الفاتيكان
26 تموز 2021, 08:45

البابا فرنسيس: ليلتقِ الأجداد والشّباب وليتحدّثوا وهذا الأمر سيجعل الجميع سعداء

تيلي لوميار/ نورسات
"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء لقد احتفلنا للتّوّ بالقدّاس الإلهيّ بمناسبة اليوم العالميّ الأوّل للأجداد والمسنّين. لنُصفِّق لجميع الأجداد! لقد أظهر الأجداد والأحفاد، الشّباب والمسنّون معًا، أحد الوجوه الجميلة للكنيسة وأظهروا العهد بين الأجيال. أدعوكم للاحتفال بهذا اليوم في كلّ جماعة ولزيارة الأجداد والمسنّين الّذين يعيشون وحدهم لكي تسلِّموهم رسالتي المستوحاة من وعد يسوع "هاءنذا معَك طَوالَ الأَيَّامِ"."

بهذه الكلمات، دعا البابا فرنسيس إلى الاحتفال باليوم العالميّ الأوّل للأجداد والمسنيّن، خلال كلمة ألقاها في ختام التّبشير الملائكيّ، وتابع قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "أسأل الرّبّ أن يساعدنا هذا العيد، نحن المتقدِّمين في السّنّ، على الإجابة على دعوته في هذا المرحلة من الحياة، وأن يُظهر للمجتع قيمة حضور الأجداد والمسنّين لاسيّما في ثقافة الإقصاء هذه. لكن الأجداد يحتاجون للشّباب والشّباب يحتاجون للأجداد: عليهم أن يتحدّثوا، وعليهم أن يلتقوا! إنّ الأجداد يملكون عُصارة التّاريخ الّذي يعطي قوّة للشّجرة الّتي تنمو! يبادر إلى ذهني- أعتقد أنّني قد ذكرته سابقًا- ذلك المقطع من أحد الشّعراء: "كل ما تزهر به الشّجرة يأتي ممّا دُفن في التّراب". بدون الحوار بين الشّباب والأجداد، لا يسير التّاريخ قدمًا ولا تسير الحياة قدمًا: علينا نستأنف ذلك، إنّه تحدٍّ لثقافتنا! يحقُّ للأجداد أن يحلموا بالنّظر إلى الشّباب، كما يحقُّ للشّباب أن يتحلّوا بشجاعة النّبوّة من خلال أخذ العصارة من الأجداد. من فضلكم قوموا بذلك: ليلتقِ الأجداد والشّباب وليتحدّثوا. وهذا الأمر سيجعل الجميع سعداء".

وكان البابا فرنسيس قد ألقى قبيل الصّلاة كلمة قال فيها: "يروي إنجيل اليوم الحدث الشّهير لتكثير الخبز والسّمك، والّذي أشبع فيه يسوع حوالي خمسة آلاف شخص جاءوا للاستماع إليه. من المثير للاهتمام أن نرى كيف تحدث هذه المعجزة: إنَّ يسوع لم يخلق أرغفة الخبز والسّمك من العدم، ولكنّه عمل انطلاقًا ممّا حمله له التّلاميذ. قالَ له أّحَدُ تَلاميذه: "ههُنا صَبِيٌّ معَهُ خَمسَةُ أَرغِفَةٍ مِن شَعير وسَمَكتان، ولكِن ما هذا لِمِثلِ ذاكَ الجَمع". إنّه قليل، لا شيء، ولكنّه يكفي ليسوع.

لنحاول الآن أن نضع أنفسنا مكان ذلك الصّبيّ. طلب منه التّلاميذ أن يشارك كلّ ما كان لديه ليأكله. يبدو أنّه اقتراح لا معنى له. لماذا يُحرم شخص، ولاسيّما صبيّ، ممّا أحضره من منزله وله الحقّ في الاحتفاظ به لنفسه؟ لماذا نأخذ من شخص ما لا يكفي لإطعام الجميع؟ إنّه أمر غير منطقيّ من النّاحية الإنسانيّة. لكن ليس بالنّسبة لله. في الواقع، بفضل تلك العطيّة الصّغيرة المجّانيّة وبالتّالي البطوليّة، يمكن ليسوع أن يُشبع الجميع. إنّه تعليم عظيم لنا. يخبرنا أنّ الرّبّ يمكنه أن يفعل الكثير بالقليل الّذي نضعه تحت تصرُّفه. وبالتّالي سيكون من الجيّد أن نسأل أنفسنا يوميًّا: "ماذا سأحمل ليسوع اليوم؟" يمكنه أن يفعل الكثير بصلاة منّا وبتصرّف محبّة منّا تجاه الآخرين، وكذلك حتّى في ضعفنا وبؤسنا الّذي نسلّمه إلى رحمته. هكذا يحبّ الله أن يتصرّف: هو يصنع أمورًا عظيمة انطلاقًا من الأمور الصّغيرة والمجّانيّة.

يُظهر جميع روّاد الكتاب المقدّس العظماء- من إبراهيم إلى مريم وصولاً إلى صبيّ اليوم- منطق الصّغر والعطاء هذا. إنّ منطق العطاء يختلف تمامًا عن منطقنا. نحن نسعى لنُكدِّس ونزيد ما لدينا؛ أمّا يسوع فيطلب منّا أن نعطي ونُقلِّل. نحن نحبّ أن نضيف، نحبّ الإضافات؛ أمّا يسوع فيحبّ عمليّات الطّرح، أن يأخذ شيئًا لكي يعطيه للآخرين. نحن نريد أن نضاعف لأنفسنا؛ لكنَّ يسوع يُقدِّر عندما نتقاسم مع الآخرين وعندما نتشارك. من الغريب أنّه في روايات تكثير الخبز الموجودة في الأناجيل لا يظهر أبدًا فعل مضاعفة. لا بل فإنَّ الأفعال المستخدمة تشير إلى العكس: "كسر"، "أعطى"، "وزّع". إنّ المعجزة الحقيقيّة، يقول يسوع، ليست التّكثير الّذي يعطي الكبرياء والقوّة، وإنّما المقاسمة والمشاركة، الّتي تنمّي المحبّة وتسمح لله أن يصنع العجائب.

اليوم أيضًا لا يحلّ تكثير الخيور المشاكل بدون تقاسم عادل. تتبادر إلى الذّهن مأساة الجوع الّتي تصيب الأطفال بشكل خاصّ. تشير التّقديرات إلى أنّ حوالي سبعة آلاف طفل دون سنّ الخامسة يموتون يوميًّا في العالم لأسباب مرتبطة بسوء التّغذية. إزاء هذه الفضائح، يوجّه يسوع أيضًا دعوة إلينا، دعوة مشابهة لتلك الّتي تلقّاها على الأرجح ذلك الصّبيّ في الإنجيل، الّذي ليس له اسم ويمكننا جميعًا أن نرى أنفسنا فيه: "تشجّع، أعط القليل الّذي لديك، مواهبك وخيورك، واجعلها في متناول يسوع والإخوة. لا تخف، لن يضيع شيء، لأنّك إن شاركت فالله سيكثِّر. تخلّص من التّواضع الزّائف للشّعور بعدم الكفاءة، ثق وآمن بالحبّ وبقوّة الخدمة وبقوّة المجّانيّة.

لتساعدنا العذراء مريم، الّتي أجابت بنعم على اقتراح الله الّذي لم يسبق له مثيل، لكي نفتح قلوبنا لدعوات الرّبّ واحتياجات الآخرين."

كما عبّر البابا فرنسيس بعد الصّلاة عن قربه من الصّين، بعد الأمطار الغزيرة الّتي ضربت زنغتزو في مقاطعة هنان بالصّين مسبّبة فيضانات مدمّرة، رافعًا الصّلاة أصلّي من أجل الضّحايا وعائلاتهم. وجّه تفكيره إلى دورة الألعاب الأولمبيّة الثّانية والثّلاثين الّتي افتُتحت الجمعة في طوكيو، آملاً أن تكون الألعاب في زمن الوباء "علامة رجاء وعلامة أخوّة عالميّة تحت شعار المنافسة السّليمة".