الفاتيكان
13 كانون الثاني 2019, 06:00

البابا فرنسيس: يمكن للتّاريخ الذي يدرّس بشغف وعليه أن يعلِّم الكثير لحاضرنا المتفكّك والمتعطّش للحقيقة والسّلام والعدالة

إستقبل البابا فرنسيس ظهر اليوم السّبت، في قاعة الكونسيستوار في القصر الرّسوليّ، في الفاتيكان، المشاركين في مؤتمر الرّابطة الوطنيّة لأساتذة تاريخ الكنيسة؛ وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمةً رحّب بها بضيوفه وقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"يمكن للتّاريخ الذي يدرّس بشغف وعليه أن يعلِّم الكثير لحاضرنا المتفكّك والمتعطّش للحقيقة والسّلام والعدالة. يكفي أن نتعلّم من خلاله أن نفكّر بحكمة وشجاعة حول النتائج المأساويّة والشّريرة للحرب وللعديد من الحروب التي ضربت مسيرة الإنسان على هذه الأرض.

 

إنّ إيطاليا، والكنيسة الإيطاليّة بشكل خاصّ، غنيّة بشهادات الماضي! لكن لا يجب لهذا الغنى أن يكون مجرّد كنز نحافظ عليه بغيرة بل ينبغي أن يساعدنا على السّير في الحاضر نحو المستقبل. إنّ تاريخ الكنيسة الإيطاليّة يشكّل في الواقع نقطة مرجعيّة أساسيّة لجميع الذين يريدون أن يفهموا ويتعمّقوا ويستفيدوا من الماضي بدون أن يحوِّلوه إلى متحف أو أسوء من ذلك إلى مقبرة حنين، وإنّما أن يجعلوه حيًّا وحاضرًا في أعيننا.

 

ولكن، نجد في محور التّاريخ كلمةً لا تولد من الكتابة ولا تأتينا من أبحاث الإنسان؛ وإنما أُعطيت لنا من الله ونشهد لها أولّاً بالحياة وداخل الحياة. كلمة تعمل في التّاريخ وتحوِّله من الدّاخل. هذه الكلمة هي يسوع المسيح الذي طبع وافتدى تاريخ الإنسان وحدّد انقضاء الزّمن بين قبله وبعده. ينبغي على القبول الكامل لعمله الخلاصيّ والرّحيم أن يجعل المؤرِّخ المؤمن عالمًا يحترم الوقائع والحقيقة، متنبِّهًا في البحث وشاهدًا صادقًا في التّعليم. كما ينبغي على هذا القبول أن يبعده عن روح العالم المتعلّق بادعاء المعرفة كالتّوق إلى التّقدّم المهنيّ والثّناء الأكاديميّ أو القناعة بأنّه بإمكانه أن يحكم على الوقائع والأشخاص. في الواقع على القدرة على رؤية حضور المسيح ومسيرة الكنيسة في التّاريخ أن تجعلاننا متواضعين وتنتشلانا من تجربة الاختباء في الماضي لتحاشي الحاضر.

 

هذه هي إذًا أمنيتي لكم أيُّها الإخوة والأخوات الأعزّاء: أن يساهم تعليمكم وشهادتكم في جعل الآخرين يتأمّلون بالمسيح، حجر الزّاوية، الذي يعمل في التّاريخ، وفي ذكرى البشريّة، وفي جميع الثّقافات. وليعطكم على الدّوام أن تتذوّقوا حضوره المخلّص في الوقائع والوثائق والأحداث الكبيرة والصّغيرة، لاسيّما في وقائع المتواضعين والأخيرين الذين هم أيضًا روّاد للتّاريخ. وستكون هذه حقًّا الدّرب الرّئيسيّة، ليكون بقربكم تلاميذ قليلون، وإنّما صالحون وأسخياء ومهيّؤون.

أشكركم على هذا اللّقاء وأبارككم، وأبارك عملكم؛ ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي!".