الفاتيكان
16 كانون الأول 2019, 06:55

البابا فرنسيس: نحن مدعوّون أن نتعرّف على الوجه الّذي اختاره الله في يسوع المسيح

تيلي لوميار/ نورسات
في الأحد الثّالث من زمن المجيء، صلّى البابا فرنسيس، ظهرًا، التّبشير الملائكيّ مع الحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، وتوجّه إليهم بكلمة قبل الصّلاة تحدّث فيها عن كلمة الله الدّاعية إلى الفرح من جهة، وإلى الوعي من جهة أخرى.

ونقلاً عن "فاتيكان نيوز"، ذكَّر البابا فرنسيس أوّلاً بالحديث عن الفرح وذلك في قراءة اليوم الّتي يدعو فيها النّبيّ أشعيا بوضوح إلى الفرح "لتفرح البرّيّة والقفر ولتبتهج البادية وتزهر كالنّرجس" (أشعيا 35، 1)، وقال: "إنّ قراءة اليوم من إنجيل القدّيس متّى تحدّثنا في المقابل عن شكّ يوحنّا المعمدان حين سأل "أَأَنتَ الآتي، أَم آخَرَ نَنتَظِر؟ (متّى 11، 3). ويرى النّبيّ أشعيا ما هو أبعد من الواقع، فقد كان أمامه أشخاص محبطون، أيادٍ مسترخية، ركُب واهنة وقلوب فزِعة (راجع أش 35، 3-4)، إنّ هذا هو الواقع ذاته الّذي يشكّل اختبارًا للإيمان في أيّ زمن، إلّا أنّ النّبيّ ينظر إلى ما هو أبعد وذلك لأنّ الرّوح القدس يجعل قلبه يشعر بقوّة الوعد، فيعلن الخلاص: تقَوّوا ولا تخافوا، هوذا إلهكم... هو يأتي فيخلصكم" (راجع أش 35، 4). وهكذا يتبدّل كلّ شيء، فتزهر البرية ويتملّك العزاء والفرح فيعزِي القلوب، ويشفى الأعرج والأعمى والأبكم (راجع أش 35، 5-6). وهذا ما يحدث مع يسوع حسب ما يذكر إنجيل القدّيس متّى "العُميانُ يُبصِرون والعُرْجُ يَمشونَ مَشْيًا سَوِيًّا، البُرصُ يَبرَأُون والصُّمُّ يَسمَعون، المَوتى يَقومون والفُقراءُ يُبَشَّرون" (متّى 11، 5).

إنّ هذا يكشف لنا كيف يعانق الخلاص الإنسان بالكامل ويجعله يولد مجدّدًا، إلّا أنّ هذا الميلاد الجديد وما يرافقه من فرح يفترض موت الخطيئة فينا، ومن هنا تأتي الدّعوة إلى الارتداد، وبشكل خاصّ إلى تغيير فكرتنا عن الله. إنّ زمن المجيء يحفّزنا على هذا تحديدًا وذلك من خلال سؤال يوحنّا المعمدان "أَأَنتَ الآتي، أَم آخَرَ نَنتَظِر؟: (متّى 11، 3)... إنّ انتظار يوحنّا المعمدان المسيح طوال حياته، بل وقد شكّل هذا الانتظار أسلوب حياته وحتّى جسده، ولهذا قال يسوع عنه "لم يَظهَرْ في أَولادِ النِّساءِ أَكبَرُ مِن يُوحَنَّا المَعمَدان (راجع متّى 11، 11). ولكن يوحنّا المعمدان أيضًا كان عليه الارتداد. نحن أيضًا ومثل يوحنّا المعمدان مدعوّون إلى أن نتعرّف على الوجه الّذي اختاره الله في يسوع المسيح، وجه متواضع ورحوم.

إنّ المجيء، زمن النّعمة، يخبرنا بأنّه لا يكفي أن نؤمن بالله بل من الضّروريّ تنقية إيماننا كلّ يوم، هذا يعني الاستعداد لاستقبال لا شخصيّة من حكاية، بل الله الّذي يسائلنا ويُشركنا ويُفرَض علينا أمامه الاختيار. إنّ الطّفل الرّاقد في المذود يحمل وجه أخوتنا وأخواتنا الأكثر عوزًا، الفقراء الّذين "هم المتميّزون في هذا السّرّ، وهم غالبًا الأكثر قدرة على إدراك حضور الله بيننا" (راجع الرّسالة الرّسوليّة للبابا فرنسيس في معنى وقيمة المغارة "علامة رائعة" 6)".

وفي الختام، سأل البابا شفاعة مريم العذراء "كي تساعدنا على ألّا نلتهي مع اقترابنا من الميلاد بالأمور الخارجيّة، بل أن نوفّر فسحة في قلوبنا إلى مَن جاء ويريد أن يأتي مجدّدًا ليشفي أمراضنا ويمنحنا فرحه".