البابا فرنسيس يصلّي على نيّة فينسان لامبير
لامبير لم يكن مُشرفًا على الموت، إذ كان يتنفّس بطريقة طبيعيّة، وكان خفقان قلبه طبيعيًّا للغاية. وكي يموت تعيّن على الأطباء أن يوقفوا الآلات التي كانت تُغذّيه اصطناعيًّا وتمدّه بالمياه، فمات جوعًا وعطشًا، بعد معاناة استمرّت تسعة أيّام.
وقبل يوم على وفاة لامبير ترك البابا فرنسيس تغريدة أخرى على حسابه على موقع تويتر، لمّح فيها إلى هذه الحالة بدون أن يسمّي الشّاب الفرنسيّ، وتحدّث عن المرضى الذين يُتركون ليموتوا، مؤكّدًا أنّ "المجتمع يكون إنسانيًّا إذا دافع عن الحياة، كلّ حياة، منذ بدايتها وحتّى موتها الطّبيعيّ، بدون اختيار من هو أهل ليعيش ومن يتعيّن عليه أن يموت". وحثّ البابا الأطبّاء في تغريدته على وضع أنفسهم في خدمة الحياة، عوضًا عن العمل على القضاء عليها.
البابا فرنسيس تناول قضيّة لامبير علنًا أكثر من مرّة، وهي حالة نادرة. ففي الخامس عشر من نيسان/ أبريل من العام الماضي، وخلال تلاوته صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء" في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان، طلب البابا من جميع المؤمنين الصّلاة من أجل أشخاص مثل فنسان لامبير في فرنسا، والطّفل ألفي إيفانز في إنجلترا، وغيرهما في دول أخرى، يعيشون في حالة مرضيّة خطيرة ويتلقّون المساعدات الطّبّيّة الأساسيّة. ووصف هذه بحالات حسّاسة وأليمة ومُعقّدة، ودعا إلى الصّلاة كي تُحترم دائمًا كرامة كلّ شخص مريض، وأن يتلقّى العلاج بالشّكل الملائم لحالته ومساعدة متفَق عليها بين عائلته والأطباء وغيرهم من العاملين في قطاع الصّحّة.
وهي ليست المرة الأولى التي يندد فيها البابا بثقافة إقصاء البشر السّائدة في مجمعاتنا الحاليّة اليوم. ففي الخامس والعشرين من أيار/ مايو الفائت، وخلال استقباله المشاركين في مؤتمر بعنوان "نعم للحياة - العناية بعطيّة الحياة الثّمينة في أوضاع الضّعف"، وجّه البابا إصبع الإتّهام إلى ثقافة الإقصاء التي تعتبر بعض الأشخاص غير متلائمين مع الحياة، وهكذا يُحكم عليهم بالموت. وقال: إنّه لا يمكن لأيّ كائن بشريّ أن يكون غير ملائم للحياة لا بحكم السّن أو الحالة الصّحّيّة أو جودة حياته.
وفي السّادس والعشرين من كانون الثّاني/ يناير من العام 2018، وفي خطاب وجّههُ إلى الكرادلة والأساقفة والكهنة الذين شاركوا في أعمال الجمعيّة العامّة لمجمع عقيدة الإيمان، لفت البابا إلى أنّ المؤتمرين تطرّقوا إلى موضوع مرافقة المرضى في مراحل حياتهم الأخيرة، وذكّر أيضًا بأنّ العديد من البلدان حول العالم قامت بتشريع الموت الرّحيم. ومن هذا المنطلق لا بُدّ من التّأكيد على أنّ الحياة البشريّة تتمتّع بكرامة، منذ اللّحظة الأولى لتكوينها وحتّى نهايتها الطّبيعيّة.
وفي الثّاني عشر من نيسان/ أبريل الماضي، وفي إطار مواصلة "جمعة الرّحمة"، زار البابا "قرية عمانوئيل" في روما، وأشار بيان صادر عن دار الصّحافة التّابعة للكرسيّ الرّسوليّ إلى أنّ فرنسيس حيّا جميع الحاضرين، وزار مختلف أقسام هذه "القرية"، وتبادل الحديث مع الجميع، ووجّه أيضًا كلمات مُعزّية. وأضاف البيان أنّ البابا أراد من خلال هذه الزّيارة، التّعبير عن اهتمامه بأوضاع الإقصاء والوحدة التي قد يُحدثها مرضٌ كالألزهايمر لدى أشخاص غالبًا ما يتركهم المجتمع وحدهم.
وخلال استقباله أعضاء الاتّحاد الدّوليّ لمنظّمات الأطبّاء الكاثوليك في الثّاني والعشرين من الشهر الفائت، قال البابا فرنسيس لضيوفه إنّ مهمّتهم هي شهادة إنسانيّة، وأسلوب مميّز تجعل المرضى يرون ويشعرون أنَّ الله أبانا يعتني بكلّ شخص بمفرده وبدون تمييز. ولذلك هو بحاجة أيضًا لمعرفتنا وأيدينا وقلوبنا من أجل علاج وشفاء كلّ شخص بشريّ، لأنّه يريد أن يعطي الحياة والمحبّة لكلّ شخص.