الفاتيكان
02 كانون الأول 2018, 14:54

البابا فرنسيس: لنصلِّ ونساعد المسيحيّين لكي يبقوا في سوريا والشّرق الأوسط كشهود للرّحمة والمغفرة والمصالحة

تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان.


 

وبحسب "فاتيكان نيوز"، قبل الصّلاة ألقى الأبّ الأقدّس كلمة استهلّها بالقول: "يبدأ اليوم زمن المجيء، الزّمن اللّيتورجيّ الّذي يُعدُّنا لعيد الميلاد ويدعونا لنرفع نظرنا ونفتح قلوبنا لاستقبال يسوع المنتظر من النّاس. في زمن مجيء نحن لا نعيش انتظار الميلاد وحسب بل نُدعى أيضًا لنوقِظَ انتظار عودة المسيح بالمجد إذ نستعدُّ للقاء الأخير معه من خلال خيارات صادقة وشجاعة. وبالتّالي نحن مدعوّون، خلال هذه الأسابيع الأربعة، للخروج من أسلوب عيش استسلاميّ واعتياديّ ولتغذية الرّجاء والأحلام من أجل مستقبل جديد.

إنّ إنجيل هذا الأحد يسير أيضًا في هذا الاتّجاه ويحذِّرنا من أن نسمح لأسلوب حياة أنانيّ ولوتيرة أيّام جامحة من أن تثقّل علينا وترهقنا. ولذلك يتردد صدى كلمات يسوع بشكل قاطع: "فإحذَروا أَن يُثقِلَ قُلوبَكُمُ السُّكْرُ والقُصوفُ وهُمومُ الحَياةِ الدُّنيا، فَيُباغِتَكم ذلِكَ اليَومُ كأَنَّه الشّبك... فاسهَروا مُواظِبينَ على الصَّلاة".

السّهر والصّلاة: هكذا ينبغي علينا أن نعيش هذا الزّمن من اليوم وصولاً إلى عيد الميلاد. إنّ السّبات الدّاخليّ يولد من الدّوران الدّائم حول أنفسنا ومن البقاء منغلقين في حياتنا مع مشاكلها وأفراحها وآلامها. هنا نجد جذور الفتور والكسل اللذان يتحدّث عنهما الإنجيل. ولذلك يدعونا زمن المجيء لالتزام السّهر وللنظر أبعد من ذواتنا فنوسِّع أذهاننا وقلوبنا لننفتح على احتياجات الإخوة والرّغبة في عالم جديد. إنّها رغبة العديد من الشّعوب المعذّبة بسبب الجوع والظّلم والحرب؛ إنّها رغبة الفقراء والضّعفاء والمتروكين. وبالتّالي هذا الزمن هو ملائم لنفتح قلوبنا ونسأل أنفسنا أسئلة ملموسة حول كيفية عيشنا لحياتنا.

أما الموقف الثّاني، لنعيش بشكل جيد زمن انتظار الرّبّ فهو موقف الصّلاة؛ يقول لنا إنجيل لوقا "انتَصِبوا قائمين وَارفَعوا رُؤُوسَكُم لأنَّ اِفتِداءَكم يَقتَرِب". إنّها دعوة للنّهوض والصّلاة موجّهين أفكارنا وقلوبنا نحو يسوع الّذي سيأتي. نحن ننهض عادة عندما نكون في انتظار شيء ما أو أحد ما؛ ونحن ننتظر يسوع ونريد أن ننتظره في الصّلاة الّتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسهر.

لكن، ما هو أفق انتظارنا المصلّي هذا؟ يدلّنا إليه صوت الأنبياء في الكتاب المقدّس. ويدلنا اليوم صوت النّبيّ إرميا الذي يكلِّم الشعب الّذي يعاني بسبب النّفي ويواجه خطر فقدان هويّته. نحن المسيحيّون أيضًا، شعب الله، نواجه خطر أن يسيطر علينا روح العالم فنفقد هويتنا؛ لذلك نحن بحاجة لكلمة الله من خلال النّبيّ الذي يعلن لنا: "ها إِنَّها تَأَتي أَيَّام، يَقولُ الرَّبّ، أُقيمُ فيها الكَلامَ الصَّالِح، الَّذي تَكَلَّمتُ بِه... فأُنبِتُ لِداوُدَ نَبْتًا صِدِّيقًا، فيُجري الحُكمَ وَالعَدْلَ في الأَرض".

وإختتم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ بالقول: "لتّساعدنا العذراء مريم، امرأة الانتظار والصّلاة، لكي نقوّي رجاءنا في وعود إبنها يسوع لكي يجعلنا نختبر أنّ، ومن خلال مآسي التّاريخ، يبقى الله أمينًا ويستخدم الأخطاء البشريّة ليُظهر رحمته."

 

وبعد صلاة التّبشير الملائكيّ قال الأبّ الأقدّس: أريد الآن أن أتبنّى رجاء أطفال سوريا بالسّلام، سوريا الّتي تعذّبها حرب قائمة منذ ثماني سنوات. لذلك وإذ أشارك في مبادرة "مساعدة الكنيسة المتألِّمة" سأشعل الآن شمعة مع العديد من أطفال سوريا والمؤمنين في العالم الذين يشعلون اليوم شموعهم.

لتبدّد شعلات الرّجاء هذه ظلام الحرب! لنصلِّ ونساعد المسيحيّين لكي يبقوا في سوريا والشّرق الأوسط كشهود للرّحمة والمغفرة والمصالحة؛ ولتبلغ شعلة الرّجاء أيضًا جميع الذين يعيشون خلال هذه الأيام نزاعات وتوترات في مختلف أنحاء العالم القريبة والبعيدة. لتساعدهم صلاة الكنيسة لكي يشعروا بقرب الله الأمين ولتلمس جميع الضّمائر من أجل التزام صادق لصالح السّلام. وليسامح الله ربنا الذين يصنعون الحرب والذين يصنعون الأسلحة ليدمّروا بعضهم البعض وليحوّل قلوبهم. لنصلِّ من أجل السّلام في سوريا الحبيبة!"