البابا فرنسيس يحذّر من وباء جديد، ما هو؟
ثمّ توقّف بحسب "فاتيكان نيوز" في عظته عند القراءة الأولى من كتاب أعمال الرّسل "والّتي تقدّم لنا بطرس الّذي أجاب إزاء تهديدات عظيم الأحبار الّذي منعه عن تعليم الشّعب بإسم يسوع: "الله أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنَ النَّاس"، وأعلن بجرأة أمام الجميع قيامة يسوع المخلّص الَّذي قَتَله الأحبار إِذ علَّقوه على خَشَبَة. وأكّد البابا في هذا السّياق أنّ شجاعة بطرس، الّذي كان ضعيفًا وبلغ به الأمر إلى إنكار الرّبّ، تأتي من صلاة يسوع له. يسوع قد صلّى من أجل بطرس لكي لا يفقد إيمانه، ويسوع يصلّي من أجلنا أمام الآب مُظهرًا له جراحه ثمن خلاصنا. يسوع هو الشّفيع وعلينا أن نتحلّى بالثّقة بصلاة يسوع.
تتابع القراءة الأولى التّاريخ الّذي كان قد بدأ بشفاء الرّجل الكسيح قرب باب الهيكل. كان عَظيِمُ الكَهَنَةِ وجَميعُ حاشِيَتِه قد بَسَطوا أَيدِيَهُم إِلى الرُّسُلِ وَوَضَعوهم في السجنِ العامّ. غَيرَ أَنَّ مَلاكَ الرَّبِّ فَتحَ أَبوابَ السِّجنِ لَيلاً وأَخرَجَهم، ودَخَلوا الهَيكَلَ عِندَ الفَجْرِ وأَخَذوا يُعَلِّمون. "في تِلكَ الأَيّام: لَمَّا جاءَ الحَرَسُ بالرُّسُل، وأَقاموهم أَمامَ المَجلِس، سأَلَهم عَظيمُ الأَحبار قال: "نَهَيْناكم أَشَدَّ النَّهْيِ عنِ التَّعليمِ بِهذا الاِسْم، وها قد مَلأتُم أُورَشَليمَ بِتَعليمِكم؛ وتُريدونَ أَن تَجعَلوا علَينا دمَ هذا الرَّجُل". فأَجابَ بُطرُسُ والرُّسُل: "الله أَحَقُّ بِالطَّاعَةِ مِنَ النَّاس. إِنَّ إِلهَ آبائِنا أَقامَ يسوعَ الَّذي قَتَلتُموه إِذ علَّقتُموه على خَشَبَة". لقد اتّهمهم بجرأة وشجاعة، وبالتّالي قد نتساءل: "هل هذا هو بطرس الّذي أنكر يسوع؟" بطرس الّذي كان خائفًا والّذي كان أيضًا جبانًا؟ كيف وصل إلى هنا؟ وإختتم بطرس كلمته بالقول: "نَحنُ شُهودٌ على هذِه الأُمور. وكذلِكَ يَشهَدُ الرُّوحُ القُدُسُ، الَّذي وهَبَه اللهُ لِمَن يُطيعُه"؛ فما هي الدّرب الّتي سارها بطرس لكي يصل إلى هذه المرحلة، وإلى هذه الجرأة والشّجاعة؟ كان بإمكانه أن يساوم مع رؤساء الكهنة والأحبار ولكنّه لم يفعل ذلك.
لقد وُجب على الكنيسة أن تقوم بتسويات مرارًا عبر التّاريخ لكي تنقذ شعب الله، ولقد قامت بذلك أيضًا لكي تنقذ نفسها. يمكن للتّسويات أن تكون جيّدة ولكن يمكنها أيضًا أن تكون سيّئة؛ ولكن هل كان بإمكان الرّسل الوصول إلى تسوية؟ لا قال بطرس، لا مجال لأيّة تسوية وأعلن بشجاعة أنّ رؤساء الأحبار والكهنة هم مذنبون. وكيف وصل بطرس إلى هذه النّقطة؟ لأنّه كان رجلاً حماسيًّا ويحبّ بقوّة، وفي الوقت عينه رجل يخاف الله ومنفتح عليه لدرجة أنّ الله قد أظهر له أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله. ولكن بعد أن أخبرهم يسوع أَنَّه يَجِبُ علَيهِ أَن يَذهَبَ إِلى أُورَشَليم ويُعانِيَ آلامًا شَديدة مِنَ الشُّيوخِ وعُظَماءِ الكَهَنَةِ والكَتَبَة ويُقتَلَ ويقومَ في اليومِ الثَّالث، وبعد هذا الإعلان سقط بطرس في تجربة أن يقول ليسوع: "حاشَ لَكَ يا رَبّ! لن يُصيبَكَ هذا!"، فأجابه يسوع: "إِنسَحِبْ! وَرائي! يا شَيطان". كان بطرس ينتقل من التّجربة إلى النّعمة، فهو كان قادرًا على الرّكوع أمام يسوع ويقول له: "تباعد عنّي يا ربّ لأنّني رجل خاطئ!"، ولكنّه بعدها حاول أن ينجو بنفسه ويهرب من السّجن بإنكاره ليسوع. لم يكن بطرس ثابتًا وذلك لأنّه كان سخيًّا جدًّا وفي الوقت عينه ضعيفًا جدًّا. لكن ما هو السّرّ وما هي القوّة الّتي تحلّى بها ليصل إلى هنا؟ هناك آية من الكتاب المقدّس يمكنها أن تساعدنا في فهم هذا. قبل آلامه قال يسوع لبطرس والتّلاميذ: "سِمعان سِمعان، هُوذا الشَّيطانُ قد طَلَبكُم لِيُغَربِلَكُم كَما تُغَربَلُ الحِنطَة. ولكِنَّي دَعَوتُ لَكَ أَلّا تَفقِدَ إِيمانَكَ. وأَنتَ ثَبَّتْ إِخوانَكَ متى رَجَعْتَ". وهذا هو السّرّ: صلاة يسوع. فيسوع قد صلّى من أجل بطرس لكي لا يفقد إيمانه ولكي يثبّت إخوته في الإيمان.
يسوع قد صلّى من أجل بطرس، وما فعله مع بطرس يفعله معنا جميعًا. يسوع يصلّي من أجلنا أمام الآب. نحن قد اعتدنا أن نرفع الصّلاة ليسوع طالبين منه نعمة معيّنة، ولكنّنا لم نعتَد أن نتأمّل بيسوع الّذي يُظهر جراحه للآب، أيّ بيسوع الشّفيع الّذي يصلّي من أجلنا. إنّ بطرس قد تمكّن من القيام بهذه المسيرة من شخص جبان إلى شخص جريء وشجاع بواسطة هبة الرّوح القدس وبفضل صلاة يسوع. لنفكّر في هذا الأمر ولنتوجّه إلى يسوع ولنشكره لأنّه يصلّي من أجلنا. يسوع يصلّي من أجل كلِّ فردٍ منّا؛ يسوع هو الشّفيع وقد أراد أن يحمل معه جراحه لكي يريها للآب لأنّها ثمن خلاصنا. لذلك علينا أن نتحلّى بالثّقة لا بصلاتنا وإنّما بصلاة يسوع من أجلنا، لأنّ هذا هو سرّ بطرس: "يا بطرس، لقد دَعَوتُ لَكَ أَلّا تَفقِدَ إِيمانَكَ". ليعلّمنا الرّبّ أن نطلب منه نعمة أن يصلّي من أجل كلِّ واحد منّا".
وفي ختام القدّاس، منح البابا المؤمنين البركة ودعاهم إلى المناولة الرّوحيّة.