الإجابة على هذا السّؤال تعادل اكتشاف حداثة أخرى منّي تعاليم القدّيس بولس: أنّ التّبرير يتمُّ بالنّعمة.

دائمًا ما كان بولس الرّسول يفكّر في الخبرة الّتي غيّرت حياته: اللّقاء مع يسوع القائم من بين الأموات على طريق دمشق. لقد كان بولس رجلاً فخورًا ومتديّنًا وغيورًا، مقتنعًا بأنّ العدالة تكمن في التّقيّد الصّارم بالتّعاليم. ولكن المسيح الآن قد اجتذبه، وبالتّالي حوّله الإيمان به في العمق، وسمح له بأن يكتشف حقيقة كانت مخفيّة حتّى الآن: نحن لا نتبرّر بجهودنا الخاصّة وإنّما المسيح بنعمته هو الّذي يبرّرنا. لذلك، ولكي يحصل على معرفة كاملة لسرّ يسوع، كان بولس مُستعدًّا للتّخلّي عن كلّ ما كان يغنيه في السّابق، لأنّه اكتشف أنّ نعمة الله وحدها هي الّتي خلّصته.

إنَّ الإيمان بالنّسبة لبولس الرّسول له قيمة شاملة. فهو يلمس كلّ لحظة وكلّ جانب من جوانب حياة المؤمن: من المعموديّة وصولاً إلى الخروج من هذا العالم، يكون كلّ شيء مشبعًا بالإيمان بموت وقيامة يسوع الّذي يعطي الخلاص. إنَّ التّبرير بالإيمان يسلِّط الضّوء على أولويّة النّعمة الّتي يمنحها الله بدون تمييز لجميع الّذين يؤمنون بابنه. لكن، لا يجب أن نستنتج أنّ شريعة موسى لم يعد لها قيمة بالنّسبة للقدّيس بولس؛ وإنّما هي تبقى في الواقع عطيّة دائمة من الله وهي- كما يكتب بولس الرّسول- "مقدّسة". بالنّسبة لحياتنا الرّوحيّة أيضًا، من الجوهريّ أن نحافظ على الوصايا، ولكن حتّى في هذا لا يمكننا أن نعتمد على قوتنا: إنَّ نعمة الله الّتي ننالها في المسيح هي أساسيّة، نحن ننال منه تلك المحبّة المجّانيّة الّتي تسمح لنا أن نحبَّ بدورنا بشكل ملموس. في هذا السّياق، من الجيّد أيضًا أن نتذكّر التّعليم الّذي يأتي من الرّسول يعقوب، الّذي يكتب: "تَرَونَ أَنَّ الإِنسانَ يُبَرَّرُ بِالأَعمالِ لا بِالأَعمالِ لا بِالإِيمانِ وَحدَه. في الواقع فكَما أَنَّ الجَسَدَ بِلا رُوحٍ مَيْت فكذلِكَ الإِيمانُ بِلا أَعمالٍ مَيْت". وهكذا تُكمِّل كلمات القدّيس يعقوب تعاليم القدّيس بولس. لذلك فإنّ جواب الإيمان بالنّسبة لهما يتطلّب منّا أن نكون فاعلين في محبّة الله ومحبّة القريب.

يدخلنا التّبرير في تاريخ الخلاص الطّويل، والّذي يظهر عدالة الله: إزاء سقطاتنا المستمرّة ونواقصنا، هو لم يستسلم، بل أراد أن يُبرِّرنا وقد فعل ذلك بالنّعمة، من خلال عطيّة يسوع المسيح، بموته وقيامته. وهكذا، فإنّ نور الإيمان يسمح لنا أن نعرف كم هي لامتناهيّة رحمة الله، النّعمة الّتي تعمل لخيرنا. لكن النّور يجعلنا نرى أيضًا المسؤوليّة الموكلة إلينا لكي نتعاون مع الله في عمله الخلاصيّ. إنّ قوّة النّعمة تحتاج لأن تقترن بأعمال الرّحمة الّتي نقوم بها، والّتي نحن مدعوّون لعيشها لكي نشهد لعظمة محبّة الله."