الفاتيكان
30 آب 2021, 06:30

البابا فرنسيس يدعو للصّلاة والصّوم من أجل أفغانستان

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه البابا فرنسيس، ظهر الأحد عقب صلاة التّبشير الملائكيّ، نداء من أجل تكثيف الصّلاة والصّوم والتّوبة من أجل أفغانستان، فقال للمحتشدين في ساحة القدّيس بطرس: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أتابع بقلق بالغ الوضع في أفغانستان، وأشارك في ألم الّذين يبكون الأشخاص الّذين فقدوا أرواحهم في الهجمات الانتحاريّة الّتي وقعت يوم الخميس الماضي، والّذين يبحثون عن المساعدة والحماية. أوكل الموتى إلى رحمة الله الكلّيّ القدرة، وأشكر الّذين يجتهدون من أجل مساعدة هؤلاء السّكّان الممتحنين ولاسيّما النّساء والأطفال. أطلب من الجميع أن يستمرّوا في مساعدة المعوزين، وأصلّي لكي يفضي الحوار والتّضامن إلى إرساء تعايش أخويّ وسلميّ، ويقدِّما الرّجاء من أجل مستقبل البلد. في لحظات تاريخيّة كهذه لا يمكننا أن نبقى غير مبالين: وتاريخ الكنيسة يعلّمنا ذلك. وهذا الوضع يلزمنا كمسيحيّين. لهذا أوجّه نداء للجميع من أجل تكثيف الصّلاة والصّوم: الصّلاة والصّوم والصّلاة والتّوبة. هذا هو الوقت لكي نقوم بذلك. أنا جادّ فيما أقوله: كثّفوا الصّلاة وصوموا، واطلبوا من الرّبّ الرّحمة والمغفرة".

وكان البابا قد ألقى كلمة روحيّة قبيل الصّلاة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يُظهر لنا الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم بعض الكتبة والفرّيسيّين المندهشين من موقف يسوع، وقد أصيبوا بالذّهول لأنّ تلاميذه يتناولون الطّعام دون القيام بطقوس الاغتسال التّقليديّة. ويفكّرون في أنفسهم: "هذا الأسلوب في التّصرّف يتعارض مع الممارسة الدّينيّة".

يمكننا نحن أيضًا أن نسأل أنفسنا: لماذا أهمل يسوع وتلاميذه هذه التّقاليد؟ إنّها في العمق ليست أمورًا سيّئة، وإنّما عادات طقسيّة جيّدة، وغسيل بسيط قبل تناول الطّعام. فلماذا لا يهتمّ يسوع بها؟ لأنّه من المهمّ بالنّسبة له إعادة الإيمان إلى محوره. وتجنذب المخاطرة الّتي تنطبق على هؤلاء الكتبة وعلينا: أيّ الحفاظ على الإجراءات الشّكليّة الخارجيّة ووضع قلب الإيمان في المرتبة الثّانية. إنّه خطر تديُّن المظاهر: الظّهور بشكل جيّد في الخارج، وإهمال تنقية القلب. هناك على الدّوام تجربة "إرضاء الله" ببعض العبادات الخارجيّة، لكن يسوع لا يكتفي بهذه العبادة. هو لا يريد تصرّفات خارجيّة، وإنّما يريد إيمانًا يصل إلى القلب.

في الواقع، بعد ذلك مباشرة، دعا الجمع ليقول لهم حقيقة عظيمة: "ما مِن شَيءٍ خارِجٍ عَنِ الإِنسانِ إِذا دَخَلَ الإِنسانَ يُنَجِّسُهُ". ولكن، "مِن باطِنِ النّاس، مِن قُلوبِهِم" تنبعث الأمور السّيّئة. إنّها كلمات ثوريّة، لأنّه في ذهنيّة ذلك الوقت كان يُعتقد أنّ بعض الأطعمة أو الاتّصالات الخارجية تجعل المرء نجسًا. لكنَّ يسوع قد عكس المنظور: إنَّ الأمور الّتي تأتي من الخارج لا تؤذي، وإنّما تلك الّتي تولد من الدّاخل.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، هذا الأمر يعنينا أيضًا. غالبًا ما نعتقد أنّ الشّرّ يأتي أساسًا من الخارج: من سلوك الآخرين، ومن الّذين يفكّرون فينا بشكل سيّئ، ومن المجتمع. كم مرّة نلوم الآخرين والمجتمع والعالم على كلّ ما يحدث لنا! إنّه على الدّوام ذنب "الآخرين": النّاس، الّذي يحكم، وسوء الحظ. ويبدو أنّ المشاكل تأتي على الدّوام من الخارج. ونقضي الوقت في توزيع اللّوم. لكن قضاء الوقت في إلقاء اللّوم على الآخرين هو مضيعة للوقت. ويصبح المرء غضوبًا وبغيضًا ويبعد الله عن قلبه. مثل هؤلاء الأشخاص في الإنجيل، الّذين يتذمّرون، ويتشكّكون، ويجادلون ولا يقبلون يسوع. لكن لا يمكن للمرء أن يكون متديّنًا حقًّا في التّذمّر: إنَّ الغضب والاستياء والحزن يغلقون الأبواب أمام الله.

لنطلب اليوم من الرّبّ أن يحرّرنا من لوم الآخرين. ولنسأل في الصّلاة نعمة ألّا نضيِّع الوقت في تلويث العالم بالتّذمّر، لأنّ هذا الأمر ليس مسيحيًّا. إنّ يسوع يدعونا إلى النّظر إلى الحياة والعالم انطلاقًا من قلوبنا. وإذا نظرنا إلى داخلنا، فسنجد تقريبًا كلّ شيء نكرهه في الخارج. وإذا سألنا الله بصدق أن يطهر قلوبنا، فسنبدأ في جعل العالم أكثر نظافة. لأنّ هناك طريقة لا تُخطئ للتّغلّب على الشّرّ وهي أن يبدأ المرء في هزيمته في داخله.

عندما كان يُسأل آباء الكنيسة والرّهبان الأوائل: "ما هي درب القداسة؟ وكيف أبدأ؟" كانوا يقولون إنّ الخطوة الأولى هي اتّهام أنفسنا. كم منّا، خلال اليوم، في لحظة من اليوم أو في لحظة من الأسبوع، قادر على اتّهام نفسه في الدّاخل؟ قد تقولون: "نعم، هذا قد فعل لي كذا، وذلك قد فعل كذا..."، ولكن هل أفعل الشّيء نفسه مع نفسي... إنّها حكمة: أن نتعلّم أن نتّهم أنفسنا. حاولوا أن تفعلوا ذلك: وهذا الأمر سيفيدكم. إنّه أمر يفيدني، عندما أتمكّن من القيام بذلك، لكنّه مفيد للجميع.

لتساعدنا العذراء مريم الّتي غيّرت التّاريخ من خلال نقاوة قلبها لكي ننقّي قلوبنا ونتخطّى رذيلة إلقاء اللّوم على الآخرين والتّذمّر على كلّ شيء."

وفي تحيّاته، أعلن البابا فرنسيس قربه من سكّان ولاية ميريدا الفنزويليّة، الّتي تعرّضت في الأيّام الأخيرة للفيضانات والانهيارات الأرضيّة، مصلّيًا من أجل الموتى وعائلاتهم وجميع الّذين يتألَّمون بسبب هذه الكارثة. كما وجّه تحيّة إلى أعضاء حركة "كُن مُسبّحًا"، شاكرًا إيّاهم على التزامهم "ببيتنا المشترك! لاسيّما بمناسبة اليوم العالميّ للصّلاة من أجل الخليقة وزمن الخليقة الّذي يتبعه. إنَّ صرخة الأرض وصرخة الفقراء قد أصبحتا أكثر خطورة ومثيرتان للقلق وتتطلّبان عملاً حاسمًا وملحًّا من أجل تحويل هذه الأزمة إلى فرصة."