الفاتيكان
02 تشرين الأول 2023, 12:30

البابا فرنسيس: هل أنا على استعداد لكي أقول "نعم" كلّ يوم لإرادة الرّبّ؟

تيلي لوميار/ نورسات
"هل أنا على استعداد لكي أقول "نعم" كلّ يوم، حتّى لو كان ذلك مكلفًا؟ وعندما لا أستطيع أن أفعل ذلك، هل أنا صادق في مواجهة الله بشأن الصّعوبات الّتي أواجهها، وسقطاتي، وهشاشتي؟". هذان السّؤالان إضافة إلى أسئلة أخرى دعا البابا فرنسيس المؤمنين إلى طرحها على أنفسهم على ضوء إنجيل الأحد الّذي يتحدّث عن ابنين طلب منهما الأب أن يذهبا ويعملا في الكرم، وذلك في كلمته قبل صلاة التّبشير الملائكيّ، والّتي قال فيها تفصيلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "يتحدّث الإنجيل اليوم عن ابنين طلب منهما الأب أن يذهبا ويعملا في الكرم. أحدهما أجاب على الفور بـ"نعم"، ولكنّه لم يذهب. أمّا الثّاني فقال له لا، ولكنّه أعاد التّفكير وذهب. ماذا يمكننا أن نقول عن هذين التّصرّفَين؟ يبادر إلى الذّهن فورًا أنّ الذّهاب للعمل في الكرم يتطلّب تضحية، وتضحية مُكلفة لا تأتي بشكل عفويّ، حتّى في جمال معرفتنا بأنّنا أبناء وورثة. لكن المشكلة هنا لا ترتبط كثيرًا بمقاومة الذّهاب للعمل في الكرم، وإنّما في الصّدق إزاء الأب وإزاء الذّات. في الواقع، لم يتصرّف أيّ من الابنين بشكل مثاليّ، كذب الأوّل، بينما أخطأ الآخر، لكنّه بقي صادقًا.

لننظر إلى الابن الّذي قال "نعم"، ولكنّه لم يذهب بعدها. هو لا يريد أن يصنع مشيئة والده، لكنّه لا يريد حتّى أن يناقشها أو يتحدّث معه عنها. وهكذا اختبأ خلف "نعم"، خلف موافقة زائفة، تخفي كسله وحفظت له ماء الوجه في تلك اللّحظة، إنّه منافق. هو يتدبّر أمره بدون مشاكل، ولكنّه يخدع والده ويخيّب آماله، ويقلّل من احترامه بطريقة أسوأ ممّا كان سيفعله رفض صريح. إنَّ مشكلة الرّجل الّذي يتصرّف بهذه الطّريقة هي أنّه ليس خاطئًا وحسب وإنّما هو فاسد، لأنّه يكذب بدون رادع لكي يستر ويخفي عدم طاعته، وبدون أن يقبل أيّ حوار أو مواجهة صادقة.

أمّا الابن الآخر، الّذي يقول "لا" ثمّ يذهب، فهو صادق. هو ليس كاملاً، ولكنّه صادق. وبطبيعة الحال، كنّا نودّ أن نراه يقول "نعم" على الفور. ولكن هذا ليس هو الحال، لكنّه، على الأقلّ، يعبّر عن تردّده بطريقة صريحة وشجاعة إلى حدّ ما. أيّ أنّه يتحمّل مسؤوليّة سلوكه ويتصرّف بشكل علنيّ. ومن ثمّ مع هذا الصّدق، انتهى به الأمر إلى استجواب نفسه، وفهم أنّه كان مخطئًا، وعاد أدراجه. يمكننا أن نقول إنّه خاطئ، لكنّه ليس فاسدًا. هناك دائمًا أمل في الفداء بالنّسبة للخاطئ؛ لكن الأمر أصعب بكثير بالنّسبة للشّخص الفاسد. في الواقع إنّ الـ"نعم" الكاذبة، ومظاهره الأنيقة والمنافقة، وادّعاءاته الّتي أصبحت عادات، هي بمثابة "جدار مطّاطيّ" سميك، يحتمي خلفه من نداءات الضّمير.

لننظر إلى أنفسنا، وفي ضوء هذا كلّه، ولنسأل أنفسنا بعض الأسئلة. إزاء تعب عيش حياة صادقة وسخيّة، والتزامي وفقًا لإرادة الآب، هل أنا على استعداد لكي أقول "نعم" كلّ يوم، حتّى لو كان ذلك مكلفًا؟ وعندما لا أستطيع أن أفعل ذلك، هل أنا صادق في مواجهة الله بشأن الصّعوبات الّتي أواجهها، وسقطاتي، وهشاشتي؟ عندما أخطئ، هل أنا على استعداد لكي أتوب وأعود أدراجي؟ أم أتظاهر بأنّ شيئًا لم يحدث وأعيش مرتديًا قناعًا، لا أهتمّ إلّا بالظّهور بمظهر جيّد ولائق؟ وفي الختام، هل أنا خاطئ، مثل أيّ شخص آخر، أو أنّ هناك شيء فاسد في داخلي؟

لتساعدنا مريم العذراء، مرآة القداسة، لكي نكون مسيحيّين صادقين."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بالأمس، في بياتشنسا، تمّ إعلان تطويب الأب جوزيبي بيوتي، الّذي قُتل بسبب إيمانه في عام ١٩٤٤. كراعٍ بحسب قلب المسيح، لم يتردّد في أن يقدّم حياته لحماية القطيع الّذي أوكل إليه. لنصفّق للطّوباويّ الجديد!".

وأضاف: "أتابع في هذه الأيّام الوضع المأساويّ للنّازحين في ناغورنو كاراباخ. وأجدّد ندائي من أجل الحوار بين أذربيجان وأرمينيا، آملاً أن تؤدّي المحادثات بين الطّرفين، بدعم من المجتمع الدّوليّ، إلى التّوصّل إلى اتّفاق دائم يضع حدًّا للأزمة الإنسانيّة. أؤكّد صلواتي من أجل ضحايا انفجار مستودع الوقود الّذي وقع بالقرب من مدينة ستيباناكيرت."

ومع بداية شهر الورديّة والرّسالات، قال: "اليوم يبدأ شهر تشرين الأوّل أكتوبر، شهر مسبحة الورديّة والرّسالات. أحثّ الجميع على أن يختبروا جمال صلاة مسبحة الورديّة، والتّأمّل مع مريم في أسرار المسيح، وطلب شفاعتها من أجل احتياجات الكنيسة والعالم. لنصلِّ من أجل السّلام في أوكرانيا المعذّبة وفي جميع الأراضي الّتي جرحتها الحرب. ولنصلِّ من أجل تبشير الشّعوب، وكذلك من أجل سينودس الأساقفة، الّذي سيعقد هذا الشّهر جمعيّته الأولى حول موضوع السّينودسيّة في الكنيسة.

نحتفل اليوم بعيد القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، قدّيسة الثّقة، قدّيسة الثّقة فينا. وسيُنشر إرشاد رسوليّ حول رسالتها في ١٥ تشرين الأوّل (أكتوبر). لنرفع صلاتنا الى القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع والعذراء مريم: لكي تساعدنا القدّيسة تريزيا على أن نتحلّى بالثّقة ونعمل من أجل الرّسالات."

وخلص البابا فرنسيس إلى القول: "اليوم، يمكنكم أن تروا بقربي خمسة أطفال يمثّلون القارّات الخمس، معهم أودّ أن أعلن أنّ بعد ظهر يوم ٦ تشرين الثّاني/نوفمبر، في قاعة بولس السّادس، سألتقي بأطفال من جميع أنحاء العالم. وهذا الحدث الّذي ترعاه دائرة الثّقافة والتّعليم سيكون موضوعه: "لنتعلّم من الأطفال". إنّه لقاء من أجل تحقيق حلم الجميع، لكي نعود إلى التّحلّي بالمشاعر النّقيّة مثل الأطفال، لأنّ الّذين هم مثل الأطفال ينتمون لملكوت الله. إنَّ الأطفال يعلّموننا وضوح العلاقات والاستقبال العفويّ للغرباء والاحترام للخليقة كلّها. أيّها الأطفال الأعزّاء، أنا أنتظركم جميعًا لكي أتعلّم منكم أيضًا."