الفاتيكان
15 تشرين الثاني 2021, 06:30

البابا فرنسيس: ما هو المحور، القلب النّابض لكلمة الله؟

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقبل الصلاة ألقى كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يبدأ مقطع إنجيل هذا الأحد بجملة ليسوع تتركنا مدهوشين: "تُظلِمُ الشَّمسُ والقَمَرُ لا يُرسِلُ ضَوءَه، وتَتَساقَطُ النُّجومُ مِنَ السَّماء". ولكن كيف يكون ذلك، هل أصبح الرّبّ مأساويًّا أيضًا؟ لا، هذه ليست نيّته؛ بل هو يريد أن يُفهمنا أنّ كلّ شيء في هذا العالم، عاجلاً أم آجلاً، سيزول. حتّى الشّمس والقمر والنّجوم التي تشكّل "السّماوات" - وهي كلمة تشير إلى "الثّبات" و "الاستقرار" – مصيرها الزّوال.

لكن في النّهاية يقول يسوع ما هو الشّيء الذي لن يزول: "السَّماءُ والأَرضُ تزولانِ وكَلامي لن يزول". هو يميّز بين الأشياء ما قبل الأخيرة التي تزول، والأشياء الأخيرة التي تبقى. إنّها رسالة ثمينة لنا، لكي توجّهنا في خيارات الحياة المهمّة. على ماذا يناسبك أن تبني حياتك؟ على ما هو عابر أو على كلام الرّبّ الذي يبقى إلى الأبد؟ على كلام الله بالطبع. ولكن الأمر ليس سهلاً. في الواقع، إنَّ الأمور التي تحاكي حواسنا وتمنحنا الرّضا على الفور تجذبنا، أمّا كلمات الرّبّ، على الرّغم من جمالها، هي تذهب أبعد من الفوريّ وتتطلّب الصّبر. نحن نميل إلى التّشبّث بما نراه ونلمسه وما يبدو لنا أكثر أمانًا. ولكنّها خدعة، لأنّ "السَّماءُ والأَرضُ تزولانِ وكَلامي لن يزول". فهذه هي الدّعوة: لا تبني حياتك على الرّمال. إذا أراد المرء أن يبني بيتًا، هو يحفر في العمق ويضع أساسات متينة. وحده الأحمق سيقول إنّها نقود صُرفت من أجل شيء لا يمكن رؤيته. إنَّ تلميذ يسوع الأمين، هو الذي يؤسّس حياته على الصّخرة، التي هي كلمته.

والآن لنسأل أنفسنا: ما هو المحور، القلب النّابض لكلمة الله؟ باختصار، ما هو الشّيء الذي يعطي صلابة للحياة ولن يزول أبدًا؟ يقول لنا القدّيس بولس: "المَحبَّةُ لا تَسقُطُ أَبَدًا". إنَّ الذي يصنع الخير يستثمر في الأبديّة. عندما نرى شخصًا سخيًّا وخدومًا، وديعًا وصبورًا، لا يحسد، لا يثرثر، لا يتفاخر، لا ينتفخ بالكبرياء، لا يقلّل من احترام الآخرين، هذا هو شخص يبني السّماء على الأرض. ربما لن يراه أحد، ولن يتبوّأ مناصب عالية، ومع ذلك لن يضيع ما فعله. لأنّ الخير لا يضيع أبدًا، بل يبقى إلى الأبد.

ونحن كيف نستثمر حياتنا؟ على الأشياء الزّائلة، مثل المال والنّجاح والمظهر والرّفاهية الجسديّة؟ هل نحن متعلِّقون بالأمور الأرضيّة، كما ولو كنا سنعيش هنا إلى الأبد؟ تحذّرنا كلمة الله اليوم: هذا العالم سيزول، وسيبقى الحب فقط. لذلك، أن يؤسّس المرء حياته على كلمة الله لا يعني أن يهرب من التّاريخ، وإنّما أن يغوص في الحقائق الأرضيّة لكي يجعلها ثابتة، ويحوِّلها بالحبّ، ويطبع فيها علامة الأبديّة، علامة الله. إليكم إذًا نصيحة لاتخاذ الخيارات المهمة. قبل أن نقرر، لنتخيل أننا نقف أمام يسوع، كما في نهاية حياتنا، أمامه هو الذي هو محبّة. وإذ نفكّر في الأمر هناك، بحضوره، عند عتبة الأبديّة، لنأخذ القرار للحاضر. قد لا يكون هذا الأمر هو الأسهل والأسرع، ولكنه سيكون الأفضل.

لتساعدنا العذراء مريم لكي نقوم بخيارات مهمّة في حياتنا على مثالها: بحسب المحبّة، وبحسب الله."