الفاتيكان
20 تشرين الأول 2023, 09:30

البابا فرنسيس: ليجعلنا الرّبّ قريبين من جميع المهاجرين واللّاجئين الّذين يطرقون بابنا

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة الجمعيّة العامّة العاديّة السّادسة عشرة لسينودس الأساقفة، ترأّس البابا فرنسيس وقفة صلاة في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان من أجل المهاجرين واللّاجئين، تخلّلها تأمّل قال فيه بحسب "فاتيكان نيوز":

"لن نكون أبدًا ممتنّين بما فيه الكفاية للقدّيس لوقا لأنّه نقل لنا مثل الرّبّ هذا. وهو أيضًا في محور الرّسالة العامّة Fratelli tutti، لأنّه مفتاح، لا بل المفتاح، لكي ننتقل من عالم مغلق إلى عالم مفتوح، من عالم في حالة حرب إلى عالم ينعم بالسّلام. لقد أصغينا إليه هذه اللّيلة ونحن نفكّر في المهاجرين، الّذين نراهم ممثّلين في هذا التّمثال الكبير: رجال ونساء من جميع الأعمار والبلدان.

لم يكن الدّرب الّذي كان يقود من أورشليم إلى أريحا دربًا آمنًا، كما ليست كذلك اليوم دروب الهجرة العديدة الّتي تمرُّ عبر الصّحاري والغابات والأنهار والبحار. كم من الإخوة والأخوات يجدون أنفسهم اليوم في الحالة عينها الّتي يعيشها المسافر في المثل؟ وكم من الّذين يتعرّضون للسّرقة والتّجريد والضّرب على طول الطّريق؟ يغادرون وقد خدعهم تجّار عديمي الضّمير. ليتمّ بعد ذلك بيعهم كسلع تجاريّة. يتمّ اختطافهم وسجنهم واستغلالهم واستعبادهم. ويتعرّضون للإهانة والتّعذيب والاغتصاب. كثيرون يموتون دون أن يصلوا إلى هدفهم. إنّ مسارات الهجرة في عصرنا تزدحم برجال ونساء جرحى وقد ترُكوا نصف أموات، وإخوة وأخوات يصرخ ألمهم إلى الله. وهم في كثير من الأحيان أشخاص يهربون من الحرب والإرهاب، كما نرى للأسف هذه الأيّام.

اليوم أيضًا كما في الماضي، هناك من يرى ويمضي قدمًا، مقدّمًا لنفسه بالتّأكيد تبريرًا جيّدًا، في الواقع بسبب الأنانيّة أو اللّامبالاة أو الخوف. لكن ماذا يقول الإنجيل عن ذلك السّامريّ؟ ويقول إنّه رأى ذلك الرّجل الجريح فأشفق عليه. والشّفقة هي بصمة الله في قلوبنا. هذا هو المفتاح. وهنا نجد نقطة التّحوّل. في الواقع، ومنذ تلك اللّحظة بدأت حياة ذلك الرّجل الجريح في التّحسّن، وذلك بفضل ذلك الغريب الّذي تصرّف كأخ. وبالتّالي فإنّ الثّمرة ليست مجرّد فعل مساعدة صالح، وإنّما هي الأخوَّة. على مثال السّامريّ الصّالح، نحن مدعوّون لكي نقترب من جميع مسافري اليوم، لكي ننقذ حياتهم، ونشفي جراحهم، ونُخفِّف آلامهم. بالنّسبة للكثيرين، لسوء الحظّ، فات الأوان ولم يبق لدينا سوى أن نبكي على قبورهم، إذا كان لديهم قبر. لكن الرّبّ يعرف وجه كلّ واحد منهم ولا ينساه.

إنَّ السّامريّ الصّالح لم يكتفِ بمساعدة المسافر المسكين على الطّريق. بل حمله على دابته وذهب به إلى فندق واعتنى بأمره. هنا يمكننا أن نجد معنى الأفعال الأربعة الّتي تلخّص عملنا مع المهاجرين: الاستقبال والحماية والتّعزيز والإدماج. إنّها مسؤوليّة طويلة الأمد، في الواقع، يلتزم السّامريّ الصّالح في الذّهاب وفي العودة. ولهذا السّبب من المهمّ أن نعدّ أنفسنا بشكل مناسب لكي نواجه تحدّيات الهجرات اليوم، ونفهم لا قضاياها الحرجة وحسب، وإنّما أيضًا الفرص الّتي توفّرها، في ضوء نموّ مجتمعات أكثر إدماجًا وأكثر جمالاً وأكثر سلامًا.

إسمحوا لي أن أسلّط الضّوء على الحاجة الملحّة لعمل آخر، لم يتطرّق إليه المثل. يجب علينا جميعًا أن نلتزم بأن نجعل الدّرب أكثر أمانًا، لكي لا يقع مسافرو اليوم ضحيّة لقطّاع الطّرق. كذلك من الضّروريّ مضاعفة الجهود من أجل محاربة الشّبكات الإجراميّة الّتي تستغلّ آمال وأحلام المهاجرين. ولكن من الضّروريّ أيضًا الإشارة إلى دروب أكثر أمانًا. ولهذا السّبب، علينا أن نلتزم بتوسيع قنوات الهجرة النّظاميّة. وفي الوضع العالميّ الحاليّ، من الواضح أنّه من الضّروريّ أن تدخل السّياسات الدّيموغرافيّة والاقتصاديّة في حوار مع سياسات الهجرة لصالح جميع الأشخاص المعنيّين، دون أن ننسى أبدًا بأن نضع الفئات الأكثر ضعفًا في المحور. ومن الضّروريّ أيضًا أن نعزّز نهجًا مشتركًا ومسؤولًا بشكل مشترك لإدارة تدفّقات الهجرة، الّتي يبدو أنّ مصيرها هو أن تتزايد في السّنوات المقبلة.

لنطلب من الرّبّ نعمة أن يجعلنا قريبين من جميع المهاجرين واللّاجئين الّذين يطرقون بابنا، لأنّ اليوم "كلّ من ليس سارقًا ولا عابر سبيل إمّا يجرح نفسه أو يحمل جريحًا على كتفيه". والآن سنقف دقيقة صمت، لنتذكّر جميع الّذين فقدوا حياتهم على طول مسارات الهجرة المختلفة."