أوروبا
27 آب 2018, 09:21

البابا فرنسيس يختتم لقاء العائلات في دبلن

إختتم البابا فرنسيس عصر أمس، لقاء العائلات العالميّ في دبلن، بقدّاس احتفاليّ ترأّسه في فينيكس بارك، حثّ فيه المشاركون على أن يصيروا مصدر تشجيع للآخرين ومشاركتهم "كلام الحياة الأبديّة".

 

وفي تفاصيل عظته، قال الأب الأقدس نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "في ختام هذا اللّقاء العالميّ للعائلات، نجتمع كعائلة حول مائدة الرّبّ، ونشكره على البركات العديدة الّتي نلناها في عائلاتنا. نريد أن نلتزم في عيش دعوتنا بملئها لكي نكون بحسب كلمات القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع المؤثّرة: "الحبّ في قلب الكنيسة".

يظهر يسوع في إنجيل اليوم مصدر هذه البركات عندما يتحدّث مع تلاميذه. كثيرون منهم كانوا منزعجين ومضطربين وغاضبين أيضًا يتناقشون إن كان عليهم أن يقبلوا "كلامه العسير" الّذي يتعارض مع حكمة هذا العالم. فيجيبهم الرّبّ ويقول لهم بشكل مباشر: "الكَلامُ الَّذي كلَّمتُكُم به رُوحٌ وحَياة". هذه الكلمات الّتي تحمل الوعد بعطيّة الرّوح القدس تفيض بالحياة لنا نحن الّذين نقبلها في الإيمان. هي تشير على مصدر كلِّ الخير الّذي اختبرناه واحتفلنا به هنا خلال هذه الأيّام. إنّ كلّ يوم جديد في حياة عائلاتنا وكلّ جيل جديد يحمل معه وعد عنصرة جديدة، عنصرة بيتيّة وحلول جديد للرّوح القدس.

ما أحوج العالم لهذا التّشجيع الّذي هو عطيّة ووعد من الله! كأحد ثمار هذا الاحتفال بالحياة العائليّة يمكنكم أن تعودوا إلى بيوتكم وتصيروا مصدر تشجيع للآخرين لكي تتشاركوا معهم "كلام الحياة الأبديّة" الّذي يعطيه يسوع. في القراءة الثّانية يقول لنا القدّيس بولس إنّ الزّواج هو مشاركة في سرِّ أمانة المسيح الأزليّة لعروسته الكنيسة. وبالرّغم من ذلك يمكن لهذا التّعليم الرّائع أن يبدو لأحد ما كـ "كلام عسير". لأنّ العيش في المحبّة كما أحبّنا المسيح يتضمّن التّشبّه بتضحيته بنفسه والموت عن ذواتنا لنولد مجدّدًا في محبّة أكبر ودائمة؛ تلك المحبّة الّتي بإمكانها وحدها أن تخلِّص العالم من عبوديّة الخطيئة.

هذه هي المحبّة الّتي عرفناها بيسوع المسيح. فهو قد تجسّد في عالمنا من خلال عائلة؛ وبواسطة شهادة العائلات المسيحيّة في كلِّ جيل هو يملك القوّة لينقض جميع الحواجز لكي يصالح العالم مع الله ويجعل منّا ما قد خُلقنا لأجله: عائلة بشريّة واحدة تعيش معًا في العدالة والقداسة والسّلام. إنّ رسالة الشّهادة لهذه البشرى السّارّة ليست سهلة أبدًا. ومع ذلك فالتّحدّيات الّتي يواجهها المسيحيّون اليوم لا تقلُّ صعوبة عن تلك الّتي واجهها المرسلون الإيرلنديّون الأوائل. إنَّ نجاح رسالتهم الرّائع لم يكن قائمًا على أساليب ومخطّطات استراتيجيّة وإنّما على طاعة متواضعة ومحرّرة لإلهامات الرّوح القدس. فشهادتهم اليوميّة للأمانة للمسيح وفيما بينهم قد جذبت القلوب الّتي كانت ترغب بشوق في كلمة نعمة وساهمت في ولادت الثّقافة الأوروبيّة.

من الطّبيعيّ أنّه سيكون هناك على الدّوام أشخاص سيتصدّون للبشرى السّارّة ويتذمّرون على "كلامها العسير"، لكن لا يجب أن نسمح أبدًا لنظرة اللّامبالاة القاسية أن تؤثّر علينا أو تفقدنا الشّجاعة. ومع ذلك علينا أن نعترف بتواضع أنّه، وإن كنّا صادقين مع ذواتنا، بإمكاننا نحن أيضًا أن نجد تعاليم يسوع عسيرة. كم هو صعب علينا على الدّوام أن نسامح الّذين يجرحوننا! ما أكبر تحدّي استقبال المهاجر والغريب! كم هو أليم تحمّل خيبة الأمل والرّفض والخيانة! كم هي مزعجة حماية حقوق الأشدّ هشاشة والّذين لم يولدوا والمسنّين الّذين يبدو وكأنّهم يزعجون مفهومنا للحرّيّة. مع ذلك في هذه الحالات بالذّات يسألنا الرّبّ قائلاً: "أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضًا؟". بقوّة الرّوح القدس الّذي يشجّعنا ومع الرّبّ إلى جانبنا على الدّوام يمكننا أن نجيب: "نَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله"، وأن نكرّر مع شعب إسرائيل: "نَحنُ أَيضًا نَعبُدُ الرَّبّ، لِأَنَّهُ إِلَهُنا".

إذ نستعدُّ لينطلق كلّ فرد منّا مجدّدًا في دربه نجدّد أمانتنا للرّبّ وللدّعوة التّي دعانا إليها، جاعلين صلاة القدّيس باتريك صلاة لنا نكرّرها بفرح "المسيح في داخلي، المسيح خلفي، المسيح إلى جانبي، المسيح تحتي، المسيح فوقي"؛ وبالفرح والقوّة اللّذين منحهما لنا الرّوح القدس لنقل له بثقة: "يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟".