البابا فرنسيس: هدر الطّعام يعني هدر الأشخاص!
"إستخدام الطّعام بطريقة غير مناسبة، أو إهداره، يتوافق مع عيش "ثقافة الإقصاء" ويظهر "عدم الاهتمام بما له قيمة أساسية": وبالتّالي إذ نعرف أنّ العديد من البشر لا يمكنهم الحصول على الغذاء الكافي أو على الوسائل للحصول عليه - وهو حقّ أساسيّ وأولويّ لكلّ شخص – أن نرى الطّعام مُلقى في سلّة المهملات أو يفسد بسبب غياب الموارد اللّازمة لإيصاله إلى الأشخاص هو أمر مخجل ومقلق حقًا.
عدد الأشخاص الذين ليس لديهم ما يكفي من الغذاء على هذا الكوكب "بسبب الأزمات المتعدّدة التي يجب على البشريّة أن تواجهها"، قد زاد العام الماضي بشكل ملحوظ. يجب أن يتردد صدى صراخهم في المراكز التي يتمُّ فيها اتّخاذ القرارات. لذلك، أكرر، علينا أن "نجمع لكي نعيد التّوزيع، لا أن ننتج لكي نهدر. لقد قلت ذلك في الماضي ولن أتعب من تكراره: هدر الطّعام يعني هدر الأشخاص!
إزاء "مفارقة الوفرة"، التي شجبها القدّيس يوحنّا بولس الثّاني لثلاثين سنة خلت، يجب على المجتمع الدولي بأسره أن يتحرّك". الحقيقة هي أن هناك ما يكفي من الغذاء في العالم لكي لا ينام أحد بمعدة فارغة!، والموارد الغذائيّة المنتجة وفي الواقع، هي أكثر من كافية لإطعام ثماني مليارات شخص، ومع ذلك لم يتم القضاء على الجوع بعد.
إنّ ما ينقصنا هو العدالة الاجتماعيّة، أيّ الطّريقة التي يتمّ بها تنظيم إدارة الموارد وتوزيع الغنى. لا يمكن للطّعام أن يكون موضوع مضاربات. لأنّ الحياة تعتمد عليه. وإنّه لعار أن يشجّع المنتجون الكبار النّزعة الاستهلاكيّة القهريّة لكي يغتنوا، حتّى بدون أن يأخذوا بعين الاعتبار الاحتياجات الحقيقيّة للبشر. ولذلك يجب وقف المضاربات الغذائيّة! يجب أن نتوقّف عن التّعامل مع الطّعام، الذي هو خير أساسيّ للجميع، كورقة مساومة للقلة القليلة. وعلينا أن نتوقّف أيضًا عن استغلال الأرض "بجشع" و"إساءة معاملتها وتدميرها" بسبب إفراطنا الاستهلاكيّ.
في الواقع، يساهم هدر الطّعام أو تبديده في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ وبالتّالي في تغيّر المناخ وعواقبه الضّارّة. الشّباب بشكل خاصّ يطلبون منّا أن نُبقي أعيننا مفتوحة وأن نوسع قلوبنا، لكي نعتني بالبيت المشترك الذي منحنا الله إياه. لا يمكننا في هذا الموضوع المهم أن نكتفي بتمارين بلاغيّة ينتهي بها الأمر إلى تصريحات لا تتحقق بسبب النّسيان أو الخساسة أو الجشع. لقد حان الوقت لكي نعمل بإلحاح ومن أجل الخير العام. ومن الملحِّ أن تجيب الدّول والشّركات الكبرى المتعدّدة الجنسيّات والجمعيّات والأفراد – جميعها، بدون استثناء – بشكل فعّال وصادق على صرخة الجياع المفجعة الذين يطالبون بالعدالة.
يُترك الأمر لكلّ واحد منّا، لكي يوجّه أسلوب حياته بوعي ومسؤوليّة، لكي لا يُترك أحد بدون الطّعام الذي يحتاجه والذي يعتمد عليه بقاءه على قيد الحياة."