الفاتيكان
19 كانون الثاني 2023, 14:20

البابا فرنسيس يستقبل وفدًا مسكونيًا من فنلندا ويتلو معهم "الأبانا"

تيلي لوميار/ نورسات
صلّى البابا فرنسيس اليوم صلاة الأبانا مع وفد مسكونيّ قادم من فنلدنا إلى روما للاحتفال بعيد القدّيس إنريكو، بعد أن توجّه إليهم بكلمة استهلّها بشكرهم على مجيئهم، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"لقد احتفلنا مؤخّرًا بمعموديّة الرّبّ. إنّ ابن الله، إذ غاص في مياه نهر الأردنّ في بداية خدمته العلنيّة، أظهر رغبته في أن يغوص بشكل كامل في حالتنا البشريّة. ونحن، إذ اعتمدنا في المسيح، غُصنا فيه بفضل النّعمة، لذلك نحن نُدعى أبناء الله ونحن أبناءه وعلى صورته، وإخوة وأخوات فيما بيننا. وإذ نلنا المعموديّة الواحدة، نحن مدعوّون كمؤمنين أوّلاً لكي نرفع الشّكر لأنّنا انطلاقًا من مياه المعموديّة تصالحت حياتنا مع الله ومع الآخرين ومع الخليقة. نحن أبناءٌ مُصالَحون، ولذلك نحن مدعوّون لكي نتصالح أكثر فأكثر فيما بيننا، وأن نكون صانعي مُصالحة في العالم.

من الجميل أن نرى هذا كلّه في أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين. في هذا الأسبوع إذ نتلو قانون الإيمان النّيقاويّ- القسطنطينيّ معًا، نعترف "بمعموديّة واحدة لمغفرة الخطايا"، لكنّنا نتأمّل هذا العام أيضًا حول بعض الكلمات المأخوذة من سفر النّبيّ أشعيا: "تعلّموا فعل الخير، اطلبوا العدالة". وهكذا نسمع صدى معموديّتنا الّتي تدعونا، إذ تبرّرنا بالنّعمة، لكي نقوم مجّانًا بأعمال عدالة، ونمارس تصرّفات قرب ملموسة تجاه الّذين هم ضحايا للظّلم والرّفض ولأشكال مختلفة من الاضطهاد ولاسيّما لضحايا الحروب. كشهودٍ للإيمان بالمسيح، الّذي غاص في هشاشة حالتنا البشريّة، نحن مدعوّون لكي نغوص في جراح المعوزين. وأن نقوم بذلك معًا.

في جماعة جميع المعمّدين، نحن نعرف أنّنا في الواقع متّحدين مع بعضنا البعض، هنا والآن، مع كلّ أخت وأخ في المسيح، وإنّما أيضًا مع أمّهاتنا وآبائنا في الإيمان الّذين عاشوا قبلنا. ومن شركة السّماء الكاملة هم ينظرون إلينا ويدعوننا لكي نسير معًا على هذه الأرض. إنَّ القدّيس إنريكو، شاهد الإيمان ورسول الرّجاء وأداة المحبّة، هو واحد منهم. معه نحتفل بالشّركة المسكونيّة لجميع القدّيسين المعروفين وغير المعروفين، الّذين ولدوا مجدّدًا لحياة جديدة من مياه المعموديّة. لذلك يمكننا أن نعانق في الوقت عينه بنظرنا نعمة المعموديّة الأصليّة وهدف الحياة الأبديّة. مصدر الحياة الّذي جعلنا على الأرض أبناء السّماء والسّماء حيث ينتظرنا القدّيسون ويشجّعوننا. لنعترف في كلّ شيء بعظمة الوحدة الّتي تجمعنا وأهمّيّة الصّلاة معًا والعمل بجدّ والحوار المكثّف لكي نتغلّب على الانقسامات ونكون، وفقًا لإرادة الرّبّ، واحدًا في الشّركة الثّالوثيّة لكي يؤمّن العالم. نحن ندرك ذلك بالتّأكيد، لكن الإدراك وحده لا يكفي. علينا أن نُغذّيَ شغفًا حقيقيًّا، شغف ينبع من حبّ الشّركة ومن الرّغبة في التّغلّب على الشّهادة المضادّة الّتي قدّمتها الانقسامات التّاريخيّة بين المسيحيّين، والّتي جرحت وحدة جسد المسيح. نحن بحاجة اليوم إلى غَيرة مُتَّقدة للبشارة، لأنّنا من خلال إعلاننا معًا نكتشف مجدّدًا أنفسنا كأخوة وأخوات، ولأنّنا ندرك أنّه لا يمكننا أن ننشر اسم يسوع، الّذي ولد ومات وقام من أجل الجميع، دون أن نشهد لجمال الوحدة، العلامة المميّزة لتلاميذه.

أيّها الأعزّاء، إذ أجدّد امتناني لزيارتكم السّنويّة، المنتظرة والمرحّب بها دائمًا، أريد اليوم أن أطلب معكم عطيّة هذا الشّغف المُتَّقد لكي لا نتعب أبدًا من أن نحبّ ونرجو ونبحث عن البعيدين، وأن نتَّقد من الدّاخل بالرّغبة في إعلان يسوع وبناء الوحدة الّتي يريدها. لنطلب عطيّة غيرة رسوليّة متجدّدة تجعلنا نكتشف مجدّدًا في كلّ مرّة المؤمنين الآخرين كأخوتنا وأخواتنا في المسيح، الّذي يجعلنا نشعر بأنّنا رسل صالَحَنا الله لكي يصالحنا بين بعضنا البعض ونصبح صانعي مصالحة من أجل العالم. لذلك أودّ الآن أن أدعوكم لكي نتلو معًا صلاة الأبانا، صلاة الأبناء الّتي تظهر، أفضل من أيّ صلاة أخرى، حقيقة معموديّتنا. يمكننا أن نصلّيها كلٌّ بلغته الخاصّة، وإنّما معًا: مع بعضنا البعض ومن أجل بعضنا البعض."