الفاتيكان
04 أيار 2020, 11:53

البابا فرنسيس: لنصلِّ من أجل العائلات لكي تستمرّ بسلام وإبداع وصبر في الحجر الصّحّيّ

تيلي لوميار/ نورسات
"نصلّي اليوم من أجل العائلات في زمن الحجر الصّحّيّ هذا لكي تسعى كلّ عائلة منغلقة في البيت إلى القيام بالعديد من الأمور الجديدة بإبداع مع الأطفال والجميع لكي تسير قدمًا؛ ومن ثمَّ هناك أيضًا أمر آخر، إذ نجد أحيانًا العنف المنزليّ. لنصلِّ من أجل العائلات لكي تستمرّ بسلام وإبداع وصبر في هذا الحجر الصّحّيّ".

على هذه النّيّة صلّى البابا فرنسيس خلال القدّاس الصّباحيّ اليوم في كابيلا القدّيسة رفقا، توقّف عند القراءة الأولى من كتاب أعمال الرّسل والّتي يوبّخ فيها بطرس الإخوة الّذين خاصموه لأنّه "دَخَلَ إِلى أُناسٍ قُلْفٍ وأَكَلَ معَهم" ويخبرهم كيف حلّ عليهم الرّوح القدس، وقال بحسب "فاتيكان نيوز": لقد فعل بطرس ذلك لأنّ الرّوح القدس قد قاده، ولكن هناك في الكنيسة على الدّوام ذلك الواقع بأنّ نعتبر أنفسنا أبرارًا والآخرين خطأة. وهذا مرض الكنيسة الّتي تولد من الإيديولوجيّات أو الأحزاب الدّينيّة. إنّه فكر دنيويّ يقوم بتفسير الشّريعة، وأفكار تخلق الانقسامات لدرجة تجعل الانقسام يصبح أكثر أهمّيّة من الوحدة، ويجعل فكرتي أهمّ من الرّوح القدس الّذي يقودنا. لكن الرّبّ يريد الوحدة. أمّا في الإنجيل فيؤكّد يسوع قائلاً: "لي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لا بُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد". راع واحد للجميع: كبار وصغار، أغنياء وفقراء، صالحون وأشرار، لقد جاء من أجل الجميع ومات من أجل الجميع. حتّى من أجل الأشخاص الّذين لا يؤمنون به أو من ديانات أخرى: لقد جاء من أجل الجميع. لدينا فاديًا واحدًا. أمّا التّجربة فهي أن يقول المرء أنا أنتمي لهذا الطّرف أو للطّرف الآخر. إنّ الاختلافات جائزة ولكن في وحدة الكنيسة على الدّوام. لدينا جميعًا راع واحد وهو يسوع.

صعد بطرس إلى أورشليم فخاصمه المؤمنون لأنّه "دَخَلَ إِلى أُناسٍ قُلْفٍ وأَكَلَ معَهم"، لقد أكل مع الوثنيّين وهذا الأمر لم يكن ممكنًا وكان يُعتبر خطيئة. لم تكن طهارة الشّريعة تسمح بذلك. لكن بطرس قام بذلك لأنّ الرّوح القدس هو الّذي قاده إلى هناك. لقد وُجد على الدّوام في الكنيسة– ولاسيّما في الكنيسة الأولى لأنّ الأمور لم تكن واضحة بعد– هذا الرّوح القائل: "نحن أبرار أمّا الآخرون فهم خطأة"، هذا الفصل بين الـ"نحن" والـ"آخرين". وهذه هي الانقسامات: "نحن الّذين نملك الموقف الصّالح إزاء الله"، أمّا الآخرون فهم المحكوم عليهم. وهذا هو أحد أمراض الكنيسة، مرض يولد من الإيديولوجيّات والأحزاب الدّينيّة... لنفكّر أنّه في زمن يسوع كان هناك على الأقل أربعة أحزاب دينيّة: الفرّيسيّون والصّدّيقيّون والغيورون والحسديّون وكلّ مجموعة منهم كانت تملك فكرتها الخاصّة حول الشّريعة. وبالتّالي كانوا يخاصمون يسوع على الدّوام لأنّه كان يدخل إلى بيوت العشّارين– الّذين كانوا خطأة بحسب هذه المجموعات– ويأكل معهم ومع الخطأة لأنّ طهارة الشّريعة لم تكن تسمح بذلك... ولكن الخصام يولّد الانقسام وهذا أمر مهمّ أرغب في أسلّط الضّوء عليه.

هناك أفكار ومواقف تولّد الانقسام لدرجة أنّ الانقسام يصبح أهمّ من الوحدة؛ لأنّ فكرتي أهمّ من الرّوح القدس الّذي يقودنا. هناك كاردينال متقاعد هنا في الفاتيكان وهو راع صالح، كان يقول للمؤمنين: "الكنيسة هي كالنّهر، قد يقف البعض في جهة والبعض الآخر في جهة أخرى ولكنّ الأهمّ هو أنّهم جميعًا داخل النّهر". هذه هي وحدة الكنيسة. لا أحد في الخارج والجميع في الدّاخل، ومن ثمَّ هناك التّفاصيل: هذا لا يقسم وهذا ليس إيديولوجيّة وهذا شرعيّ. ولكن لماذا تملك الكنيسة وسع النّهر هذا؟ لأنّ الرّبّ يريدها هكذا. يقول لنا الرّبّ في الإنجيل: "لي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لا بُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد". يقول الرّبّ: "لديّ خراف في كلِّ مكان وأنا راعي الجميع". هذا الـ"جميع" في يسوع هو مهمٌّ جدًّا. لنفكّر في مثل العرس عندما لم يرغب المدعوّون في الذّهاب للمشاركة: ذلك لأنّه اشترى حقلاً والآخر لأنّه تزوّج... كلّ واحد قدّم سببًا لكي لا يذهب؛ فغضب ربُّ البيت وقال لخدمه: "الوَليمَةُ مُعَدّةٌ ولكِنَّ المَدعوَّينَ غيرُ مُستَحِقِّين، فَاذهَبوا إِلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إِلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَه". الجميع: كبار وصغار، أغنياء وفقراء، صالحون وأشرار. هذا "الجميع" هو رؤية الرّبّ الّذي جاء من أجل الجميع ومات من أجل الجميع. لقد مات أيضًا من أجل ذلك الّذي يجعل حياتي مستحيلة؛ ومات من أجل ذلك اللّصّ والسّارق، لقد مات من أجل الجميع. حتّى من أجل الأشخاص الّذين لا يؤمنون به أو من ديانات أخرى: لقد مات من أجل الجميع. وهذا الأمر لا يعني اقتناصًا وإنّما أنّه بموته قد برّر الجميع.

هناك سيّدة في روما، معلّمة كانت تقول عندما كان هناك صعوبات وأحزاب: "إنَّ المسيح قد مات من أجل الجميع لنسر قدمًا!". هذه هي القدرة البنّاءة. لدينا فادٍ واحد ووحدة واحدة والمسيح قد مات من أجل الجميع. أمّا التّجربة والّتي عاشها بولس أيضًا وعشناها نحن أيضًا لخمسين سنة خلت بعد المجمع الفاتيكانيّ الثّاني: الأمور والانقسامات الّتي تألّمت الكنيسة بسببها. وبالتّالي هناك أمران: مخاصمة التّلاميذ لبطرس لأنّه دخل بيت وثنيّين ويسوع الّذي يقول إنّه راعي الجميع إذ يؤكِّد: "لي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لا بُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد". إنّها صلاة الوحدة من أجل جميع البشر، جميع الرّجال والنّساء... لدينا جميعًا راع واحد وهو يسوع.  

ليحرّرنا الرّبّ من بسيكولوجيا الانقسام وليساعدنا لكي نرى ذلك في يسوع، ذلك الأمر العظيم بأنّنا جميعًا إخوة فيه وهو راعي الجميع. "الجميع" لترافقنا هذه الكلمة اليوم في نهارنا".