البابا فرنسيس: وحدها القلوب المنفتحة على عمل النعمة بإمكانها أن تفهم نداءات البشريّة المعوزة
في الواقع، تابع الأب الأقدس يقول، تعود اليوم، لكل رهبانية، الضرورة الملحّة لقانون متجدّد، لأنّ فيه وفي الرسوم تختبئ مسيرة إتباع تتميّز بموهبة خاصة وحقيقيّة للكنيسة. لذلك أدعوكم لتقوموا بهذا التأمّل بأمانة لموهبة المؤسس والإرث الروحي لرهبانيّتكم، وفي الوقت عينه بقلوب وأذهان منفتحة على احتياجات الناس الجديدة. ليكن مثال مؤسّسكم القديس ستانيسلاو ليسوع ومريم النور والمرشد لمسيرتكم. لقد فهم بالكامل معنى أن يكون المرء تلميذاً للمسيح عندما كان يصلّي:"أيها الرّب يسوع، إن كنت قد ربطّتني بك بواسطة الحب فمن يمكنه أن ينتزعني منك؟ وإن جمعتني بك بواسطة الرحمة فمن يمكنه أن يفصلني عنك؟ لتتمسّك بك نفسي ولتقبلني يمينك الرؤوفة. ليتمسك برأسه حتى أصغر الأعضاء وليتألّم هذا الجزء الصغير مع الجسد المقدّس المتألِّم".
أضاف الحبر الأعظم يقول، بهذا المنظار تشكّل خدمتكم للكلمة شهادة للمسيح القائم من الموت الذي التقيتم به على دربكم والذي دُعيتم من خلال أسلوب حياتكم لتحملوه إلى حيث ترسلكم الكنيسة. تتطلّب الشهادة المسيحيّة أيضاً الإلتزام مع الفقراء ومن أجلهم، التزام يُميّز رهبنتكم منذ بداياتها. أشجّعكم على الحفاظ على تقليد خدمة الأشخاص الفقراء والمتواضعين حيّاً من خلال إعلان الإنجيل بواسطة لغة يفهمونها وأعمال الرحمة والصلاة على نيّة الموتى. هناك إرث روحيّ آخر ومهمٌّ لعائلتكم الرهبانيّة، وهو ما تركه لكم الأخ الطوباوي جورجيو ماتولايتيس: التكرّس الكامل للكنيسة والإنسان كي تذهبوا بشجاعة للعمل والكفاح من أجل الكنيسة، لاسيما حيث تستدعي الحاجة. لتساعدكم شفاعته على تعزيز هذا التصرّف الذي ألهم مبادراتكم خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي سعت لنشر موهبة رهبانيتكم في البلدان الفقيرة ولاسيما في أفريقيا وآسيا.
تابع البابا فرنسيس يقول إنّ تحدّي الإنثقاف يطلب منكم اليوم أن تعلنوا البشرى السّارة بطرق وأساليب يفهمها إنسان زمننا الذي يعيش عمليات تحوّل سريعة على الصعيدين الاجتماعي والثقافي. تفتخر رهبانيتكم بتاريخ عريق كتبه شهود شجعان للمسيح، وبالتالي أنتم مدعوّون، متبعين خطاهم، لتسيروا بحماس متجدّد وتندفعوا بحريّة نبويّة وتمييز حكيم على دروب رسوليّة وحدود إرساليّة معززين تعاوناً وثيقاً مع الأساقفة ومكوّنات الجماعة الكنسيّة الأخرى.
أضاف الحبر الأعظم يقول تشكّل آفاق البشارة والضرورة الملحّة للشّهادة للرّسالة الإنجيليّة للجميع بدون تمييز، الحقل الشاسع للعمل الرّسولي الحقيقي. كثيرون لا يزالون ينتظرون أن يتعرّفوا على يسوع، فادي الإنسان الوحيد، فيما تُسائل المؤمنين أوضاع كثيرة من الظلم والبؤس الأخلاقي والمادي. وبالتالي، تتطلّب هذه الرسالة الملحّة ارتداداً شخصيّاً وجماعيّاً لأنّه وحدها القلوب المنفتحة بشكل كامل على عمل النعمة هي قادرة على فهم علامات الأزمنة ونداءات البشريّة المعوزة للرّجاء والسّلام.
تابع الأب الأقدس يقول أيّها الإخوة الأعزاء، كونوا شجعان في خدمة المسيح والكنيسة، على مثال مؤسّسكم، وأجيبوا على التحديات الجديدة والرسالة الجديدة حتى وإن بدت محفوفة بالمخاطر على الصعيد البشري. في الواقع، وفي جوهر تأسيس جماعتكم نجد ما كان القديس ستانيسلاو يؤكّده انطلاقاً من خبرته:"بالرغم من الصعوبات المتعدّدة يبدأ الصلاح والحكمة الإلهيين ويتمّما ما يريدانه، حتى وإن كانت الوسائل غير ملائمة بحسب المنطق البشري. في الواقع، لا شيء مستحيل بالنسبة لله الضابط الكل؛ وهذا الأمر قد ظهر جليّاً من خلالي". وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أكل إلى أمّكم وشفيعتكم مريم البريئة من دنس الخطيئة الأصليّة مسيرتكم في الإيمان والنّمو بالاتّحاد الدائم بالمسيح وروحه القدّوس الذي يجعلكم شهوداً لقوّة القيامة.