أميركا
18 كانون الثاني 2018, 15:00

البابا فرنسيس يزور جامعة تشيلي الكاثوليكيّة الحبريّة

زار البابا فرنسيس مساءً جامعة تشيلي الكاثوليكيّة الحبريّة الّتي لعبت دورًا مهمًّا في تاريخ البلاد، إذ أنّ آلاف الرّجال والنّساء الّذين ساهموا في نموّ البلاد قد تنشِّأوا فيها.

 

هذا وأشار، بحسب "إذاعة الفاتيكان"، إلى التّحدّيات الّتي تواجهها البلاد والمتعلّقة بالتّعايش الوطنيّ والقدرة على التّقدّم كجماعة، فقال: "إنّ التّحدّث عن التّحدّيات هو الإقرار بأنّ الأوضاع قد بلغت نقطة تتطلّب منّا إعادة التّفكير، لأنَّ ما كان يُعتبر في الأمس عامل وحدة وترابط أصبح يتطلّب اليوم أجوبة جديدة. لكنَّ هذا الأمر لا يعني إيقاف نموّ المعرفة وإنّما أن نجعل من الجامعة فسحة مميّزة لعيش قواعد الحوار الّذي يكوِّن اللّقاء؛ لأنَّ الحكمة الحقيقيّة هي ثمرة التّأمُّل والحوار واللّقاء السّخيّ بين الأشخاص. إنّ التّعايش الوطنيّ ممكن بقدر ما نعطي حياة لمبادرات تربويّة تكون أيضًا محوِّلة، مبادرات إدماج وتعايش. فالتّربية على التّعايش لا تعني إضافة قيم على العمل التّربويّ وحسب وإنّما خلق ديناميكيّة تعايش داخل النّظام التّربوي أيضًا. ولبلوغ هذا الأمر من الضّروريّ أن يصار إلى تنمية ما أدعوه بـ"محو أمّيّة شامل"، يعرف كيف يُكيِّف عمليّات التّحوّل الّتي تتمُّ داخل مجتمعاتنا.

إنّ عمليّة محوّ الأميّة هذه تتطلّب منّا أن نعمل في الوقت عينه على إدماج مختلف اللّغات الّتي تكوِّننا كأشخاص: العقل (أيّ الرّأس) والعواطف (أيّ القلب) والعمل (أيّ اليدان)؛ وهذا الأمر سيقدّم ويسمح بنموّ التّلاميذ بشكل متناغم ليس فقط على الصّعيد الشّخصيّ وإنّما وفي الوقت عينه على الصّعيد الاجتماعيّ. إنّ محوّ الأميّة الّذي يقوم على إدماج مختلف اللّغات الّتي تكوِّننا سيطال أيضًا التّلاميذ في عمليّتهم التّربويّة، عمليّة إزاء التّحدّيات الّتي سيقدّمها لهم المستقبل في مجتمع سائل تتلاشى فيه نقاط المرجعيّة الّتي يمكن للأشخاص من خلالها أن يبنوا أنفسهم على الصّعيد الفرديّ والاجتماعيّ. يمكن لهذا النّقص في التّناغم والتّرابط أن يكون أحد أسباب فقدان الإدراك للمكان العامّ؛ فسحة تتطلّب ارتفاعًا عن المصالح الخاصّة من أجل البناء على أساسات تُظهر ذلك البعد المهمَّ في حياتنا والّذي هو الـ"نحن"؛ إذ بدون هذا الإدراك سيكون من الصّعب جدًّا بناء الأمَّة.

من هنا يأتي العنصر المهمّ الثّاني لمركز الدّراسة هذا وهو القدرة على التّقدّم كجماعة. إنَّ الرّسالات الّتي تقومون بها سنويًّا في مختلف أنحاء البلاد هي نقطة قويّة ومغنية. أنتم تنجحون، في هذه المناسبات، في توسيع أفق نظركم وفي الدّخول في علاقات مع أوضاع مختلفة تضعكم في حركة مستمرّة. في الواقع،  إنّ المرسل لا يعود أبدًا من رسالته كما كان قبلاً، لأنّه يختبر عبور الله من خلال اللّقاء بوجوه عديدة. وبالتّالي لا يمكن لهذه الخبرات أن تبقى منعزلة عن المسيرة الجامعيّة. إنَّ أساليب البحث التّقليديّة تختبر بعض المحدوديّة لاسيّما عندما يتعلّق الأمر بثقافة كثقافتنا تحفّز المشاركة المباشرة والفوريّة للأفراد، لذلك تتطلّب الثّقافة الحاليّة أشكالاً جديدة قادرة على إدماج جميع الرّوّاد الّذين يعطون حياة للواقع الاجتماعيّ والتّربويّ. من هنا أهمّيّة توسيع مبدأ الجماعة التّربويّة.

ينبغي على هذه الجماعة أن تواجه تحدّي عدم البقاء منعزلة عن أشكال المعرفة الجديدة وألّا تبني المعرفة على هامش من تُوجَّه إليهم هذه المعرفة. من الأهمّيّة بمكان أن يكون اكتساب المعرفة قادرًا على خلق تفاعلٍ بين قاعة الدّراسة وحكمة الشّعوب الّتي تكوِّن هذه الأرض المباركة. لذلك لا يمكن أن تُحدَّ الجماعة التّربويّة بقاعات الدّراسة والمكتبة بل هي مدعوّة على الدّوام لتحدّي المشاركة. يمكن أن يقود هذا الحوار فقط المعرفة القادرة على أن تأخذ على عاتقها منطق الجمع، أيّ ذلك الّذي يتبنّى تداخل مجالات المعرفة واعتمادها المتبادل على بعضها البعض.

إنّ الرّسالة الّتي توكل اليوم إليكم هي نبويّة. أنتم مدعوّون لتفعيل عمليّات تنير الثّقافة الحاليّة من خلال تقديم أنسنة متجدّدة تتحاشى السّقوط في أيّ نوع من أنواع الاختزاليّة والتّبسيط. وهذه النّبؤة تدفعنا لنبحث عن فسحات جديدة للحوار واللّقاء، ودروب تباين ودّيّ يسمح بالاختلاف المحترم بين أشخاص يسيرون معًا ويسعون للتّقدّم كجماعة نحو تعايش وطنيٍّ متجدِّد".