الفاتيكان
09 تشرين الأول 2023, 06:30

البابا فرنسيس يدعو لتلاوة المسبحة الورديّة من أجل السّلام

تيلي لوميار/ نورسات
دعا البابا فرنسيس إلى الصّلاة من أجل السّلام في الأرض المقدّسة، "حيث العنف تفجّر مجدّدًا وبوتيرة سريعة"، وذلك في كلمته في أعقاب صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، ورفع الصّوت من أجل وقف الهجمات المسلّحة، سائلاً أن "يفهم الجميع أنّ الإرهاب والحرب لا يؤدّيان إلى أيّ حلّ بل إلى موت ومعاناة العديد من الأشخاص الأبرياء. الحرب هي هزيمة. كلّ حرب هي هزيمة".

هذا وطلب "في شهر تشرين الأوّل أكتوبر، المكرّس– بالإضافة إلى الرّسالات– لتلاوة السبحة الورديّة"، "ألّا نتعب من أن نطلب، بشفاعة العذراء مريم، عطيّة السّلام للعديد من بلدان العالم المطبوعة بالحروب والصّراعات، ولنتذكّر دومًا أوكرانيا الحبيبة الّتي تتألّم كثيرًا كلّ يوم."  

وفي سياق آخر، شكر البابا فرنسيس "من يتابعون أعمال السّينودس ومن يرافقونها بواسطة الصّلاة"، مشيرًا إلى أنّه "حدث كنسيّ يرتكز إلى الإصغاء والمقاسمة والشّركة الأخويّة الرّوحيّة"، داعيًا الجميع لأن يوكلوا أعماله للرّوح القدس.

وكان البابا فرنسيس قد ألقى كلمة قبل صلاة التّبشير الملائكيّ، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير! يقدّم لنا إنجيلُ اليوم مثلاً مأساويًّا، نهايته حزينة. فقد قام صاحب أرض بزرع كرمة واعتنى بها جيّدًا، وإذ كان مضطرًّا للرّحيل أوكلها إلى بعض الفلّاحين. عندما حان موسم الحصاد أرسل خدّامه ليأخذوا المحصول. بيد أنّ الفلّاحين أساؤوا معاملتهم وقتلوهم، فأرسل صاحب الحقل ابنه، فقتلوه هو أيضًا. كيف حصل ذلك؟ لقد أحسن صاحب الحقل التّصرّف، وفعل ذلك بمحبّة: فقد تعب، وغرس الكرمة، وأحاطها بسياج ليحميها، حفر فيها معصرة وبنى برجًا. وسلّمها إلى كرّامين، سلّمهم أثمن ما لديه، وعاملهم بإنصاف، كي يعتنوا بالكرمة وتحمل الثّمر. وكان من المتوقّع أن يتمّ الحصاد بصورة سعيدة، بأجواء من الاحتفال، مع مقاسمة منصفة للمحصول ترضي الجميع.  

لقد تغلغلت إلى أذهان الفلّاحين أفكار الجشع ونكران الجميل. في جذور الصّراع يكمن دائمًا نكران الجميل وأفكار الجشع، أفكار التّملّك. فقال هؤلاء إنّهم لا يريدون أن يعطوا شيئًا لصاحب الكرمة، وإنّ الثّمر هو ملكهم وحدهم، ولا يريدون أن يؤدّوا حسابًا أمام أحد. فكان ينبغي عليهم أن يكونوا ممتنّين لما نالوه، وللطّريقة الّتي عوملوا بها. لكن نكران الجميل غذّى الجشع، ونمّا في داخلهم شعورًا متزايدًا بالتّمرّد، حملهم إلى رؤية الواقع بصورة مشوّهة جدًّا، وشعروا أنّ صاحب الكرمة مدين لهم، لا العكس، مع أنّه وفّر لهم العمل. وعندما رأوا ابنه قالوا إنّ هذا هو الوريث فلنقتله ولنأخذ ميراثه. فتحوّلوا من مزارعين إلى قتلة. هذا يحصل غالبًا في قلوب النّاس، وحتّى في قلوبنا.

إنّ الرّبّ يسوع، ومن خلال هذا المثل، يذكّرنا بما يمكن أن يحصل عندما يتوهّم الإنسان بأنّه قادر على فعل ما يريد بنفسه، وينسى عرفان الجميل، وينسى واقع الحياة الأساسيّ: أيّ أنّ الخير يأتي من نعمة الله ومن هبته المجّانيّة. وعندما ينسى الإنسان مجّانيّة الله ينتهي به المطاف في عيش وضعه الخاصّ ومحدوديّته، عوضًا عن الفرح النّاتج عن الشّعور بأنّ هناك من يحبّه ويخلّصه، يتوهّم أنّه ليس بحاجة إلى المحبّة وإلى الخلاص. فهو لا يريد أن يُحبّ، ويصبح أسير جشعه الخاصّ، وأسير الحاجة بأن يملك شيئًا أكثر من الآخرين وبأن يتفوّق عليهم. هذا أمر قبيح، يحصل معنا مرّات كثيرة، لنفكّر بذلك.

من هنا يولد انعدام الرّضى واللّوم، وسوء التّفاهم والحسد. وإذ تدفعه الضّغينة يمكن أن ينزلق الإنسان إلى دوّامة العنف. نعم أيّها الأخوة والأخوات، إنّ نكران الجميل يولّد العنف، يحرمنا من السّلام، ويجعلنا نتكلّم بصوت عال ونصرخ، فيما يمكن أن تحمل كلمة "شكرًا" البسيطة السّلام! فلنتساءل إذًا: هل ندرك أنّنا نلنا هبة الحياة والإيمان، وبأنّنا هبة من الله؟ هل نؤمن أنّ كلّ شيء يبدأ من نعمة الرّبّ؟ هل نفهم أنّنا المستفيدون، بدون استحقاق، وأنّنا نُحبّ ونُخلص مجّانًا؟ وتجاوبًا مع هذه النّعمة هل نعرف كيف نقول "شكرًا"؟ إنّها عبارات ثلاث: "شكرًا"، "من بعد إذنك"، "سامحني". هل نعرف كيف نقول هذه العبارات الثّلاث؟ إنّها كلمة صغيرة "شكرًا" يتوقّعها الله والأخوة كلّ يوم. لنتساءل ما إذا كانت هذه العبارات الصّغيرة: "شكرًا"، "من بعد إذنك"، "سامحني"، حاضرة في حياتنا".

ختامًا سأل البابا فرنسيس العذراء مريم، الّتي تعظّم نفسُها الرّبّ، أن تجعل من الامتنان النّور الّذي يشرق كلّ يوم من القلب.