البابا فرنسيس يعايد الكنائس الشّرقيّة ويصلّي من أجل السّلام
بهذه الكلمات عايد البابا فرنسيس المحتفلين بعيد الفصح المجيد بحسب التّقويم اليوليانيّ، عقد تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء" مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، مصلّيًا من أجل السّلام في أوكرانيا، مجدّدًا النّداء من أجل هدنة فصحيّة، قائلاً: "اليوم، بالذّات تصادف ذكرى مرور شهرين على بداية هذه الحرب، الّتي وبدلاً من أن تتوقّف، تصاعدت. من المحزن أن نسمع في هذه الأيّام، الّتي هي مقدّسة لجميع المسيحيّين، هدير الأسلحة بدلاً من صوت الأجراس الّتي تعلن القيامة. ومن المحزن أن تأخذ الأسلحة مكان الكلمة بشكل متزايد.
أجدّد النّداء من أجل هدنة فصحيّة، كعلامة ملموسة على الرّغبة في السّلام. ليتوقّف الهجوم من أجل الذّهاب للقاء آلام السّكّان المنهكين. لنتوقّف طاعة لكلمات القائم من بين الأموات، الّذي يردد لتلاميذه يوم الفصح: "السّلام عليكم!". أطلب من الجميع أن يزيدوا الصّلاة من أجل السّلام وأن يتحلّوا بالشّجاعة ليقولوا، ويُظهروا أنّ السّلام ممكن. وليُصغِ القادة السّياسيّون إلى أصوات النّاس الّذين يريدون السّلام وليس تصعيد الصّراع".
ثمّ رفع الصّلاة مع كنيسة الكاميرون وأبنائها من أجل السّلام في بلادهم الّتي تمزّقها الحرب منذ أكثر من خمس سنوات في مناطق مختلفة، لافتًا إل أنّ "أساقفة الكاميرون يقومون برحلة حجّ وطنيّة مع مؤمنيهم إلى المزار المريميّ في ماريانبرغ، من أجل إعادة تكريس البلاد لوالدة الإله ووضعه تحت حمايتها".
وكان الأب الأقدس قد ألقى كلمة قبل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "اليوم، في اليوم الأخير من الثّمانية الفصحيّة، يخبرنا الإنجيل عن ظهور القائم من الموت الأوّل والثّاني للتّلاميذ. جاء يسوع في عيد الفصح، بينما كان الرّسل منغلقين في العلّيّة، ولكن بما أنّ توما، أحد الإثني عشر، لم يكن حاضرًا، عاد مجدّدًا بعد ثمانية أيّام. لنركّز على رائدي هذه الرّواية، توما ويسوع، فننظر أوّلاً إلى التّلميذ ثمّ إلى المعلّم.
أوّلاً توما الرّسول. هو يمثّلنا جميعًا، نحن الّذين لم نكن حاضرين في العلّيّة عندما ظهر الرّبّ وليس لدينا علامات جسديّة أو ظهورات منه. نحن أيضًا، مثل ذلك التّلميذ، نتعب أحيانًا: كيف نؤمن أنّ يسوع قد قام من الموت، وأنّه يرافقنا وهو سيِّد حياتنا دون أن نكون قد رأيناه أو لمسناه؟ لماذا لا يعطينا بعض العلامات الواضحة على حضوره ومحبّته؟ وبالتّالي، نحن أيضًا مثل توما. لكن لا يجب أن نخجل من هذا الأمر. بإخبارنا قصّة توما، في الواقع، يخبرنا الإنجيل أنّ الرّبّ لا يبحث عن مسيحيّين كاملين، لا يشكّكون أبدًا ويتباهون دائمًا بإيمان أكيد. لا، إنَّ مغامرة الإيمان، كما كانت لتوما، تتكون من أنوار وظلال. وإلّا فأيّ إيمان سيكون؟ هو يعرف أوقات تعزية ودفع وحماس، وإنّما أيضًا أوقات تعب وضياع وشكوك وظلام. يُظهر لنا الإنجيل "أزمة" توما ليخبرنا أنّه لا يجب أن نخشى أزمات الحياة والإيمان. فهي في كثير من الأحيان تجعلنا متواضعين، لأنّها تُجرِّدنا من فكرة أنّنا على ما يرام، وأنّنا أفضل من الآخرين. إنَّ الأزمات تساعدنا لكي نعترف بأنّنا معوزين: فهي تحيي فينا مجدّدًا الحاجة إلى الله، وتسمح لنا هكذا بأن نعود إلى الرّبّ، ونلمس جراحه، ونختبر مجدّدًا محبّته، مثل المرّة الأولى. من الأفضل أن يكون لدينا إيمانًا ناقصًا وإنّما متواضعًا ويعود دائمًا إلى يسوع، من أن يكون لدينا إيمانًا قويًّا وإنّما متغطرسًا، يجعلنا مغرورين ومتعجرفين.
وإزاء غياب توما ومسيرته الّتي غالبًا ما تكون مسيرتنا أيضًا، ما هو موقف يسوع؟ يقول الإنجيل مرّتين أنّه "جاء". مرّة أولى، ومن ثمّ مرّة ثانية، بعد ثمانية أيّام. إنَّ يسوع لا يستسلم ولا يتعب منّا ولا يخاف من أزماتنا وضعفنا. هو يعود على الدّوام: عندما تكون الأبواب مُغلقة يعود؛ وعندما نشكّ، يعود. وعندما نكون بحاجة للقائه ولمسه عن كثب مثل توما يعود أيضًا. هو يعود دائمًا، ولكن ليس بعلامات قويّة تجعلنا نشعر بأنّنا صغار وغير مؤهّلين، وإنّما بجراحه، علامات محبّته الّتي اقترنت بضعفنا.
أيّها الإخوة والأخوات، عندما نختبر التّعب أو لحظات الأزمة، يرغب يسوع القائم من بين الأموات في أن يعود ليكون معنا. هو ينتظرنا فقط لكي نبحث عنه، ونطلبه، حتّى لكي، وعلى مثال توما، نحتجُّ، حاملين له احتياجاتنا وعدم إيماننا. هو يعود لأنّه صبور ورحيم. يأتي ليفتح علّيّات مخاوفنا وعدم إيماننا، لأنّه يريد على الدّوام أن يمنحنا فرصة أخرى. لذلك لنفكّر في المرّة الأخيرة الّتي وخلال لحظة صعبة أو فترة أزمة، انغلقنا فيها على أنفسنا وحاصرنا أنفسنا في مشاكلنا وتركنا يسوع خارجًا. ولنعد أنفسنا مجدّدًا، بأننا في المرّة المقبلة، وفي التّعب سوف نبحث عن يسوع، ونعود إليه، وإلى مغفرته، إلى تلك الجراح الّتي شفَتنا. وهكذا نصبح أيضًا قادرين على التّعاطف والاقتراب من جراح الآخرين بدون قساوة وأحكام مسبقة. لترافقنا العذراء مريم، أمّ الرّحمة في مسيرة الإيمان والمحبّة."