البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في المجمع العامّ لرهبنة الإخوة الأصاغر الكبّوشيّين
إستقبل البابا فرنسيس، في القصر الرسوليّ في الفاتيكان، المشاركين في المجمع العامّ السادس والثمانين لرهبنة الإخوة الأصاغر الكبّوشيّين.
يجمع هذا المجمع العامّ إخوة آتين من بلدان وثقافات مختلفة، يجتمعون للإصغاء إلى بعضهم البعض والتحدّث مع بعضهم البعض بلغة الروح الواحدة.
قال لهم البابا: "إنّها فرصة استثنائيّة لمشاركة "الأشياء الرائعة" التي لا يزال الله يصنعها من خلالكم، أنتم أبناء القدّيس فرنسيس المنتشرين حول العالم. لذلك آمل، أن تستفيدوا من هذه المناقشة لكي تسألوا أنفسكم ما الذي يطلبه الربّ منكم، لكي تتمكّنوا اليوم من أن تستمرّوا في إعلان ملكوت الله بشغف على خطى فقير أسّيزي".
تابع البابا فرنسيس يقول: "لذلك، أودّ أن أذكر معكم ثلاثة أبعاد للروحانيّة الفرنسيسكانيّة، والتي أعتقد أنّ بإمكانها أن تساعدكم في التمييز وفي العمل الرسوليّ: الأخوَّة، والاستعداد، والالتزام من أجل السلام.
الأخوَّة.
إنَّ شعار مجمعكم هو: "الربّ أعطاني إخوة" "لكي أذهب في جميع أنحاء العالم". هذا يذكّر بخبرة القدّيس فرنسيس، ويسلّط الضوء على أنّ الرسالة، بحسب موهبته، تولد في الأخوّة لتعزيز الأخوّة. في مخطّط الله، لا يمكن لأحد، أن يعتبر نفسه جزيرة، وإنّما كلّ شخص هو في علاقة مع الآخرين لكي ينمو في الحبّ، ويخرج من نفسه ويصنع من فرادته عطيّة للإخوة. لذلك، أنتم تجتمعون لِتعترفوا، في الإيمان، أنّكم إخوة مختارون، يجتمعون معًا، ترافقهم محبّة الآب التدبيريّة، ولكي تسمحوا بأن تُسائلكم هذه الحقيقة، لا سيّما في ما يتعلّق بمجال التنشئة، الذي تعملون عليه. وهذا أمر جيّد، لأنْ من دون تنشئة لا يوجد مستقبل. لذلك، أدعوكم في لقاءاتكم إلى أن تسهروا على ألّا توضع أبدًا في المحور الموارد الاقتصاديّة أو الحسابات البشريّة أو أي حقائق أخرى من هذا النوع: جميعها أدوات مفيدة، من الضروريّ أيضًا أن نقلق بشأنها، ولكن دائمًا كوسيلة، وليس أبدًا كغاية. ليكن الأشخاص في المحور: أولئك الذين يرسلكم الربّ إليهم والذين يعطيكم معهم أن تعيشوا خيرهم وخلاصهم. لتكن الأخوّة في المحور، تلك التي أشجّعكم على تعزيزها في مراكز التنشئة الخاصّة بكم، وفي العائلة الفرنسيسكانيّة الكبيرة، وفي الكنيسة وفي المجالات جميعها التي تعملون فيها، حتّى على حساب التخلّي، لصالحها، عن مشاريع وإنجازات من أنواع أخرى.
الاستعداد.
أنتم أيّها الكبّوشيّون تتمتّعون بسمعة كونكم مستعدّين للذهاب إلى حيث لا يريد أحد أن يذهب، وهذا أمر جميل جدًّا. في الواقع، يشهد أسلوبكم المنفتح للجميع أن أهمّ شيء في الحياة هو المحبّة. وهكذا أنتم تمثّلون علامة للجماعة المسيحيّة بأكملها، المدعوّة لتكون، دائمًا وفي كلّ مكان، مرسلة و"منطلقة". إنّها علامة مهمّة، لا سيّما في أزمنة مثل أزمنتنا، المطبوعة بالصراعات والانغلاق، حيث يبدو أنّ اللامبالاة والأنانيّة يسودان على الاستعداد والاحترام والمشاركة، مع عواقب خطيرة وواضحة، مثل الاستغلال غير العادل للفقراء والدمار البيئيّ...حاولوا أن تكونوا هكذا على الدوام: بسيطين، أحرارًا ومستعدين لأن تتركوا كلّ شيء لتكونوا حاضرين حيثما يدعوكم الربّ بقلوب وأذرع مفتوحة من دون أن تبحثوا عن الإطراء والمديح ومن دون ادّعاءات".
الالتزام من أجل السلام.
في الواقع، إنّ قدرتكم على التواجد مع الجميع، حتّى تمّ اعتباركم "رهبان الشعب"، جعلتكم على مرّ القرون، "صانعي سلام" خبراء، قادرين على خلق فرص للقاء وللتوسّط في حلّ النزاعات، وتعزيز ثقافة المصالحة، حتّى في أصعب المواقف. ولكن، في أساس هذه الموهبة، هناك، شرط أساسيّ: أن نكون في المسيح قريبين من الجميع، ولا سيّما من الفقراء والمهمّشين واليائسين، من دون استبعاد أيّ شخص على الإطلاق. والقديس فرنسيس نفسه، كما نعلم، أصبح "رجل السلام" الذي يعرفه العالم أجمع، بدءًا من لقائه مع البرص، الذين اكتشف في عناقهم جراحه العميقة وقبلها، والذين التقى بحضورهم بالمسيح، مخلصه. وهكذا، غُفر له، فأصبح حاملًا للغفران، واختبر الحب فأصبح موزِّعًا للحبّ، واختبر المصالحة فأصبح معززًا لها. إنّ الإيمان هو الذي جعله في مناسبات عديدة أداة سلام في يد الله.
في الختام خلص البابا فرنسيس إلى القول: "أدعوكم أيّها الإخوة الأعزّاء إلى المثابرة في مسيرتكم بثقة ورجاء. لترافقكم العذراء مريم. أشكركم على الخير كلّه الذي تفعلون في الكنيسة. أبارككم من كلِّ قلبي مع العائلة الكبّوشيّة الكبيرة؛ وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي!"