البابا فرنسيس يحذّر من الرّياء
وفي تفاصيل تعليمه الأسبوعيّ، نطلق الأب الأقدس من رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية والّتي يتحدّث فيها عن لومه لصخر، أيّ بطرس، على تصرّفه غير الجيّد في أنطاكية. وتساءل البابا، وفقًا لـ"فاتيكان نيوز"، "ما هذا الشّيء الخطير الّذي دفع بولس الرّسول إلى أن يتحدّث بهذه القسوة حتّى إلى بطرس، فهل فسح بطرس المجال لطابعه بدون السّيطرة على النّفس؟"، وأجاب: "إنّ الأمر يتعلّق بالعلاقة بين الشّريعة والحرّيّة.
إنّ القدّيس بولس أراد بعودته إلى هذا الحدث الّذي وقع قبل سنوات في أنطاكية تذكير مسيحيّي جماعة غلاطية بأنّ عليهم ألّا يصغوا إلى من يتحدّثون عن ضرورة اتّباع الشّريعة بتفاصيلها. وإنّ لوم بولس لبطرس انطلق من تصرّفه حين كان يؤاكل الوثنيّين وهو ما تمنعه الشّريعة على يهوديّ. إلّا أنّ بطرس قد فعل هذا مرّة أخرى حين توجّه في قيصريّة إلى بيت قرنيليوس مدركًا مخالفته بذلك للشّريعة، وقال بطرس حينها "فقَد بَيَّنَ اللهُ لي أَنَّه لا يَنبغي أَن أَدعُوَ أَحَدًا مِن النَّاسِ نَجِسًا أَو دَنِسًا" (أعمال 10، 28). وعندما عاد إلى أورشليم انتقده المختونون الملتزمون بالشّريعة، إلّا أنّه أجاب: "فتَذكَّرتُ كَلِمَةَ الرَّبِّ إِذ قالَ: إِنَّ يوحَنَّا عَمَّدَ بالماء، وأَمَّا أَنتُم فستُعَمَّدونَ في الرُّوحِ القُدُس. فإِذا كانَ اللهُ قد وهَبَ لَهم مِثلَ ما وهَبَ لَنا، لأَنَّنا آمنَّا بالرَّبِّ يسوعَ المَسيح، هَل كان في إِمْكاني أَنا أَن أَمنَعَ الله؟" (أعمال 11، 16- 17)."
ثمّ عاد البابا إلى ما حدث لبطرس في أنطاكية "فذكَّر بأنّه كان يؤاكل الوثنيّين لكنّه توارى عند وصول أهل الختان خوفًا من انتقادهم، وبدا هذا أمرًا خطيرًا لبولس، خاصّة وأنّ تلاميذ آخرين كانوا يحاكون بطرس، وبشكل خاصّ برنابا والّذي بشّر مع بولس أهل غلاطية. إنّ بطرس وبدون قصد قد صنع انقسامًا في الجماعة بتصرّفه هذا. وإنّ بولس استخدم في توبيخه لبطرس كلمة رياء."
وعند هذه الكلمة توقّف البابا مشيرًا إلى أن "اتِّباع الشّريعة أدّى إلى هذا التّصرّف المطبوع بالرّياء والّذي يريد بولس الرّسول محاربته عن قناعة كبيرة". وتساءل الأب الأقدس ما هو الرّياء، وأجاب: "يمكن القول إنّ الرّياء هو الخوف من الحقيقة، حيث يفضَّل التّظاهر بدلاً من أن يكون الشّخص ذاته. إنّ هذا التّظاهر يمنع شجاعة قول الحقيقة بصراحة، ولا يلتزم الشّخص بالتّالي بواجب قولها دائمًا وفي أيّة ظروف ورغم كلّ شيء. وفي أوساط تُعاش فيها العلاقات بين الأشخاص على أساس الشّكليّات ينتشر بسهولة فيروس الرّياء.
ثمّ ذكّر البابا بحديث الكتاب المقدّس عن محاربة الرّياء، فأشار إلى شهادة ألعازر الطّاعن في السّنّ الّذي طُلب منه التّظاهر بأنّه يأكل من لحم الضّحّيّة الّتي أمر بها الملك لينجو من الموت، لكنّه قال: "لا يليق بسنّنا أن نراءي لئلّا يظنّ كثير من الشّبّان أن ألعازر، وهو ابن تسعين سنة، قد انحاز إلى مذهب الغرباء، ويضلّوا هم أيضًا بسببي وبسبب ريائي من أجل حياة أصبحت قصيرة جدًّا، فأجلب على شيخوختي النّجاسة والفضيحة" (2مك 6، 24-25)". ذكَّر الأب الأقدس أيضًا بحديث الإنجيل عن حالات كثيرة يعنِّف فيها يسوع بقوّة مَن يَبدون صالحين في المظهر لكنّهم ممتلئون بالزّيف في داخلهم.
وفي الختام، دعا البابا إلى تذكّر كلمات الرّبّ "فلْيَكُنْ كلامُكم: نعم نعم، ولا لا. فما زادَ على ذلك كانَ مِنَ الشِّرِّير" (متّى 5، 37)، مؤكّدًا أنّ "التّصرّف بشكل مختلف يهدّد وحدة الكنيسة الّتي يريدها الرّبّ".