الفاتيكان
04 تشرين الثاني 2019, 08:25

البابا فرنسيس يعبّر عن قربه من كنيسة التّوحيد الأرثوذكسيّة الإثيوبيّة

تيلي لوميار/ نورسات
وفي ختام صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، عبّر البابا فرنسيس عن حزنه بسبب العنف الّذي يتعرّض له مسيحيّو كنيسة التّوحيد الأرثوذكسيّة الإثيوبيّة، معربًا عن قربه من هذه "الكنسية الحبيبة ومن بطريركها الأخ العزيز أبونا ماتياس"، سائلاً الحاضرين أن يصلّوا من أجل جميع ضحايا العنف في تلك الأرض.

وكان البابا قد أطلّ على المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس- الفاتيكان، حيث تلا معهم صلاة التّبشيرالملائكيّ، بعد أن ألقى على مسامعهم كلمة قال فيها نقلاً عن "فاتيكان نيوز": 

"يضعنا إنجيل اليوم في مسيرة خلف يسوع الّذي وفي طريقه إلى أورشليم توقّف في أريحا حيث كان هناك جمع كبير لاستقباله من بينهم رجل اسمه زكّا وهو رئيسٌ للعَشَّارينَ. لقد كان رجلاً غنيًّا ولكن ليس بفضل الرّبح النزيه وإنّما لأنّه كان يطلب الرشوة وهذا الأمر زاد الازدراء تجاهه. كان زكّا "يُحاوِلُ أَن يَرى مَن هُوَ يسوع" ولم يكن يريد أن يلتقي به، بل كان فضوليًّا: كان يريد أن يرى ذلك الشخص الذي سمع عنه أمورًا رائعة. ولِأَنَّهُ كانَ قَصيرَ القامَة صَعِدَ جُمَّيزَةً لَيَراه؛ فَلَمّا وَصَلَ يَسوعُ إِلى ذَلِكَ المَكان، رَفَعَ طَرفَهُ ورآه.

هذا الأمر مهمّ جدًّا: النظرة الأولى لم تكن نظرة زكّا وإنّما نظرة يسوع الذي ومن بين الوجوه التي كانت تحيط به عن قريب بحث عن وجه زكّا بالتحديد. إنّ نظرة الرّبّ الرحيمة تبلغنا قبل أن نتنبّه بأنّنا بحاجة للخلاص. وبنظرة المعلّم الإلهي هذه بدأت معجزة ارتداد خاطئ أريحا. في الواقع دعاه يسوع ودعاه باسمه: "يا زَكّا انزِل عَلى عَجَل، فَيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ". لم يوبّخه بل قال له "عليَّ" أن أقيم في بيتك، "عليه" لأنّ هذه هي مشيئة الآب. وبالرّغم من تذمّر الناس اختار يسوع أن يقيم في بيت ذلك العشّار الخاطئ.

نحن أيضًا كنّا سنتشكّك بسبب تصرّف يسوع هذا، لكن الازدراء والانغلاق تجاه الخاطئ يزيدان في انعزاله وتثبيته في الشّرّ الذي يقوم به ضدّ نفسه وضدّ الجماعة. لكن الله يدين الخطيئة فيما يسعى لإنقاذ الخاطئ، يذهب بحثًا عنه ليعيده إلى الدرب المستقيم. وبالتالي فالذي لم يشعر أبدًا بأنّ رحمة الله تبحث عنه يتعب في قبول عظمة التصرّفات والكلمات التي من خلالها اقترب يسوع من زكّا.

إنّ استقبال وتنبّه يسوع تجاهه حملا ذلك الرّجل إلى تغيير ذهنيّة واضح: تنبّه بلحظة لمدى تعاسة الحياة التي يسيطر عليها المال مقابل سرقة الآخرين والحصول على ازدرائهم. أن يقيم الرّبّ هناك في بيته جعله يرى بأعين مختلفة وبالقليل من الحنان الذي نظر به يسوع إليه؛ وتغيّرت أيضًا طريقته في رؤية المال واستعماله واستبدل السرقة بالعطاء؛ في الواقع قرّر أن يعطي الفُقَراءَ نِصفَ أَمواله وأن يردَّ أربعة أضعاف على الذين سرقهم. لقد تعلّم زكّا من يسوع أنّه من الممكن أن نحبّ مجانًا: لقد كان بخيلاً أمّا الآن فأصبح سخيًّا، لقد كان يحبّ أن يجمع المال أمّا الآن فيفرح في توزيعه. إذ التقى بالحبّ، واكتشف بأنّه محبوب بالرّغم من خطاياه، أصبح زكا قادرًا على محبّة الآخرين وحول المال إلى علامة تضامن وشركة.

لتنَل لنا العذراء مريم نعمة أن نشعر على الدوام بنظرة يسوع الرّحيمة فنذهب لنلتقي برحمة بالذين أخطأوا ليتمكّنوا هم أيضًا من أن يستقبلوا يسوع الّذي "جاءَ لِيَبحَثَ عَنِ الهالِكِ فَيُخَلِّصَه".