البابا فرنسيس يصدر إرادة رسوليّة جديدة بعنوان "الجمال الحقيقيّ"
حملت الإرادة الرسوليّة الجديدة تاريخ الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر 2024 ومن خلالها، يعيد الأب الأقدس رسم حدود المناطق الكنسيّة التي تتقسّم إليها الأبرشيّة، بهدف تحقيق المزيد من التناغم بين مختلف الرعايا. وشدّد البابا في الوثيقة على أهمّيّة إعادة قراءة التنظيم الرعويّ في ضوء اليوبيل الذي تستعدّ الأبرشيّة والكنسية للاحتفال به العام المقبل. ولفت إلى أنّ هذه المتطلّبات لا يمكن إرجاؤها لأسباب عدّة، وفي طليعتها الحاجة إلى نظرة أكثر ديناميكيّة بين وسط المدينة وضواحيها، كما رأى أنّ هذا الأمر سيساهم في تعزيز روح الشركة الكنسيّة.
كتب الأب الأقدس في الإرادة الرسوليّة أنّ عمليّة التوسّع المُدنيّ ولّدت شرخًا وهوّة بين الوسط والضواحي، مضيفًا أنّ الوسط التاريخيّ، الذي هو بمثابة مزار في الهواء الطلق، بات منعزلًا عن الأطراف ويواجه خطر أن يتحوّل إلى متحف يزوره الأشخاص وألّا يكون قادرًا على التعبير عن قداسة المدينة الخالدة. كما أنّ أطراف المدينة وضواحيها لم تحظ بالاهتمام المطلوب من قبل البلديّة التي غالبًا ما يعتبر السكّان أنّها لا توفّر الخدمات على المستوى المنشود. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، يشهد الوسط تراجعًا ملحوظًا في عدد السكّان نظرًا إلى ارتفاع عدد السيّاح والحجّاج والتجّار.
من هذا المنطلق، شدّد البابا فرنسيس على ضرورة بناء المزيد من الجسور بين الوسط والأطراف وأكّد أنّ الغاية من إعادة تنظيم الهيكليّة الكنسيّة ليس إغلاق الوسط التاريخيّ بل على العكس، يكمن هذا الإجراء في فتح هذا الوسط على الأطراف والضواحي، وحلّ ما سُمّي بالتوتّر الثنائيّ الأقطاب الذي كانت تتضمّنه النظرة الاجتماعيّة والكنسيّة تجاه الوسط والضواحي.
ممّا لا شكّ فيه أنّ الوثيقة البابويّة الجديدة تستلهم من المبادئ الواردة في العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة الكاثوليكيّة، والتي سلّط عليها الضوء الإرشاد الرسوليّ "فرح الإنجيل"، وهو موضوع تناوله الأب الأقدس في مناسبات عدّة لا سيّما إبّان زيارته الرسوليّة الأخيرة لوكسمبورغ وبلجيكا عندما حذّر من مغبّة ألّا يأخذ رعاة الكنيسة في عين الاعتبار التغييرات التي ترافق هذه الحقبة من الزمن. كما شدّد على ضرورة أن يُنظر إلى شعب الله العائش في منطقة كنسيّة معيّنة، مع إعادة النظر إلى مواعيد الاحتفالات كي تكون أكثر ملائمة مع متطلّبات الأسر. وأكّد أنّ هذا التواصل بين وسط المدينة وضواحيها يجعل من هذه الأخيرة شريكًا في التاريخ المسيحيّ لروما، وبالتالي، يساهم في ترسيخ الجذور التي تكوّن هويّة المؤمنين الرومانيّين.
في سياق حديثه عن يوبيل العام ٢٠٢٥ والذي تستعدّ له الكنيسة، أصرّ البابا على أنّ المعيار بالنسبة إلى رعايا روما ليس مرتبطًا بأعداد الحجّاج الذين سيتوافدون إلى المدينة الخالدة، بما أنْ لا بدّ من أن يصبّ المؤمنون الرومانيّون الاهتمام، في هذه المناسبة، على ضرورة أن يكونوا جزءًا من هذا التاريخ المفعم بالنور والجمال، وأن يكونوا في الوقت عينه مستعدّين لتقبّل هذا الجمال في العمق... وقدّم البابا بعض الأمثلة عن الأماكن التي يمكن أن يزورها مؤمنو أبرشيّة روما.
في ختام الإرادة الرسوليّة، كتب البابا أنّ الجمال سينقذ العالم بقدر ما ستكون الكنيسة قادرة على إنقاذ هذا الجمال، إنقاذه من التلاعب الأيديولوجيّ ومن التجارة والاقتصاد عندما يُحوّل الجمال إلى صورة للاستهلاك وحسب. هذا ثمّ عاد البابا ليشدّد على أهمّيّة بناء الجسور كي تُعزّز الشركة الكنسية ويُرسخ انتماء جميع المؤمنين إلى المسيح القائم من الموت وإلى كنيسته.