الفاتيكان
11 نيسان 2023, 08:45

البابا فرنسيس: نحن نلتقي بيسوع عندما نشهد له

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس ظهر أمس الإثنين صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء" مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان، حيث ألقى قبلها كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يجعلنا إنجيل اليوم نعيش من جديد لقاء المرأتين مع يسوع القائم من بين الأموات في صباح عيد الفصح. ويذكّرنا هكذا أنَّ المرأتين التّلميذتين كانتا أوّل من رآه وقابله.

يمكننا أن نسأل أنفسنا: لماذا هما؟ لسبب بسيط جدًّا: لأنّهما أوّل من ذهب إلى القبر. مثل جميع التّلاميذ، هما أيضًا تألَّمتا من الأسلوب الّذي بدا من خلاله أنَّ قصّة يسوع قد انتهت. لكنّهما، على عكس الآخرين، لم تبقيا في البيت يشلّهما الحزن والخوف: في الصّباح الباكر، عند شروق الشّمس، ذهبتا لكي تُكرِّما جسد يسوع وهما تحملان الطّيب. كان القبر قد خُتم بحجر وكانتا تتساءلان حول من كان بإمكانه أن يزيح الحجر. لكن إرادتهما في إتمام بادرة الحبّ هذه سادت على كلّ شيء. لم تثبط عزيمتهما، وخرجتا من مخاوفهما وحزنهما. هذه هي الدّرب للعثور على القائم من بين الأموات.

لنسترجع المشهد الّذي يصفه الإنجيل: وصلت المرأتان، ورأتا القبر فارغًا، "فتَركَتا القَبرَ مُسرِعَتينِ وهُما في خوفٍ وفَرحٍ عَظيم– يقول النّصّ– وبادَرتا إِلى التَّلاميذِ تَحمِلانِ البُشْرى". والآن، بينما كانتا ذاهبتين لكي تُعلنا هذه البشرى، وإِذا يسوعُ قد جاءَ لِلِقائِهما. لنلاحظ هذا جيّدًا: جاءَ يسوع لِلِقائِهما بينما كانتا ذاهبتين لتُعلناه. إنّه أمرٌ جميل: عندما نعلن الرّبّ يأتي الرّبّ إلينا. نعتقد أحيانًا أنّ الطّريقة لكي نبقى بالقرب من الله هي أن نُبقيه قريبًا منّا؛ لأنّه بعد ذلك، إذا كشفنا أنفسنا وبدأنا بالحديث عنه، فستصل الأحكام والانتقادات، ربّما لن نعرف كيف سنجيب على أسئلة أو استفزازات معيّنة، وبالتّالي من الأفضل ألّا نتحدّث عنه. أمّا الرّبّ فيأتي فيما نُعلنه. هذا ما تعلّمنا إيّاه المرأتان: نحن نلتقي بيسوع عندما نشهد له.

لنأخذ مثالاً. قد يحدث لنا في بعض الأحيان أن نتلقّى خبرًا رائعًا، مثل ولادة طفل. عندها، أوّل ما نقوم به هو مشاركة هذا الإعلان السّعيد مع الأصدقاء. وفيما نروي ما حدث نحن نكرّره أيضًا لأنفسنا ونجعله يعيش مرّة أخرى فينا بطريقة ما. إذا كان هذا ما يحدث لخبرٍ سارّ، فإنّه يحدث بشكل غير محدود بالنّسبة ليسوع، الّذي ليس فقط بشرى سارّة، ولا حتّى خبر الحياة الأفضل، بل الحياة نفسها، "القيامة والحياة". وفي كلّ مرّة نعلنه، ليس من باب الدّعاية أو الاقتناص، وإنّما باحترام ومحبّة، كأجمل عطيّة يمكننا أن نتشاركها.

لنفكّر مُجدّدًا في المرأتين في الإنجيل: كان هناك حجر مختوم ومع ذلك ذهبتا إلى القبر؛ كانت هناك مدينة بأكملها قد رأت يسوع على الصّليب ومع ذلك ذهبتا إلى المدينة لتُعلناه حيًّا. عندما نلتقي بيسوع، لا يمكن لأيّ عائق أن يمنعنا من أن نُعلنه. أمّا إذا احتفظنا بفرحه لأنفسنا، فربّما يكون ذلك لأنّنا لم نلتق به حقًّا بعد.

أيّها الإخوة والأخوات، أمام خبرة المرأتين نسأل أنفسنا: متى كانت آخر مرّة شهدت فيها ليسوع؟ ماذا أفعل اليوم لكي ينال الأشخاص الّذين ألتقي بهم فرح إعلانه؟ كذلك: يمكن لأحدهم، فيما يفكّر فيَّ أن يقول: هل هذا الشّخص يعيش بسلام، وهو سعيد، وصالح لأنّه التقى بيسوع؟ لنطلب من العذراء مريم أن تساعدنا لكي نكون مبشّرين فرحين بالإنجيل."

بعد تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، تصادف اليوم الذّكرى السّنويّة الخامسة والعشرين لما يُعرَف بـ"اتّفاقيّة الجمعة العظيمة أو اتّفاقية بلفاست"، الّتي أنهت العنف الّذي ولعقود عانت منه أيرلندا الشّماليّة. وبروح امتنان أُصلّي إلى إله السّلام لكي يتمّ تعزيز ما تمّ تحقيقه في تلك المرحلة التّاريخيّة لصالح جميع الرّجال والنّساء في جزيرة أيرلندا.

أجدّد أُمنياتي بفصح مجيدٍ لكم جميعًا يا سكّان روما ويا أيّها الحجّاج القادمين من بلدان مُختلفة: "المسيح قام؛ حقًّا قام". أشكر جميع الّذين أرسلوا لي أمنياهم الطّيّبة خلال هذه الأيّام، وأنا ممتنّ بشكل خاصّ لصلواتكم، ليكافئ الله بشفاعة العذراء مريم كلّ واحد منكم بعطاياه! وأتمنّى لكم جميعًا أن تعيشوا في فرح الإيمان أيّام الثّمانيّة الفصحيّة، الّتي يمتدُّ فيها الاحتفال بقيامة المسيح. لنثابر في طلب عطيّة السّلام للعالم كلّه، لاسيّما لأوكرانيا العزيزة والمعذّبة".