الفاتيكان
24 أيار 2021, 08:45

البابا فرنسيس يصلّي من أجل كولومبيا ومسيحيّي الصّين

تيلي لوميار/ نورسات
سأل البابا فرنسيس، في كلمته قبيل صلاة "إفرحي يا مكلة السّماء" الّتي تلاها ظهر الأحد مع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، شفاعة مريم أمّ الكنيسة لكي يحلّ الرّوح القدس على المؤمنين ويملأ قلوبهم ويُضرم في الجميع نار محبّته، موجّهًا أفكاره في ختام صلاته نحو الشّعبين الكولومبيّ والصّينيّ، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"يروي كتاب أعمال الرّسل عمّا يحصل في أورشليم بعد خمسين يومًا من فصح يسوع. كان التّلاميذ مجتمعين في العلّيّة وكانت العذراء مريم معهم. كان الرّبّ القائم من الموت قد طلب منهم أن يبقوا في المدينة إلى أن ينالوا من العلى عطيّة الرّوح القدس. وظهر ذلك فجأةً كدويٍّ من السّماء، كريح عاصفة مَلأَت جَوانِبَ البَيتِ الَّذي كانوا فيه.

إنّها خبرة حقيقيّة ولكنّها رمزيّة أيضًا. هي تُظهر أنّ الرّوح القدس هو كالرّيح قويّ وحرّ؛ لا يمكن التّحكُّم به أو إيقافه، لا يمكن قياسه أو حتّى توقّع اتّجاهه. لا يسمح لنا بأن نحدّه في متطلّباتنا البشريّة ومخطّطاتنا وأحكامنا المسبقة. إنّ الرّوح القدس ينبثق من الله الآب وابنه يسوع المسيح ويفيض على الكنيسة- على كلِّ فردٍ منّا- ويعطي الحياة لعقولنا وقلوبنا. كما نقول في قانون الإيمان "الرّبّ المحيي".

في يوم العنصرة كان تلاميذ يسوع لا يزالون مرتبكين وخائفين، ولا يملكون الشّجاعة للخروج. نحن أيضًا، في بعض الأحيان، نفضّل البقاء داخل الجدران الواقية لبيئاتنا. لكن الرّبّ يعرف كيف يصل إلينا ويفتح أبواب قلوبنا. هو يرسل إلينا الرّوح القدس الّذي يغمرنا ويتغلّب على كلّ حيرتنا وتردُّدنا، ويهدم دفاعاتنا، ويفكّك ضماناتنا الزّائفة. يجعلنا الرّوح القدس مخلوقات جديدة، تمامًا كما فعل ذلك اليوم مع الرّسل.

فهُم بعد أن نالوا الرّوح القدس، لم يعودوا كما كانوا في السّابق، بل خرجوا وبدأوا يبشِّرون بأنّ يسوع قد قام من الموت، وأنّه الرّبّ، بطريقة يفهمها كلّ فرد بلغته. إنَّ الرّوح القدس يغيّر القلب ويوسّع نظر التّلاميذ. لقد جعلهم قادرين على أن ينقلوا للجميع أعمال الله العظيمة، بدون حدود، فذهبوا أبعد من الحدود الثّقافيّة والدّينيّة الّتي اعتادوا على التّفكير والعيش فيها. وجعلهم قادرين على بلوغ الآخرين مع احترام إمكاناتهم في الإصغاء والفهم، في ثقافة ولغة كلّ فرد. بعبارة أخرى، يوفّر الرّوح القدس تواصلاً بين أشخاص مختلفين ويحقّق وحدة الكنيسة وشموليّتها.

واليوم تقول لنا هذه الحقيقة، حقيقة الرّوح القدس هذه، أمورًا كثيرة حيث توجد في الكنيسة مجموعات صغيرة تبحث دائمًا عن الانقسام والانفصال عن الآخرين. هذا ليس روح الله، روح الله هو انسجام، إنّه وحدة، ويوحّد الاختلافات. إعتاد أحد الكرادلة الّذي كان رئيس أساقفة جنوى، أن يقول إنّ الكنيسة مثل النّهر: المهمّ أن نكون في داخلها؛ إذا كنت قليلاً على هذا الجانب وقليلاً على الجانب الآخر لا يهم، لأنَّ الروح القدس يخلق الوحدة. لقد استخدم صورة النّهر. المهمّ هو أن نبقى ضمن وحدة الرّوح القدس وألّا ننظر إلى الأمور الصّغيرة أيّ أنّك قليلاً في هذا الجانب وقليلاً في الجانب الآخر، أو أنّك تصلّي بهذه الطّريقة أو تلك... هذا ليس من الله. إنَّ الكنيسة هي للجميع كما أظهر الرّوح القدس في يوم العنصرة.

لنطلب اليوم من العذراء مريم، أمَّ الكنيسة، أن تشفع لنا لكي يحلَّ الرّوح القدس علينا بوفرة ويملأ قلوب المؤمنين ويُضرِم في الجميع نار محبّته".

بعد تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء" حيا الأب الأقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء! أوكل إلى صلواتكم جميعًا الوضع في كولومبيا الّذي لا يزال مقلقًا. في عيد العنصرة هذا، أصلّي لكي يعرف الشّعب الكولومبيّ الحبيب كيف يقبل مواهب الرّوح القدس لكي ومن خلال حوار جاد، يجد حلولاً عادلة للعديد من المشاكل الّتي يعاني منها بشكل خاصّ الأشدَّ فقرًا بسبب الوباء. كما أحثُّ الجميع على أن يتجنّبوا لأسباب إنسانيّة التّصرّفات الّتي تضرُّ السّكّان عند ممارستهم للحقّ في الاحتجاج السّلميّ.

يحتفل المؤمنون الكاثوليك في الصّين غدًا بعيد الطّوباويّة مريم العذراء، معونة المسيحيّين والشّفيعة السّماويّة لبلدهم العظيم. يتم تكريم أمَّ الرّبّ وأمّ الكنيسة بإكرام خاصّ في مزار شيشان في شنغهاي، وتطلب شفاعتها العائلات المسيحيّة باستمرار في محن الحياة اليوميّة وأفراحها. كم هو جيد وكم هو ضروريّ لأفراد العائلة والجماعة المسيحيّة أن يتّحدوا أكثر من أيّ وقت مضى في المحبّة والإيمان! بهذه الطّريقة يمكن للوالدين والأبناء والأجداد والرّعاة والمؤمنين أن يحذوا حذو التّلاميذ الأوائل الّذين اجتمعوا في عيد العنصرة في الصّلاة مع مريم في انتظار الرّوح القدس. لذلك أدعوكم لكي ترافقوا بالصّلاة المؤمنين المسيحيّين في الصّين إخوتنا وأخواتنا الأعزّاء، الّذين أحملهم في أعماق قلبي. ليقدهُم الرّوح القدس، رائد رسالة الكنيسة في العالم، وليساعدهم لكي يكونوا حاملين للبشرى السّارّة، وشهودًا للصّلاح والمحبّة، وبناة للعدالة والسّلام في وطنهم.

تُختتم غدًا سنة "كُن مُسبّحًا". أشكر جميع الّذين شاركوا في العديد من المبادرات حول العالم. إنّها مسيرة علينا أن نواصلها معًا، ونصغي إلى صرخة الأرض والفقراء. لهذا السّبب، ستنطلق منصّة "كُن مُسبّحًا"، وهي مسار تشغيليّ مدّته سبع سنوات سيوجّه العائلات والجماعات الرّاعويّة والأبرشيّة والمدارس والجامعات والمستشفيات والشّركات والمجموعات والحركات والمنظّمات والمعاهد الرّهبانيّة لكي تأخذ على عاتقها مسؤوليّة أسلوب حياة مستدام. وأوجّه أطيب التّمنّيات للعديد من المُنشِّطين الّذين ينالون اليوم وصيّة نشر إنجيل الخليقة والعناية ببيتنا المشترك."