الفاتيكان
14 نيسان 2021, 09:30

البابا فرنسيس: نحن ننمو في الإيمان بقدر ما نتعلّم الصّلاة

تيلي لوميار/ نورسات
"الكنيسة، الّتي هي بيت ومدرسة شركة، هي بيت ومدرسة صلاة"، هذا ما أكّده البابا فرنسيس اليوم خلال المقابلة العامّة الّتي أجراها في مكتبة القصر الرّسوليّ، مشدّدًا على أهمّيّة الصّلاة ونقل الإيمان من جيل إلى جيل.

وفي هذا السّياق، قال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "إنَّ الكنيسة هي مدرسة صلاة عظيمة. لقد تعلّم الكثير منّا تهجئة الصّلوات الأولى في أحضان آبائنا أو أجدادنا. وربّما لا نزال نحتفظ بذكرى الأمّ والأب اللّذين علّمانا أن نتلو الصّلوات قبل النّوم. غالبًا ما تكون لحظات الصّلاة هذه تلك الّتي يسمع فيها الآباء بعض الأشياء الحميمة من الأبناء ويمكنهم أن يقدّموا لهم نصائحهم المستوحاة من الإنجيل. ثمّ، وفي مسيرة النّموّ، تكون هناك لقاءات أخرى مع شهود آخرين ومعلّمي صلاة. من الجيّد أن نذكرهم.

تتميّز حياة الرّعيّة وكلّ جماعة مسيحيّة بالأزمنة اللّيتورجيّة وصلاة الجماعة. وتلك العطيّة الّتي نلناها في طفولتنا بكلّ بساطة، ندرك أنّها تراث عظيم وغنيّ جدًّا، وأنّ خبرة الصّلاة تستحقّ أن نتعمّق فيها أكثر فأكثر. إنَّ عادة الإيمان ليست جامدة، بل هي تتطوّر معنا، حتّى في لحظات الأزمات والنّهوض. ونفس الإيمان هو الصّلاة: نحن ننمو في الإيمان بقدر ما نتعلّم الصّلاة. وبعد مراحل معيّنة في الحياة، ندرك أنّه بدون الإيمان لما تمكّنّا من المضيّ قدمًا وأنّ الصّلاة كانت قوَّتنا. لا الصّلاة الشّخصيّة وحسب، وإنّما صلاة الإخوة والأخوات أيضًا، وصلاة الجماعة الّتي رافقتنا ودعمتنا.

لهذا السّبب أيضًا، تزدهر الجماعات والمجموعات المكرّسة للصّلاة في الكنيسة باستمرار. حتّى أنّ بعض المسيحيّين يشعرون بالدّعوة إلى أن يجعلوا من الصّلاة العمل الرّئيسيّ في يومهم. توجد في الكنيسة أديرة ومناسك يعيش فيها أشخاص مكرّسون لله والّتي غالبًا ما تصبح مراكزًا للإشعاع الرّوحيّ. واحات صغيرة يتمّ فيها مشاركة صلاة عميقة وتُبنى فيها الشّركة الأخويّة يومًا بعد يوم. إنّها خلايا حيويّة، ليس فقط للنّسيج الكنسيّ وحسب وإنّما للمجتمع أيضًا. لنفكّر في الدّور الّذي لعبته الحياة الرّهبانيّة في ولادة ونموّ الحضارة الأوروبيّة، وكذلك في الثّقافات الأخرى. إنَّ الصّلاة والعمل في الجماعة تحافظان على استمراريّة العالم.

كلّ شيء في الكنيسة يولد في الصّلاة، وكلّ شيء ينمو بفضل الصّلاة. وعندما يريد العدوّ، الشّرّير، محاربة الكنيسة، فإنّه يقوم بذلك أوّلاً من خلال محاولة استنزاف مصادرها، ومنعها من الصّلاة. إذا توقّفت الصّلاة، يبدو لفترة من الوقت أنّ كلّ شيء يمكنه أن يستمرّ كما كانت الحال دائمًا، ولكن بعد فترة وجيزة تُدرك الكنيسة أنّها أصبحت مثل غشاء فارغ، وأنّها فقدت المحور الدّاعم، ولم تعد تملك ينبوع الدّفء والمحبّة.

ليس لدى النّساء والرّجال القدّيسين حياة أسهل من حياة الآخرين، بل على العكس، فهم لديهم أيضًا مشاكلهم الّتي يجب عليهم مواجهتها، كذلك، غالبًا ما يكونون موضع معارضة وعداء. لكن قوّتهم هي الصّلاة، الّتي يستمدّونها دائمًا من "بئر" الأمّ الكنيسة الّذي لا ينضب. بالصّلاة يغذّون شعلة إيمانهم كما تُغذّى الشّعلة بزيت المصابيح. وهكذا يسيرون قدمًا في الإيمان والرّجاء. إنّ القدّيسين، الّذين غالبًا ما لا قيمة لهم في نظر العالم، هم في الواقع الّذين يدعمونه، لا بأسلحة المال والسّلطة، وإنّما بأسلحة الصّلاة.

في إنجيل لوقا، يطرح يسوع سؤالاً مأساويًّا يجعلنا نفكّر على الدّوام: "متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟". يأتي هذا السّؤال في نهاية مَثَل يُظهر ضرورة الصّلاة بمثابرة بدون كَلَل. لذلك، يمكننا أن نستنتج أنّ مصباح الإيمان سيبقى مُتَّقدًا دائمًا على الأرض طالما هناك زيت الصّلاة.

هذه هي مهمّة أساسيّة للكنيسة: الصّلاة والتّربية على الصّلاة، ونقل مصباح الإيمان من جيل إلى جيل بزيت الصّلاة. بدون نور هذا المصباح، لن نتمكّن من رؤية الدّرب لكي نُبشّر؛ لن نتمكّن من رؤية وجوه الإخوة الّذي علينا أن نقترب منهم ونخدمهم؛ ولن نتمكّن من أن ننير الغرفة الّتي سنلتقي فيها في الجماعة... بدون إيمان ينهار كلّ شيء، وبدون صلاة ينطفئ الإيمان. لهذا السّبب، فالكنيسة، الّتي هي بيت ومدرسة شركة، هي بيت ومدرسة صلاة."