الفاتيكان
13 كانون الأول 2021, 07:30

البابا فرنسيس: ماذا أفعل بحياتي؟ ما الّذي دُعيت إليه؟

تيلي لوميار/ نورسات
توقّف البابا فرسيس في كلمته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، عند سؤال الحشود ليوحنّا المعمدان، في إنجيل الأحد الثّالث من زمن المجيء، "ماذا نعمل؟"، ليضيء على ما يجب عمله خلال هذا الزّمن المجيد، مشدّدًا على أنّ "الحياة لديها مهمّة لنا. إنّها ليست بلا معنى، ولا تُترك للصّدفة؛ لا! إنّها عطيّة يمنحنا الرّبّ".

وعلى ضوء ذلك قال البابا فرنسيس بحسب "فاتيكان نيوز":

"يقدّم لنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم، في الأحد الثّالث من زمن المجيء، مجموعات مختلفة من الأشخاص- الحشود والعشّارين والجنود- تأثّروا بوعظ يوحنّا المعمدان وسألوه: "ماذا نَعمَل؟". ماذا نعمل؟ لنتوقّف عند هذا السّؤال.

هذا السّؤال لا يبدأ من الإحساس بالواجب، وإنّما من القلب الّذي لمسه الرّبّ، والحماس لمجيئه هو الّذي يدفعنا إلى أن نقول: ماذا نعمل؟ لنأخذ مثالاً: لنفكّر في أن شخصًا عزيزًا قادم لزيارتنا. نحن ننتظره بفرح ونفاد صبر. ولكي نستقبله كما يجب، سنقوم بتنظيف البيت، وإعداد أفضل طعام غداء ممكن، وربّما هديّة أيضًا... باختصار، سنكون مشغولين بالتّحضير. هكذا هو الأمر مع الرّبّ، وفرح مجيئه يجعلنا نقول: ماذا نَعمَل؟ لكن الله يرفع هذا السّؤال إلى مستوى أعلى: ماذا أفعل بحياتي؟ ما الّذي دُعيت إليه؟ ما هو الشّيء الّذي يجعلني أُحقّق ذاتي؟

في طرحه لهذا السّؤال علينا، يذكّرنا الإنجيل بشيء مهمّ: إنَّ الحياة لديها مهمّة لنا. إنّها ليست بلا معنى، ولا تُترك للصّدفة؛ لا! إنّها عطيّة يمنحنا الرّبّ إيّاها قائلاً: اكتشف من أنت، واعمل بجدّ لكي تُحقِّق الحلم الّذي هو حياتك! لا ننسينَّ أبدًا أنَّ كلّ فرد منّا هو رسالة ينبغي تحقيقها. لذلك لا يجب أن نخاف من أن نسأل الرّبّ: ماذا عليَّ أن أفعل؟ ولنكرّر عليه هذا السّؤال غالبًا. يعود هذا السّؤال أيضًا في الكتاب المقدّس: في سفر أعمال الرّسل، عندما وإذ سمع بعض الأشخاص بطرس يعلن قيامة يسوع من بين الأموات، "تَفَطَّرَت قُلوبُهم، فقالوا لِبُطرُسَ ولِسائِرِ الرُّسُل: ماذا نَعمَل، أَيُّها الأخَوة؟".  لنسأل أنفسنا هذا السّؤال نحن أيضًا: ما الصّلاح الّذي عليَّ أن أعمله من أجلي ومن أجل الإخوة؟ كيف يمكنني أن أساهم في خير الكنيسة والمجتمع؟ هذا هو هدف زمن المجيء: أن نتوقّف ونسأل أنفسنا كيف نستعدّ لعيد الميلاد. نحن منهمكون بالعديد من التّحضيرات للهدايا والأمور الزّائلة، ولكن لنسأل أنفسنا ماذا نفعل ليسوع وللآخرين!

عندما سُئل "ماذا نعمل؟"، جاءت إجابات يوحنّا المعمدان في الإنجيل مُختلفة من مجموعة إلى أخرى. في الواقع، يوصي يوحنّا مَن كانَ عِندَه قَميصان، أن يقسِمْهُما بَينَه وبَينَ مَن لا قَميصَ لَه؛ ويقول للعشّارين: "لا تَجْبوا أَكثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكم"؛ وللجنود: "لا تَتَحاملوا على أَحَدٍ ولا تَظلُموا أَحَدًا". يوجّه لكلِّ فرد كلمة محدّدة تتعلّق بالوضع الحقيقيّ لحياته. وهذا الأمر يقدّم لنا تعليمًا ثمينًا: إنَّ الإيمان يتجسّد في الحياة الملموسة، فهو ليس نظريّة مجرّدة ومعمّمة، بل يلمس جسد كلّ فرد ويحوِّل حياته.

لذا، لنسأل أنفسنا في الختام: ماذا يمكنني أن أفعل بشكل ملموس؟ كيف يمكنني أن أقوم بدوري؟ لنأخذ التزامًا ملموسًا، حتّى وإن كان صغيرًا، يتكيّف مع وضع حياتنا، ولنسر به قدمًا لكي نُعِدَّ أنفسنا لعيد الميلاد هذا العام. على سبيل المثال: يمكنني أن أتّصل هاتفيًّا بذلك الشّخص الّذي يعيش بمفرده، أو أن أزور ذلك الشّخص المسنّ أو ذلك الشّخص المريض، أو أن أقوم بشيء لكي أخدم شخصًا فقيرًا أو معوزًا. كذلك ربّما عليَّ أن أطلب المغفرة من أحدٍ ما أو أن أمنحها لأحد ما، أو هناك حالة يجب أن أوضِّحها، أو دين يجب عليَّ أن أُسدِّده. ربّما قد أهملتُ الصّلاة وبعد وقت طويل حان الوقت لكي أقترب من مغفرة الرّبّ. لنجد شيئًا ملموسًا ولنقُم به! ولتساعدنا العذراء مريم، الّتي في حشاها صار الله جسدًا."

 

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أرغب في أن أؤكّد صلاتي لأوكرانيا العزيزة، ولجميع كنائسها وجماعاتها الدّينيّة وشعبها بأسره، لكي يتمّ حلّ التّوتّرات حولها من خلال الحوار الدّوليّ الجادّ وليس بالسّلاح. يؤلمني كثيرًا الإحصاء الّذي قرأته، آخر إحصاء، إذ قد تمّ هذا العام صنع أسلحة أكثر من العام الماضي. إنَّ الأسلحة ليست هي الطّريق. ليحمل عيد ميلاد الرّبّ هذا العام السّلام لأوكرانيا! وأصلّي أيضًا من أجل ضحايا الإعصار الّذي ضرب كنتاكي وأجزاء أخرى من الولايات المتّحدة الأميركيّة.

أوجّه أيضًا أطيب تمنّياتي لمنظّمة كاريتاس الدّوليّة، الّتي تحتفل بعيد ميلادها السّبعين. إنّها فتاة صغيرة، عليها أن تنمو وتقوّي نفسها أكثر! إنَّ منظمة كاريتاس هي في جميع أنحاء العالم يد الكنيسة المُحبّة للفقراء والضّعفاء الّذين يحضر المسيح فيهم. أدعوكم لكي تواصلوا خدمتكم بتواضع وإبداع لكي تبلغوا الأشخاص الأكثر تهميشًا وتعزّزوا التّنمية المتكاملة كترياق ضدّ ثقافة الإقصاء واللّامبالاة. وأشجّع بشكل خاصّ حملتكم العالميّة "Together We"، الّتي تقوم على قوّة الجماعات في تعزيز العناية بالخليقة والفقراء. إنَّ الجراح الّتي لحقت ببيتنا المشترك تملك آثارًا مأساوية على الأخيرين، ولكن يمكن للجماعات أن تساهم في الارتداد الإيكولوجيّ الضّروريّ. لهذا أدعوكم للانضمام إلى حملة كاريتاس الدّوليّة! وأنتم أيّها الأصدقاء الأعزّاء في منظّمة كاريتاس الدّوليّة، واصلوا عملكم في تبسيط المنظّمة لكي لا تذهب الأموال إلى المنظّمة وإنّما إلى الفقراء. بسِّطوا هذه المنظّمة بشكل جيّد".