الفاتيكان
18 كانون الأول 2023, 08:50

البابا فرنسيس: ليعزّز اقتراب عيد الميلاد الالتزام بفتح دروب سلام

تيلي لوميار/ نورسات
عن "الشّهادة للّنور" الّتي قدّمها يوحنّا المعمدان تحدّث البابا فرنسيس قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد الثّالث من زمن المجيء، وإلى السّلام عشيّة عيد الميلاد دعا البابا فرنسيس في كلمته بعد الصّلاة.

وفي السّياقين قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "اليوم، الأحد الثّالث من زمن المجيء، يحدّثنا الإنجيل عن رسالة يوحنّا المعمدان، ويشير إليه كنبيّ أرسله الله "ليشهد للنّور". لنتأمّل في هذا: الشّهادة للنّور.

الشّهادة. المعمدان هو بالتّأكيد رجل غير عاديّ. لقد كان النّاس يتدفَّقون لكي يصغوا إليه منجذبين إلى أسلوبه المتماسك والصّادق. وشهادته تمرُّ من خلال بساطة لغته وصراحتها، وصدق سلوكه، وتقشّف حياته. جميع هذه الأمور تجعله مختلفًا عن غيره من الأشخاص المشهورين والأقوياء في ذلك الوقت، الّذين كانوا يستثمرون كثيرًا في المظاهر. إنّ الأشخاص من أمثاله، المستقيمين، الأحرار والشّجعان، هم شخصيّات منيرة ورائعة: هم يحفّزوننا على الارتفاع من الضّحالة، وعلى أن نكون بدورنا نماذج حياة صالحة للآخرين. والرّبّ يرسل رجالًا ونساءً من هذا النّوع إلى كلّ عصر. فهل نعرف كيف نتعرّف عليهم؟ هل نحاول أن نتعلّم من شهادتهم، ونضع أنفسنا أيضًا موضِع تساؤل؟ أم أنّنا نسمح بأن تفتُنَنا الشّخصيّات العصريّة؟

إنَّ يوحنّا هو منير بقدر ما يشهد للنّور. ولكن ما هو نوره؟ يجيبنا هو نفسه عندما يقول بوضوح للجموع الّتي أتت لكي تُصغي إليه أنّه ليس النّور، وأنّه ليس المسيح. النّور هو يسوع، حمل الله، "الله الّذي يخلص". هو وحده يفدي ويحرّر ويشفي وينير. ولهذا السّبب فإنّ يوحنّا هو "الصّوت" الّذي يرافق الإخوة إلى الكلمة؛ ويخدم دون أن يبحث عن المجد أو الصّدارة: إنّه مصباح، أمّا النّور فهو المسيح.

أيّها الإخوة والأخوات، إنّ مثال يوحنّا المعمدان يعلّمنا شيئين على الأقلّ. أوّلاً، أنّنا لا نستطيع أن نَخلُصَ بمفردنا: لأنّنا في الله فقط نجد نور الحياة. ثانيًا، أنّ كلّ واحد منّا، بالخدمة، والتّماسك، والتّواضع، وشهادة الحياة- ودائمًا بنعمة الله- يمكنه أن يكون مصباحًا مُشعًّا ويساعد الآخرين على إيجاد الدّرب لكي يلتقوا بيسوع. لذلك لنسأل أنفسنا: كيف يمكنني، في البيئات الّتي أعيش فيها، ليس يومًا ما، وإنّما الآن، في عيد الميلاد هذا، أن أكون شاهدًا للنّور، وشاهدًا للمسيح؟

لتساعدنا العذراء مريم، مرآة القداسة، لكي نكون رجالًا ونساءً يعكسون يسوع، النّور الآتي إلى العالم.

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "بالأمس، في مزار سيّدة لوخان، في الأرجنتين، تمَّ إعلان تطويب الكاردينال إدواردو بيرونيو، راع متواضع وغيور، شاهد رجاء ومدافع عن الفقراء. تعاون مع القدّيس يوحنّا بولس الثّاني في تعزيز العلمانيّين وفي الأيّام العالميّة للشّباب. ليساعدنا مثاله لكي نكون كنيسة تخرج، ترافق مسيرة الجميع، ولاسيّما الأشدَّ ضعفًا.

أودّ اليوم أن أتذكّر آلاف المهاجرين الّذين يحاولون عبور غابة دارين، بين كولومبيا وباناما، والّذين غالبًا ما يكونون عائلات لديها أطفال يغامرون بالسّير في مسارات خطيرة، يخدعهم الّذين يعدونهم كذبًا بطريق قصير وآمن، ويتعرّضون لسوء المعاملة والسّرقة، ويفقد عدد كبير منهم حياتهم في تلك الغابة. نحن بحاجة إلى جهد مشترك من جانب البلدان الأكثر تضرُّرًا بشكل مباشر والمجتمع الدّوليّ لكي نمنع هذا الواقع المأساويّ بأن يمرَّ دون أن يلاحظه أحد ولكي نقدّم معًا اجابة إنسانيّة. ولا ننسينَّ إخوتنا وأخواتنا الّذين يتألّمون بسبب الحرب في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل ومناطق الصّراع الأخرى. ليعزّز اقتراب عيد الميلاد الالتزام بفتح دروب سلام.

ما زلت أتلقّى أخبارًا خطيرة ومؤلمة جدًّا من غزّة. مدنيّون عزل يتعرّضون للقصف وإطلاق النّار. وقد حدث هذا حتّى داخل مجمع رعيَّة العائلة المقدّسة، حيث لا يوجد إرهابيّون، بل عائلات وأطفال ومرضى وذوي احتياجات خاصّة وراهبات. قُتلت أمّ وابنتها السّيّدة ناهدة خليل أنطون وابنتها سمر كمال أنطون وأصيب آخرون برصاص القنّاصين، أثناء ذهابهم إلى الحمّام... وتضرّر بيت راهبات الأمّ تريزا، ومولّد الكهرباء الخاصّ بهم. قد يقول أحدهم: "إنّه الإرهاب، إنّها الحرب". نعم، إنّها الحرب، إنّه الإرهاب. ولهذا السّبب يؤكِّد الكتاب المقدّس أنّ "الله يُوقف الحروب... يكسر الأقواس ويكسر الرّماح". لنرفع صلاتنا إلى الرّبّ من أجل السّلام."

وإختتم البابا قائلاً: "والآن أحيّيكم، أيّها الأطفال الأعزّاء، الّذين أحضرتم تماثيل الطّفل يسوع لكي أباركها. سأباركها، وخلال البركة أطلب منكم أن تصلّوا أمام المغارة من أجل الأطفال الّذين سيعيشون عيد ميلاد صعبًا، في مناطق الحرب، وفي مخيّمات اللّاجئين، وفي حالات الفقر المدقع. أشكركم على هذا، وأتمنّى لكم ميلادًا مجيدًا لكم ولعائلاتكم! وأتمنّى للجميع أحدًا مباركًا ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."