الفاتيكان
17 نيسان 2023, 06:30

البابا فرنسيس: هل نحن على استعداد لكي نفتح أذرعنا للّذين جرحتهم الحياة بدون أن نستبعد أيّ شخص عن رحمة الله؟

تيلي لوميار/ نورسات
"اليوم، أحد الرّحمة الإلهيّة، يخبرنا الإنجيل عن ظهورين ليسوع القائم من بين الأموات للتّلاميذ وخاصّة لتوما، "الرّسول غير المؤمن".

بهذه الكلمات، استهلّ البابا فرنسيس، ظهر الأحد، كلمته قبل صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، متأمّلاً بحدث ظهور يسوع المسيح للتّلاميذ بعد ثمانية أيّام من قيامته، مظهرًا لهم جراحه بخاصّة لتوما الرّسول الّذي أراد علامة ملومسة كي يؤمن.

وفي هذا السّياق، تابع البابا قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز": إنَّ توما، في الواقع، ليس الوحيد الّذي يجد صعوبة في الإيمان، لا بل هو يمثّلنا جميعًا إلى حدّ ما. في الواقع، ليس من السّهل دائمًا أن نؤمن، لاسيّما عندما، وكما في حالة توما، نكون قد عانينا من خيبة أمل كبيرة. لقد تبع يسوع لسنوات، وواجه الأخطار وتحمَّل المصاعب، لكن المُعلِّم صُلب كمجرم ولم يحرِّره أحد، ولم يفعل أحد شيئًا! مات وكان الجميع خائفين. فكيف يمكنه أن يثق مجدّدًا؟

ومع ذلك، يُظهر توما أنّه يتحلّى بالشّجاعة: فبينما كان الآخرون مُنغلقين في العلّيّة، كان يخرج، مواجهًا خطر أن يتعرف عليه شخص ما، ويبلّغ عنه ويتمَّ القبض عليه. يمكننا حتّى أن نعتقد أنّه ولشجاعته يستحقّ أكثر من الآخرين أن يلتقي بالرّبّ القائم من بين الأموات. ولكن، لأنّه لم يكن مع التّلاميذ، عندما ظهر يسوع لهم لأوّل مرّة في مساء عيد الفصح، فوَّت توما الفرصة. فكيف يمكنه استعادتها؟ من خلال العودة إلى الآخرين، بعودته إلى تلك العائلة الّتي تركها خائفة وحزينة. وعندما عاد، أخبره التّلاميذ أنّ يسوع قد جاء، لكنّه وجد صعوبة في الإيمان؛ وأراد أن يرى جراحه. فاستجاب يسوع لطلبه: وبعد ثمانية أيّام، ظهر يسوع مرّة أخرى وسط تلاميذه وأظهر لهم جراحه، علامات حبّه، والقنوات المفتوحة على الدّوام لرحمته.

لنتأمّل حول هذه الحقائق. لكي يؤمن، أراد توما علامة خارقة: أن يلمس الجراح. فأظهرها له يسوع، وإنّما بطريقة عاديّة، بحضوره أمام الجميع في الجماعة. وكأنّه يقول له: إذا كنت تريد أن تلتقي بي، فلا تبحث بعيدًا، ابق في الجماعة، مع الآخرين؛ لا ترحل عنهم، صلِّ معهم واكسر الخبز معهم. هناك يمكنك أن تجدني، وهناك سأريك، مطبوعة في جسدي، علامات الجراح: علامات الحبّ الّذي ينتصر على الحقد، والمغفرة الّتي تُجرّد الانتقام من أسلحته، والحياة الّتي تهزم الموت. هناك، في الجماعة، ستكتشف وجهي، بينما تشارك مع إخوتك وأخواتك لحظات الشّكّ والخوف، وتتشبّث بهم بقوّة أكبر.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، إنَّ الدّعوة الّتي وجِّهت لتوما تصلح بالنّسبة لنا أيضًا. أين نبحث عن القائم من بين الأموات؟ في بعض المناسبات الخاصّة، في بعض الأحداث الدّينيّة المذهلة أو اللّافتة للنّظر، في عواطفنا وأحاسيسنا فقط؟ أم في الجماعة وفي الكنيسة، ونقبل تحدّي أن نبقى فيها حتّى لو لم تكن كاملة؟ على الرّغم من جميع محدوديّاتها وسقطاتها، الّتي هي محدوديّاتنا وسقطاتنا، تبقى أمّنا الكنيسة جسد المسيح. وهناك، في جسد المسيح، لا تزال مطبوعة للأبد علامات محبّته العظيمة. ولكن، لنسأل أنفسنا إذا كنّا، باسم هذا الحبّ، وباسم جراح يسوع، على استعداد لكي نفتح أذرعنا للّذين جرحتهم الحياة، بدون أن نستبعد أيّ شخص عن رحمة الله، فنقبل الجميع؛ كلّ فرد منهم كأخٍ وأخت لنا.

لتساعدنا العذراء مريم، أمّ الرّحمة، لكي نحبّ الكنيسة ونجعل منها بيتًا مضيافًا للجميع".

بعد تلاوة صلاة "افرحي يا ملكة السّماء"، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أرغب في أن أعبر عن قربي من جميع الإخوة والأخوات الّذين يحتفلون بعيد الفصح اليوم، ولاسيّما في الشّرق: أيّها الأعزّاء ليكن الرّبّ القائم من بين الأموات معكم وليملأكم بروحه القدّوس! فصحًا مجيدًا لكم جميعًا!

وللأسف، في تناقض صارخ مع رسالة عيد الفصح، تستمرّ الحروب وتستمرّ في زرع الموت بطرق مروعة. لنحزن على هذه الفظائع ولنصلِّ من أجل الضّحايا الّتي تُسبِّبها، سائلين الله ألّا يتوجّب على العالم بعد الآن أن يعيش إضراب وتشويش الموت العنيف على يد الإنسان، بل دهشة الحياة الّتي يمنحها ويجدّدها بنعمته!

أتابع بقلق الأحداث الّتي تجري في السّودان. أنا قريب من الشّعب السّودانيّ المُمتحن، وأدعو للصّلاة لكي يتمَّ وضع الأسلحة جانبًا ويسود الحوار، لكي نستأنِف معًا مسيرة السّلام والوئام. أفكّر أيضًا في إخوتنا وأخواتنا الّذين يحتفلون بعيد الفصح اليوم في روسيا وأوكرانيا. ليكن الرّبّ قريبًا منهم وليساعدهم على صنع السّلام.

أحيّيكم جميعًا يا سكّان روما ويا أيّها الحجّاج! ولاسيّما مجموعات الصّلاة الّتي تنمّي روحانيّة الرّحمة الإلهيّة والمجتمعة اليوم في في مزار "Santo Spirito in Sassia". ولأنّني متأكّد من أنّني أُعبِّر عن مشاعر المؤمنين من جميع أنحاء العالم، أوجّه فكرًا مُمتنًّا إلى ذكرى القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، الّذي كان خلال هذه الأيّام الأخيرة موضوع استنتاجات هجوميّة لا أساس لها".